الرعاية الصحية

أصيبت بجلطة دماغية ولم يتابع حالتها أحد في المركز الصحي

: 11/28/24, 10:47 AM
Updated: 12/2/24, 2:53 PM
Foto: Fredrik Sandberg / TT
أرشيفية - Foto: Fredrik Sandberg / TT

الكومبس – خاص: “تخيلوا أنكم تشاهدون مع عائلتكم أحد الأفلام التي تحتوي على بعض المؤثرات الصوتية والبصرية، ليهاجمَ رأسكم صداعٌ شديد يأتي على شكل ألمٍ نابضٍ لا يُطاق، فتتحول بعدها الجلسة العائلية إلى ليلةٍ أقضيها في قسم الاسعاف..” هذا ما تشعر به هبة قنديل (38 عاماً)، المقيمة في مدينة يوتيبوري والتي عانت طيلة أربع سنوات من ارتفاع ضغط شديد ترافق مع نوبات شقيقة (migrän) مستمرة.

هبة جاءت إلى السويد العام 2017 وكانت في المرتبة الاولى بين خريجي جامعتها في مدينة حمص السورية، وكانت تخطط لتعديل شهادتها الجامعية وتحقق حلمها في أن تصبح معلمة، لكن حالتها الصحية وقفت حجر عثرة أمامها بسبب “سوء التشخيص”، و”عدم المتابعة المستمرة لحالتها الصحية” من قبل المستوصف المُسجلة فيه في مدينة يوتيبوري وفقاً لما ترويه هبة للكومبس.

التاريخ المرضي لحالة هبة

تقول هبة “بعد ولادتي بابني بنحو أربعين يوماً راجعت قسم الاسعاف بسبب نوبة شقيقة حادة، وبعد انتظار نحو أربع ساعات في قسم الاسعاف تحولت نوبة الشقيقة هذه إلى حالة اختلاج، تقلص وتشنج لا إرادي للعضلات صاحبها فقدان وعي، بسبب ارتفاع الضغط الحاد”.

خلال الأعوام الثلاثة السابقة زارت هبة أقسام الاسعاف في مستشفيات مدينة يوتيبوري أكثر من مرة، بسبب نوبات الشقيقة الحادة، وفي كل مرة يتم إعطاؤها مسكنات دوائية فقط كالألفيديون وغيره. وتصف هبة هذه الحالة بالقول “الأمر يشبه أن تضع لُصاقة طبية على جرح عميق يحتاج إلى عملية جراحية ليلتئم”.

تذكر هبة أنها كانت تقضي العديد من الساعات إما في المكتبة أو في السيارة باحثةً عن الهدوء ولتفادي سماع الأصوات المرتفعة، كتلك الأصوات التي حصلت عندما قامت شركة السكن ببعض الصيانات الدورية في البناء الذي تقيم به مع عائلتها. كما خسر زوجها عمله مرتين بسبب غياباته المتكررة عن العمل واضطراره للبقاء بجانب الأولاد نتيجة التعب الذي كان مرافقاً لزوجته طيلة هذه السنوات.

جلطة دماغية وشلل نصفي

ربيع العام 2023، كان شتاءً قاسياً بالنسبة لهبة، حين أصيبت بجلطة دماغية أدت لفقدانها النطق والنظر إضافة لحدوث شلل نصفي في جسدها، بسبب ارتفاع الضغط المفاجئ. تقول هبة “لحسن الحظ كانت الخثرة التي سببت هذه الجلطة الدماغية صغيرة، ولهذا عادت أعضائي للعمل من جديد بعد بعض الوقت”.

لم تكن هبة راضية عن التشخيصات الطبية التي قُدمت لها، وأضافت “في كل مرة يقولون لي الشقيقة هي التي تسبب ارتفاعاً في ضغط الدم، وينتهي الأمر بإعطائي بعض المسكنات الدوائية، وحتى بعد الجلطة الدماغية التي أصابتني أغلب النصائح التي حصلت عليها كانت مُركزة على الناحية النفسية مثل أن أسير في الغابة أو أن أفكر بتجريب الإبر الصينية أو (Akupunktur) وهي أحد أنواع الطب البديل، لكن هذه النصائح لم تجعل حياتي أفضل، حيث أنها ليست نصائح علاجية، بل قد تكون وقائية”.

كما تذكر هبة أنها في إحدى المرات طُلب منها مراقبة ضغطها لمدة 24 ساعة عبر جهاز استعارته من إحدى مستشفيات مدينة يوتيبوري، وبعد إرسالها للنتيجة تلقت بريداً ورقياً من المستوصف الخاص بها، ذُكر فيه بأنه لديها ارتفاع بسيط في الضغط، كما تم ذكر اسم أحد أدوية التي يجب عليها البدء بأخذه. “لم يشرح هذا البريد أية معلومات حول مواعيد أخذ هذا الدواء، وحتى أنهم لم يطلبوا مني مقابلة أي طبيب لأفهم بعض الارشادات المهمة، أو أن أشعر بأن شخصاً مختصاً يتابع حالتي، والنتيجة هي أن نوبة الشقيقة عادت لي من جديد بعد هذا الدواء، ليقولوا لي بعدها بضرورة إيقافه بعدما زرت قسم الاسعاف من جديد”.

العلاج في سوريا

قررت هبة أن تسافر إلى سوريا لتعرض حالتها الصحية على أحد الأطباء هناك رغم التكاليف المادية المرتفعة التي واجهتها. تقول “لم أفعل شيئاً خلال أربعة أعوام من عمري سوى أنني كنت زائرة دائمة لأقسام الاسعاف. غالبية زملائي تمكنوا من تعديل شهادتهم الجامعية، أما أنا فقد أصبح لدي “فوبيا” من أن أذهب للمدرسة لأتابع دراسة اللغة، ففي كل مرة كانت سيارة الاسعاف تأتي لتأخذني من المدرسة إما بسبب فقدان الوعي نتيجة ارتفاع الضغط أو بسبب نوبات الشقيقة الحادة، ولهذا لم يكن أمامي أي حل سوى أن أسافر إلى سوريا لأعرض حالتي المرضية على طبيب متختص”.

اطلعت الكومبس على التشخيصات الطبية الخاصة بهبة بعد رحلة علاجها في سوريا على يد أربعة أطباء بتخصصات مختلفة مثل طبيب الداخلية، والتغذية، والغدد، والعصبية، ووفقاً لوصف هبة فإنها بعد تغيير دواء الضغط واتباع إرشادات الأطباء حول كيفية منع نوبات الشقيقة، لم تعاني من أية أعراض كالتي كانت تأتيها بين الحين والآخر، حيث تقول “قال لي الطبيب إن لدي ارتفاع توتر شرياني حاد، وتبين من صور الرنين المغناطيسي أنه لدي بؤر متعددة في الدماغ نتيجة كثرة حالات نوبات الشقيقة التي أصابتني خلال الأعوام الماضية، إضافة إلى نقص حاد في بعض الفيتامينات، وساعدتني ارشادات الأطباء بأن أضبط نوبات الشقيقة وأن أتجنب بعض الأطعمة التي قد تزيد من حدة هذه النوبات كالشوكولاه، ومشتقات الألبان”.

وتضيف هبة “هذه التشخيصات في الصور تشرح جزءاً بسيطاً من معاناتي”.

وفقاً للمبادئ التوجيهية الوطنية لإدارة الرعاية الاجتماعية (Nationella riktlinjer – Socialstyrelsen) فإن المريض الذي أصابته جلطة دماغية في مرحلة معينة من مراحل حياته لديه خطر متزايد للإصابة من جديد بإحدى مشاكل الأوعية الدموية، ولهذا يجب أن تكون المتابعة الصحية طويلة المدى و مستمرة، وذلك بصدد استيعاب تدابير الدعم والإعاقات الوظيفية المتبقية لدى هذا المريض، حيث ورد في الصفحة السابعة من هذا الملف:

“Syftet med uppföljningen av personer som insjuknat i stroke är att
förebygga återinsjuknande, tidigt identifiera nya eller förändrade symtom och erbjuda rätt åtgärd utifrån situationen och behoven. Åtgärder för att förebygga återinsjuknande behöver sättas in tidigt, till exempel i form av stöd för att förändra ohälsosamma levnadsvanor eller läkemedelsbehandling. För att minska risken för återinsjuknande behöver uppföljningen vara långsiktig
och kontinuerlig.”

وعلى حد قول هبة فإنها لم تتلقى أية متابعة دورية من قبل المستوصف السابق الذي كانت مُسجلة فيه ولا حتى المستوصف الجديد الذي نقلت اسمها عليه، والواقع يقع في منطقة أنغريد في مدينة يوتيبوري. وتضيف “لم أحصل على متابعة دورية بعد إصابتي بالجلطة الدماغية، ولا حتى أي متابعة فيما يتعلق بارتفاع الضغط لدي، وأنا لم أتواصل معهم بعد ذلك”.

وعند سؤالها عما إن كانت قد قدمت شكوى لـ”مفتشية الصحة والرعاية” (IVO)، أو “لجنة المرضى” (Patientnämnden) باعتبارهما جهتين رسميتين تستقبلان ملاحظات المرضى غير الراضين عن إجراءات المتابعة الصحية التي حصلوا عليها، أو أية ملاحظة أخرى متعلقة بمجال الرعاية الصحية في السويد، قالت هبة “سأفكر بالأمر”.

الكومبس تواصلت مع المستوصف الذي كان مسؤولاً عن حالة هبة، ونقلت إليه الشكوى التي تقدمت بها والمتعلقة بعدم حصولها على متابعة طبية بعد تعرضها للجلطة الدماغية، ولكن المستوصف رفض التعليق على الحالات الفردية، حيث قال في رده الإيميل الذي أرسلته الكومبس “نحن لا نعلق على حالات المرضى الفردية”.

راما الشعباني

يوتيبوري

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.
cookies icon