لا تزال دوافع الهجوم الدموي الذي راح ضحيته 10 أشخاص في أوربرو تشغل السويد. اليوم أعلنت الشرطة أنها ما زالت غير قادرة على تحديد الدافع، حيث تشير التحقيقات حتى الآن إلى أن الضحايا تم اختيارهم عشوائياً، فيما تواصل الشرطة عملها لكشف كافة تحركات القاتل ريكارد أندرشون قبل تنفيذ جريمته في مدرسة ريسبيكشا لتعليم البالغين، وكذلك إمكانية تكوين صورة أوضح حول دوافع الجريمة. المسؤولة في الشرطة إميلي بوديغرِم قالت في مؤتمر صحفي إن الشرطة استعانت بفريق تحليل شخصيات الجناة لفهم شخصية الجاني وسبب اختياره المدرسة، مؤكدة أن الشرطة تعمل على نطاق واسع ولا تستثني شيئاً، لكنها مستعدة أيضًا لعدم الحصول على الإجابات التي تريدها. ولم ترغب الشرطة في التعليق أكثر على الحالة النفسية للجاني. وفي معلومات جديدة، أعلنت الشرطة أن منفذ الهجوم استخدم ثلاث قنابل دخانية وأطلق 70 طلقة خلال العملية قبل أن يطلق النار على نفسه. واستجابت أول دورية شرطة خلال ست دقائق بعد تلقي البلاغ الأول عند الساعة 12:33 ظهر الثلاثاء 4 فبراير. وبعد وصولها إلى المكان، تم إطلاق رصاصتين فقط، إحداهما لم تصب أحداً، بينما أنهت الأخرى حياة منفذ الهجوم. ولا تزال الشرطة تحقق في فجوة زمنية في تحركات الجاني، حيث شوهد آخر مرة عند حوالي الساعة السابعة والنصف صباحاً في محطة الحافلات، ثم لم يُرَ مجددًا حتى الحادية عشرة والنصف داخل المدرسة، أي بعد قرابة أربع ساعات. وحثّت الشرطة أي شخص لديه معلومات عن تحركات الجاني في تلك الفترة على الاتصال بالشرطة. الشرطة نشرت صورة جديدة لمنفذ الهجوم تظهره قبل لحظات من تنفيذ هجومه الدامي. ويظهر أندرشون في الصورة التي التقطتها كاميرات المراقبة، وهو يرتدي ملابس داكنة، ويحمل حقيبة غيتار وكيساً بلاستيكياً. وفي سياق متصل أعلن الادعاء العام السويدي أنه طلب مساعدة قانونية دولية في إطار التحقيقات المتعلقة بالهجوم، دون الكشف عن طبيعة المساعدة المطلوبة. وفي الوقت نفسه، أظهرت استطلاعات رأي رضا واسعاً بين السويديين عن تعامل الحكومة والشرطة مع الحادثة.

تشهد بعض الصفحات على وسائل التواصل انتشار تعليقات يعتبرها كثيرون “محرضة على الكراهية” إضافة إلى منشورات قد تعتبر تهديداً وتستهدف مجموعات بعينها. عدد من متابعي الكومبس عبّروا عن قلقهم إزاء ذلك، فيما قال أحدهم إنه تسلم رسالة بالبريد تتضمن صوراً “مسيئة للمسلمين”. ومن أمثلة المنشورات، منشور كتب من قبل اسم وهمي على موقع فلاش باك جاء فيه أن الشخص يعاني من الاكتئاب ويريد أن ينتحر لكن قبل ذلك يريد أن يقتل العديد من الأشخاص معه خصوصاً أنه يشعر أن الوقت مناسب بعد هجوم أوربرو. كما تعرضت شركات لتعليقات كراهية على منشوراتها باللغة العربية. وقال صاحب أحد المطاعم إنه يشعر بالقلق إزاء هذه التعليقات، خصوصاً أن رواد مطعمه معظمهم من المهاجرين. وفي حادثة أخرى تلقى شاب مقيم في كيرونا بريداً من ألمانيا يحوي صوراً مسيئة للإسلام والمسلمين، الأمر الذي دفعه لتقديم بلاغ للشرطة، فطلبت منه عدم فتح المغلف إن تلقى رسائل أخرى في المستقبل لتتمكن الشرطة من رفع البصمات. الشرطة قالت للكومبس إنها على دراية بخصوص منشورات تحوي تهديداً، مؤكدة أنها اتخذت الإجراءات اللازمة دون الخوض في تفاصيل هذه الإجراءات.

حزب الليبراليين يسعى لتعديل القانون ليتضمن إمكانية سحب الأطفال حديثي الولادة من ذويهم إذا كانوا مرتبطين بالجريمة المنظمة، وذلك مباشرة بعد الولادة في المستشفى. رئيس الحزب يوهان بيرشون، قال إن “إحدى المشاكل هي أن تدخل المجتمع لحماية الأطفال الذين يتعرضون للخطر أو يرتكبون الجرائم يأتي متأخراً جداً”، معتبراً أن تربية الأطفال في بيئات إجرامية ليس الأفضل للطفل. ولا يحدد القانون السويدي حالياً أنواع المشاكل لدى الوالدين التي يمكن أن تؤدي إلى سحب الأطفال، بل يعتمد الأمر على تقييم حجم الخطر الذي قد يواجهه الطفل في المنزل. وهذا يعني أنه بإمكان الخدمات الاجتماعية تولي الرعاية القسرية للأطفال إذا كان والداهم مرتبطين بعصابات إجرامية، في حال كان ذلك يشكل خطراً على الطفل نفسه. غير أن الليبراليين يريدون تعديل القانون للنص على أن ارتباط الوالدين بالجريمة المنظمة الخطيرة يجب أن يكون سبباً لسحب الأطفال. وفي سياق آخر، أعلنت الحكومة عن إجراءات جديدة تهدف إلى تعزيز قدرة الشرطة على إزالة المحتوى غير القانوني من الإنترنت، خصوصاً ذلك الذي تستخدمه العصابات الإجرامية لتجنيد الأطفال.

يواجه وزير الهجرة يوهان فورشيل انتقادات حادة من حلفائه في حزب ديمقراطيي السويد إس دي، بعد تصريحات للوزير حول مستقبل السويد كمجتمع متعدد الثقافات. فورشيل قال في مقابلة صحفية إن السويد ستظل مجتمعًا متعدد الثقافات، حتى بعد تنفيذ الإصلاحات الجديدة في سياسة الهجرة والاندماج المتفق عليها في اتفاق تيدو. الوزير أكد أن الاندماج في المجتمع السويدي يجب أن يكون أكثر وضوحًا، مشيرًا إلى أنه لا يستبعد فرض “إعلان الولاء” للسويد كشرط للحصول على الجنسية، وهو مطلب يدعمه حزب إس دي. غير أن موقف الوزير أثار انتقاد رئيس إس دي جيمي أوكيسون، الذي وصف كلام الوزير بـ”المفاجئ والمقلق”. واعتبر أوكيسون في منشور على منصة “إكس” أنه من السذاجة الاستسلام لفكرة التعددية الثقافية، مشدداً على أن السويد يجب ألا تكون متعددة الثقافات. كما توالت الانتقادات من قياديي الحزب، وقال ريكارد يومسهوف إنه يجب تفكيك المجتمع متعدد الثقافات في أسرع وقت ممكن”. وزير الهجرة رد على هجوم إس دي بالقول إن السويد ستظل بلداً حيث يبدو الناس مختلفين ويأتون من خلفيات وثقافات مختلفة.

أُدين موظف سابق في مصلحة الهجرة بجريمة سوء السلوك الوظيفي الجسيم، بعد منحه 66 تصريح إقامة وعمل في آخر يوم له في الوظيفة، رغم أنه لم يكن مخولًا باتخاذ هذه القرارات. الموظف استقال في أغسطس 2021 بعد أن أُبلغ بعدم أحقيته في اتخاذ قرارات بشأن تصاريح الإقامة، لكنه تجاهل التعليمات، ووافق في آخر يوم عمل في مصلحة الهجرة على عشرات تصاريح الإقامة، وهو ما وصفته المحكمة بأنه “مفرط بشكل كبير”. المدعي العام يواكيم زاندرقال إن زملاء الموظف أجمعوا على أن هذا العدد لا يمكن اتخاذه في يوم واحد، مشيرًا إلى أن دوافعه غير واضحة. وبعد استقالته، أخذ الموظف إجازة والدية ثم التحق بالشرطة، لكن البلاغ الذي قدمته مصلحة الهجرة أدى إلى فتح تحقيق، ليتم فصله من عمله في الشرطة بعد إدانته. كما تسبب التحقيق في فقدان زوجته، التي تعمل في هيئة حكومية سويدية، لتصنيفها الأمني، ما أدى إلى إيقافها عن العمل .