الكومبس- خاص: يستمر الحراك الطلابي في بعض جامعات السويد للمطالبة بقطع العلاقات الأكاديمية مع الجامعات الإسرائيلية نتيجة الحرب على غزة. طلبة جامعتي يوتيبوري وشالمش للتكنولوجيا تساءلوا في لقاءات مع الكومبس “لماذا ازدواجية المعايير في إدانة الحروب حول العالم؟” وقال بعض الطلاب “لماذا لا تدين جامعتنا الحرب على فلسطين، بينما أدانت بشكل واضح الحرب الروسية على أوكرانيا؟ ألا يموت الأبرياء في كلا الدولتين؟

“جامعة يوتيبوري تظهر تضامنها مع أوكرانيا”، هكذا عنونت جامعة يوتيبوري خبراً نشرته على صفحها الرسمية بعد أيامٍ قليلة من اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 فبراير عام 2022، ولم يقتصر هذا التضامن حول ما يجري في أوكرانيا على جامعة يوتيبوري، وإنما استجابت العديد من المؤسسات التعليمية السويدية قد لنداء وزيرة التعليم آنذك آنا إيكستروم، التي دعت جامعات البلاد إلى وقف التعاون مع المؤسسات الأكاديمية الروسية، حيث أعلنت في ذلك الحين كلٌ من جامعة ستوكهولم ولوند وأوميو وأوبسالا عن إيقاف برامج التبادل الطلابي مع روسيا وبيلاروسيا.

عفيف (يرغب بذكر اسمه الأول فقط) من جامعة شالمش قال للكومبس “منذ العام الماضي أرسلنا مطالبنا للجامعة، لكن الإدارة لم تأخذ هذه المطالب على محمل الجد”.

تظهر المراسلات بين إدارة جامعة شالمش وبعض الطلبة، أن الطلبة أرسلوا عريضة باللغة الإنكليزية لإدارة الجامعة تحوي تواقيع لأكثر من 500 طالب وموظف من جامعتي يوتيبوري وشالمش للتكنولوجيا، الكومبس اطلعت على هذه المراسلات والعريضة وكانت أبرز المطالب على الشكل التالي وفقاً لتعبير المشاركين في كتابتها:

“نحن في جامعة شالمش للتكنولوجيا ندعو مؤسستنا إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف الحرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني (….) على مدار العام الماضي، أدى القصف الإسرائيلي لقطاع غزة -الذي حاصرته إسرائيل على مدى السنوات الثماني عشرة الماضية- إلى مقتل ما لا يقل عن 45 ألف فلسطيني، ثلثهم من الأطفال، والتشريد المتعمد لأكثر من 2 مليون فلسطيني، وتدمير البنية التحتية في غزة بالكامل تقريباً، وخاصة البنية التحتية المدنية. أما اليوم، فلا توجد مستشفيات أو مدارس تعمل بكامل طاقتها في غزة. لقد قصفت إسرائيل ودمرت جميع الجامعات.

لماذا المقاطعة الأكاديمية؟

وجاء في العريضة أن المقاطعة ضد المؤسسات الأكاديمية والمنظمات المهنية الإسرائيلية بمثابة بيان قوي للقلق بشأن تجاهل إسرائيل للقانون الدولي. أثبتت الوسائل الأخرى لحل الصراع عدم فعاليتها، فرغم الانتهاك المستمر لحقوق الإنسان والقوانين الدولية، ورفض الالتزام بقرارات الأمم المتحدة، فإن إسرائيل تتمتع بغياب الضغط الدبلوماسي.

وطالبت العريضة إدارة الجامعة بالمطالب التالية:

1. الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار.

.2. سحب الاستثمارات من إسرائيل.

3. رفع العلم الفلسطيني وإظهار الدعم للشعب الفلسطيني.

4. دعم إعادة بناء المؤسسات التعليمية في غزة.

.5. تقديم المنح الدراسية للطلاب من فلسطين.

.6. مقاطعة الإبادة الجماعية والفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي.

7. الإدانة العلنية للهجمات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية.

وتظهر المراسلات التي تلقت الكومبس نسخة منها أن إدارة جامعة شالمش ردت على الطلبة بالقول:

“تلقينا العريضة التي قمتم بإرسالها لنا، والتي تطالبون فيها باتخاذ إجراءات ضد الجامعات الإسرائيلية. كما قلنا سابقاً فإنه يتم إجراء الأبحاث في جامعة شالمش مثل الجامعات الأخرى في السويد انطلاقاً من مبدأ الحرية الأكاديمية، وليس من دور الجامعة متابعة قضايا السياسة الخارجية. وبما أننا لم نغير موقفنا منذ الاجتماعات السابقة، فإننا نرفض الدعوة لاجتماع”.

وعن رد الجامعة، قال عفيف للكومبس “الجامعة تناقض نفسها في هذه الحجج التي تقدمها، فالجميع يعلم أن القانون السويدي يضمن الاستقلالية والشفافية لجميع المؤسسات الأكاديمية في السويد، وجامعة شالمش هي جامعة خاصة ولهذا نحن الآن بصدد رفع مطالبنا إلى المؤسسة المالكة للجامعة”.

ورداً على سؤال عن وجود بعض الأسماء الأولى فقط في هذه العريضة، قال عفيف” يوجد بعض الأشخاص الذين يدعمون مطالبنا بقطع العلاقات مع الجامعات الإسرائيلية لكنهم لا يريدون ذكر أسماءهم الكاملة بسبب المضايقات التي يتعرضون لها، لكننا جميعاً على استعداد لتقديم المعلومات الكاملة لكل من وقع على هذه العريضة إذا لزم الأمر”.

إسراء برهم، طالبة في جامعة شالمش في مدينة يوتيبوري حُرمت من الحصول على الجنسية السويدية بسبب مشاركتها في فيكا متضامنة مع غزة كانت قد حصلت في الجامعة ذاتها أيضاً حيث قالت في مقابلة سابقة مع الكومبس “شعرنا بالغرابة عندما قالت لنا إدارة الجامعة أنها لا تستطيع اتخاذ موقف تجاه هذه الحرب، رغم أنها وضحت موقفها تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا”.

توثيق أشكال التعاون مع الجامعات الإسرائيلية

أنشأت إسراء صفحة “شالمش للعدالة الاجتماعية” (Chalmers Social Justice) كنقطة التقاء لجميع الداعمين لغزة في جامعة شالمش على حد وصفها، حيث يقوم الطلبة بتوثيق كافة أشكال تعاون جامعتهم مع المؤسسات التعليمية الإسرائيلية كجامعة تل أبيب، والجامعة العبرية في القدس بهدف مواجهة جامعتهم في الاجتماعات القادمة على حد تعبير الطلبة.

تقدم للطلبة في جامعة يوتيبوري

في جامعة يوتيبوري أيضاً يحاول بعض الطلبة الضغط على إدارة الجامعة لمقاطعة كافة أشكال التعاون مع المؤسسات التعليمية الإسرائيلية وإدانة الحرب على غزة، ووفقاً للتحديثات الأخيرة التي قالها طلبة الجامعة للكومبس فإنه في الاجتماع الأخير الذي حصل الأسبوع الماضي مع اتحاد طلبة جامعة يوتيبوري والذي استمر أكثر من أربع ساعات، قدم الطلبة كافة الوثائق والآراء الداعمة لمقترحهم حول مقاطعة المؤسسات التعليمية الإسرائيلية، لينحسم التصويت في نهاية الاجتماع لصالح الموافقة على هذا الاقتراح، لكن الإجراءات الملموسة لهذا الاجتماع أو ما إن كان اتحاد طلبة يوتيبوري سيتبنى وجهة نظر الطلبة بضرورة مقاطعة العلاقات مع الجامعات الإسرائيلية فالأمر غير واضح لحد الآن وفقاً لقول طلبة الذين تواصوا مع الكومبس.

إحدى الوثائق الرسمية الأخرى التي أشار إليها طلبة جامعتي يوتيبوري وشالمش هي التقرير الصادر عن “منظمة العفو الدولية” (Amnesty) مؤخراً بعنوان”بتحس إنك مش بني آدم: الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزّة.” التقرير أشار في جزء منه إلى الضرر الكبير الذي أصاب الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة إلى جانب المرافق الإنسانية الأخرى نتيجة للحرب الإسرائيلية عليها، حيث كانت أيضاً الأمينة العامة لفرع منظمة العفو الدولية في السويد آنا يوهانسون قد صرحت سابقاً بأن “هجمات حماس المروعة لا تعفي إسرائيل من مسؤوليتها في اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لحماية لمدنيين، الذين في الوقت الراهن لا يوجد مكان ليذهبوا إليه” على حد تعبيرها.

يذكر أن العديد من الموظفين في الجامعات السويدية وبعض أعضاء الهيئات التعليمية كتبوا العديد من مقالات الرأي في وسائل الإعلام السويدية للتعبير عن رأيهم في ضرورة مقاطعة جميع أشكال العلاقات مع المؤسسات التعليمية الإسرائيلية، كالمقال الذي كتبه 131 أكاديمياً في جامعة أوبسالا في صحيفة أفتونبلادت الذي أكدوا فيه أن بعض أقسام الجامعات الإسرائيلية تتحول إلى قواعد عسكرية لتدريب الوحدات القتالية على حد تعبير كاتبي المقال.

الكومبس تواصلت مع إدارة جامعة شالمش عبر الإيميل لمعرفة سبب رفض إجراء اجتماع آخر مع الطلبة لمناقشة العريضة التي تم إرسالها لهم، ولم تحصل على رد حتى الآن.

راما الشعباني

يوتيبوري