افتتاحية الكومبس

إلى أين يأخذ كريسترشون حزبه والسويد؟

: 11/10/23, 12:35 PM
Updated: 11/10/23, 1:39 PM
إلى أين يأخذ كريسترشون حزبه والسويد؟

الأمور في السويد تتجه نحو التدهور، يقول أوكيسون “الاصطناعي” باللغة العربية، وهو يتحدث عن مساوئ سياسة الهجرة. السويد في الوقت نفسه “بلد الفرص” يقول أوكيسون وهو يحمّل بعض المهاجرين مسؤولية “فشلهم”.

ينجح أوكيسون في سحب البساط من تحت حلفائه أحزاب الحكومة، يضعهم كلهم وراء ظهره في استطلاعات الرأي، بل إنه في الحقيقة يبتلعهم.

في آخر استطلاع للرأي أجراه مركز Indikator Opinion لصالح إيكوت حصل أولف كريسترشون وحزبه على 16.1 بالمئة فقط. نتيجة تقترب من النتيجة الكارثية التي حصل عليها الموديرات برئاسة بو لوندغرين في انتخابات 2002 حين صوت لهم 15.1 بالمئة من الناخبين. خسر المحافظون حينها مئات آلاف الأصوات، وكتبت جيسيكا ريتسين في أفتونبلادت بعد إعلان النتائج مباشرة “كان هناك صمت تام عند قراءة الأرقام ثم ساد الهدوء لفترة طويلة”.

يسود الصمت الآن كريسترشون وهو يرى أوكيسون يحصد 22 بالمئة من الأصوات على حسابه.

الوقت ما زال مبكراً على حسابات الانتخابات غير أنه لا شيء يشي حتى الآن بأن كريسترشون وشركاءه في الحكومة، إيبا بوش ويوهان بيرشون (الحزبان حصلا على أقل من نسبة الـ4 بالمئة المطلوبة لدخول البرلمان)، سيقلبون الطاولة على رئيس SD.

يواجه كريسترشون أزمات غير مسبوقة في السويد، تعثّر الناتو والحرب بين العصابات وأزمة التضخم وحرق المصحف والتهديد الإرهابي وانقسام بدأت حرب غزة تنتجه في المجتمع السويدي. يركّز الخطاب العام لرئيس الوزراء على تحميل من سبقوه من الاشتراكيين مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع. ويشترك مع أوكيسون في ربط معظم المشكلات بالهجرة. غير أن مرابح تشديد سياسة الهجرة، وهو أكثر ما تنجح فيه الحكومة حتى الآن، تصب في جيب أوكيسون الذي بات يتزعم اليمين دون منازع.

لم ينجح كريسترشون في توحيد السويديين خلفه، حتى في أشد الأوقات خوفاً، حين ضربت العصابات وفجّرت بقوة أوائل الخريف. خطاب الأمة الذي ألقاه رئيس الوزراء في 28 سبتمبر لم ينجح على الأغلب في أن يكون خطاباً للأمة.

تواجه السويد، خصوصاً الطبقة الوسطى، ظروفاً اقتصادية صعبة بسبب أزمة التضخم ونُذر ركود اقتصادي قد تدفع آلاف العاملين اليوم إلى أن يصبحوا باحثين عن عمل. الأجواء تذكّر بأزمة 2008 مع اختلاف الأسباب والظروف. حينها استطاع رئيس الموديرات فريدريك راينفيلد النجاة بحزبه والسويد معاً. كافأه السويديون في 2010 بأكبر نسبة يحصل عليها الحزب في تاريخه، 30 بالمئة من الأصوات، ليقود الحكومة مجدداً للمرة الأولى في تاريخ المحافظين.

لا يشبه كريسترشون راينفيلد الذي تحوّل بين 2006 و2014 إلى قائد تاريخي للحزب، وحوّله من حزب قومي محافظ إلى ليبرالي معتدل. فالحزب نفسه عاد أدراجه إلى قواعده القومية والمحافظة بعد خسارة انتخابات 2014. وعُلقت أسباب الخسارة على سياسة الهجرة المفتوحة التي اتبعها راينفلد. في هذه الأجواء تسلم كريسترشون قيادة الحزب.

وعد خطاب كريسترشون إبان الحملة الانتخابية بتجاوز “تركة الاشتراكيين الثقيلة” حين يمسك بالسلطة، وكان للسلطة ثمن اسمه التحالف مع SD. وبدل أن تهذّب الأحزاب البرجوازية الحزب “المتطرف” سحبها إلى ملعبه، فهو الحزب الاعلى صوتاً في مواجهة الأساس الذي تعتبره الأحزاب الأربعة سبباً للمشكلات كلها: “الهجرة”.

يغذي مجمل خطاب SD الانقسام في المجتمع، خصوصاً بين مهاجرين وسويديين أصليين. ولهذا عواقب تنبئ التجارب القريبة والبعيدة بخطورتها في ظل وضع مشحون كالذي يسود الآن.

فهل يستمر الموديرات في تجاهل السيل الذي يجرفهم وقد يجرف السويد إلى الارتطام بالصخر، أم أن لكريسترشون حسابات أخرى تعوّل على نجاح الحكومة في مواجهة كل هذه الازمات دفعة واحدة، أم أن تراكم الازمات سيجبر الأحزاب العريقة على اجتراح حل كحكومة وحدة بين الموديرات والاشتراكيين مثلاً؟

الخشية أن السيل يجرف كريسترشون وهو يبتسم ابتسامته الباردة المعهودة.

مهند أبو زيتون

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.