حكومة كريسترشون أطلقت تحقيقاً لمعرفة مدى انتشار العنف والاضطهاد المرتبط بالشرف في مدارس السويد وطرائق مواجهته. إنه بالنسبة لها “أكبر تحد لمبدأ المساواة في المدارس السويدية”. قضية ذات أولوية لأحزاب تيدو، وربما أكثر أولوية لحزب SD الذي يرفض اعتبار الحجاب رمزاً دينياً أو ثقافياً بل يعتبره جزءاً من ثقافة الشرف ويطالب بحظره كلياً في المدارس. غير أن الحكومة نفسها تصمت صمت القبور حين ترتكب سياسيةٌ من حزب المحافظين “خطأ” يؤدي إلى تسفير فتاة معرضة لخطر الاضطهاد المرتبط بالشرف وما زالت مختفية حتى الآن.
الأمثلة التي أوردتها الحكومة خلال المؤتمر الصحفي الأربعاء عن الاضطهاد المرتبط بالشرف شملت أموراً مثل منع الأطفال من اللعب مع من يريدون، أو عدم السماح لهم بارتداء ملابس قصيرة خلال الصيف، أو عدم السماح لهم بالذهاب إلى المسبح، أو منع الأطفال الصغار في الروضات من النوم بجانب طفل من الجنس الآخر أثناء فترة القيلولة، غير أن هناك مثلاً صارخاً عن اضطهاد الشرف لم تستعن به الحكومة، رغم أنه مثل حقيقي وليس افتراضياً، حماية فتاة معرضة بشكل جدي للتزويج القسري أو حتى القتل.
الفتاة في سن المراهقة وتعرضت للعنف في نينسهامن، وقدّرت الخدمات الاجتماعية أنها تعرضت للعنف البدني والإيذاء النفسي في أسرتها. وقالت الفتاة إنها تعرضت للضرب وتخشى أن يتم تزويجها قسراً أو قتلها. وفق ما ذكرت صحيفة نينسهامن المحلية. صدر قرار بحظر السفر المؤقت. وأكدت المحكمة الإدارية ومحكمة الاستئناف حظر السفر في وقت لاحق، وخلصت إلى أن قصة الاعتداء على الفتاة ذات مصداقية. غير أن رئيسة لجنة الرعاية الاجتماعية كريستينا سونرغرين من حزب المحافظين قررت دون تحقيق رفع حظر السفر الحالي. وفق تقرير مفتشية الصحة والرعاية (IVO).
في 31 ديسمبر 2024، سافرت العائلة مع الفتاة إلى بغداد، وشكّت الشرطة العراقية فيما إن كان ينبغي السماح لهم بالدخول أو إعادتهم إلى السويد بسبب قرار الرعاية القسرية وحظر السفر. واتصلت الشرطة العراقية بالسلطات السويدية لتتأكد فردت رئيسة لجنة الرعاية الاجتماعية برفع حظر السفر. وخلص تحقيق أجرته IVO إلى أن القرار عرض سلامة الفتاة للخطر وتم اتخاذه على أساس شخصي.
اعترفت سونرغرين بخطئها وقالت إنها اتخذت القرار في “موقف مضغوط وخلال وقت قصير جداً”، مؤكدة أن القرار كان ينبغي أن يتخذ من قبل السلطات المعنية وليس من قبل السياسيين. وفق ما نقلت الصحيفة المحلية.
أوقفت مفتشية الصحة والرعاية سونرغرين مؤقتاً عن عملها لحين انتهاء التحقيق. ورفضت المسؤولة مطالب استقالتها بدعوى “الاستغلال السياسي”. ولم يحرك حزب المحافظين ساكناً في قضية تقول حكومته إنها أولوية.
رسالتان متناقضتان خلال أسبوع
قد يهز صمت الحكومة في قضايا مثل هذه الثقة بدوافعها في معالجة قضايا “اضطهاد الشرف”، ويثير المخاوف من أن تُوجه هذه المعالجة ضد فئة معينة.
إبان إقرار قانون يشدد عقوبة الاضطهاد المرتبط بالشرف في يونيو 2022، حذّرت هيئات عدة من أن القانون قد يؤدي إلى التمييز. وكتبت محكمة أوميو أن هناك خطراً من أن يُحاكم الاشخاص من “أصل معين أو دين معين” بشدة أكبر من “السويديين العرقيين” على الأفعال نفسها، فالقمع نفسه قد يمارس على المراهق دون دافع الشرف. وقالت لجنة كلية الحقوق في جامعة ستوكهولم إن القانون ينطوي على مخاطر تؤدي إلى “وصم مجموعات معينة”. ورفض مجلس القانون (Lagrådet) اقتراح الحكومة بسن القانون الجديد. ورأى المجلس أن القانون المقترح ينطوي على خطر التمييز ضد مجموعات معينة.
في الأسبوع الماضي أعطت الحكومة رسالتين متناقضتين في قضية “اضطهاد الشرف”، مرة بالتأكيد على أولوية القضية وأخرى بتجاهل قصة عرّضت فتاة لخطر حقيقي.
إن معرفة مدى انتشار الأفعال التي يمكن اعتباراً اضطهاداً مرتبطاً بالشرف أمر مهم لمعالجة قضية خطيرة كهذه. المعالجة الحقيقية تنطلق من معرفة واقعية بمدى انتشار الظاهرة والجذور الاجتماعية لها بعيداً عن وصم مجموعة من الناس بناء على انتمائهم العرقي أو الديني، خصوصاً أنها ظاهرة عابرة للأديان والمجتمعات. أما توظيف الظاهرة بشكل شعبوي لتأكيد فكرة “التفوق” الثقافي أو العرقي فقد يفيد حزباً مثل SD لكنه يضر بالحكومة والسويد.
مهند أبو زيتون
ما هو الاضطهاد المرتبط بالشرف؟
يتعلق الاضطهاد المرتبط بالشرف حسب موقع Hedersfortryck.se بتقديم سمعة المجموعة على احتياجات الفرد وحقوقه، ومن أمثلة ذلك:
لا يسمح له بالمشاركة في جميع المواد والأنشطة المدرسية.
لا يسمح بالمشاركة في الأنشطة الترفيهية.
لا يحصل الفرد على حرية اختيار أصدقائه.
لا يسمح له بأصدقاء من الجنس الآخر.
لا يسمح له بارتداء ملابس معينة.
هناك شرط معلن أو غير معلن بأن تكون الفتاة عذراء قبل الزواج.
تأثير أولياء الأمور أو الأقارب القسري على قرارات الفرد في اختيار شريك حياته.