الكومبس- خاص: على الرغم من أنها حُرمت من الحصول على الجنسية السويدية بسبب مشاركتها في جلسة “فيكا” متضامنة مع غزة، العام الماضي إلاّ أن الطالبة إسراء برهم، بقيت ثابتة على موقفها تجاه الحرب في القطاع.
سنةٌ أخيرة تفصل ، إسراء، عن حصولها على رسالة الماجستير في تخصص الهندسة المعمارية من جامعة شالمش للتكنولوجيا في مدينة يوتيبوري.
يقول زملاء إسراء عنها، إنها طالبة متميزة تحب مساعدة جميع زملائها، وأنها تتحدث اللغة السويدية والإنكليزية بطلاقة، والأهم من ذلك أنها ثابتة على مواقفها وفقاً لتعبير زملائها.
الثبات على المواقف، الذي يشير إليه زملاء إسراء يُقصد به، عدم تغيّر موقف زميلتهم تجاه الحرب على غزة منذ اندلاعها، على الرغم من أنها حُرمت من الحصول على الجنسية السويدية بسبب مشاركتها في “فيكا” متضامنة مع غزة في شهر ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، وذلك وفقاً لما قالوه للكومبس.
عامٌ مضى على هذه المشاركة، التي جعلت إسراء مشتبهاً بارتكابها “انتهاكاً لقانون النظام العام” على حد اعتبار مصلحة الهجرة.
إسراء تحدثت للكومبس عن تفاصيل هذه الحادثة وعن بلاغات الشرطة التي ما تزال تتلقاها إلى حد الآن على حد قولها، حيث قالت: “نحن مجموعة طلاب في جامعة شالمش حاولنا التعبير عن رأينا حول الحرب في غزة، وإيصال صوت الناس المستضعفين، لاسيما بعد قصف العديد من المشافي والمدارس وغيرها من المؤسسات المدنية في المدينة. لقد شعرنا بالغرابة عندما قالت لنا إدارة الجامعة أنها لا تستطيع اتخاذ موقف تجاه هذه الحرب، على الرغم من أنها وضحت موقفها تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا.”
بعد هذا الرد من الجامعة قررت إسراء وزملائها إجراء مبادرات فردية للتعبير عن رأيهم الرافض للحرب على غزة، انطلاقا من مبدأ حرية التعبير، الذي تصونه وتدافع عنه دولة السويد وفقاً لكلامها، ولهذا أسست إسراء صفحة “شالمش للعدالة الاجتماعية” أو (Chalmers Social Justice) على فيسبوك لتكون بمثابة نقطة تواصل مشتركة لجميع الطلبة الداعمين لغزة.
إدارة الجامعة أبلغت إسراء أن هذا الأمر يعد تجاوزاً للقوانين، وذلك في اليوم ذاته الذي أعلنت فيه جامعة شالمش، حظر جميع التظاهرات السياسية في حرم الجامعة وكل المباني الأخرى التابعة لها، وذلك بسبب “الوضع العالمي المضطرب والمناخ الاجتماعي شديد الاستقطاب، وبهدف حماية بيئة العمل وسلامة طلابنا وموظفينا”، وفقاً لوصف إدارة الجامعة.
حظر التظاهر السياسي شمل أيضاً وضع الملصقات في أروقة الجامعة. الأمر الذي كانت إسراء ورفاقتها يرونه سبيلاً للتعبير عن رأيهم.
وزير التعليم، ماتس بيرشون كان قد رحب بقرار حظر جميع التظاهرات السياسية الذي تقدمت به جامعة شالمش على الرغم من أنه رأى “تضارباً في الأهداف” مع حرية التعبير في الوقت ذاته، لكنه يعتقد أن المهمة الأساسية للجامعات هي التعليم والبحث.
تراجعت جامعة شالمش بعد بضعة أيام فقط عن قرار حظر التظاهرات السياسية فيها، حيث نشرت خبراً على صفحتها الرسمية أفادت فيه أن الجامعة قررت إلغاء قرار منع التظاهرات السياسية وذلك بسبب ردود الفعل القوية من قبل الطلبة وبعض أساتذة الجامعة الراغبين بوجود “سقفٍ عالٍ” للتعبير عن الرأي، وحرمٍ جامعيٍ يتسع لكافة الآراء.
وأضافت الجامعة أن التحدي الذي يواجهها هو تأمين بيئة دراسة وعمل آمنة في الوقت نفسه، كما أضافت أن الحوار مع المنظمين المسؤولين عن التظاهرات يكفي في هذه المرحلة لضمان سلامة الجميع على حد تعبيرهم.
إسراء تتابع سرد قصتها للكومبس بتسلسل زمني بعد سلسلة القرارات التي أصدرتها جامعتها، حيث قالت: “بعد كل هذه القرارات استمرينا أنا وزملائي بمواجهة الجامعة، والضغط عليها من أجل إدانة الحرب على غزة وقطع كافة أشكال التعاون مع المؤسسات التعليمية الإسرائيلية، ولكن الجواب المتكرر الذي نحصل عليه هو أن الجامعة لا تتدخل بالسياسة الخارجية للسويد وهذا أمر لا يخص الجامعة.”
إسراء أرسلت صورة للكومبس قالت إنها لمدخل جامعة شالمش حيث رفعت الجامعة علم إسرائيل على المدخل الرئيسي لها خلال شهر آذار/مارس العام الماضي، وتحدثت إسراء أن تصرف الجامعة هذا ينطوي تحت مفهوم “ازدواجية المعايير”، والمضايقات التي لا تنتهي للطلبة الداعمين لغزة.
وتابعت: “لقد لاحظنا أيضاً أن بعض الطلبة بمجرد دخولهم إلى حرم الجامعة وهم يضعون الكوفية الفلسطينية، يبدأ حراس الجامعة بملاحقتهم خلسةً لمراقبة تحركاتهم، وكأنهم أحد المجرمين الخطيرين!” على حد وصفها.
حرمان إسراء من الجنسية السويدية
خلال شهر ديسمبر العام الماضي، اجتمعت إسراء وبعض زملائها ضمن “فيكا” مناصرة لغزة، ولكن إحدى العاملات في الجامعة أبلغت مدير إتحاد الطلبة أنها “لا تشعر بالأمان” بسبب وجود هذه المجموعة، وبالتالي اتصل مدير اتحاد الطلاب في الجامعة بالشرطة.
عن هذه الحادثة قالت إسراء للكومبس: “لقد عاملنا أحد أفراد الشرطة الذين أتوا للمكان بطريقة عنيفة، وتعرضنا للتهديد، وطلب مني هذا الشرطي معلوماتي الشخصية، ولكنني رفضت لأنني لم أرتكب أي خطأ يعرضني للمساءلة، وعلى الرغم من أن مدير اتحاد الطلاب في جامعتنا صافحنا وغيرّ وجهة نظره بعد ما انضم إلينا، إلا أن هذا الشرطي رفض الذهاب من المكان.”
تتابع إسراء، “لقد ظننت أن الأمر انتهى هنا، ولكن بعد بضعة أشهر أبلغتني مصلحة الهجرة أن طلبي للجنسية السويدية قد رُفض، وكذلك تم رفض الطعن في القرار، على الرغم من أنني أدرس وأعمل وقد قضيت في السويد أكثر من 14 عاماً، ولكن اعتبرت مصلحة الهجرة أنني لا أستوفي شروط الجنسية لأنني قد انتهكت قانون النظام العام في 5 ديسمبر 2023. وهذا التاريخ هو ذاته الذي أصر الشرطي على أخذ معلوماتي الشخصية.”
كما أضافت: “لم أُدلي بمعلوماتي الشخصية للشرطي، ولكنني اكتشفت لاحقاً أن مدير اتحاد الطلبة اجتمع معه في الجامعة وسمح له بأخذ معلوماتي الشخصية من بيانات الجامعة دون موافقتي، وهذا بالطبع انتهاكٌ واضحٌ لقانون حماية المعلومات الشخصية.” على حد قولها.
وفقاً لإسراء لقد كانت هذه الحادثة سبباً رئيسياً في عدم حصولها على الجنسية السويدية على الرغم من إغلاق الشرطة للتحقيق، ولكن تم رفض الطعن في قرار الهجرة أيضاً، حيث ورد في القرار الذي تلقته إسراء من الهجرة والمحكمة الإدارية في يوتيبوري: “رفضت مصلحة الهجرة السويدية طلب إسراء برهم للحصول على الجنسية السويدية على أساس أنها لا تستوفي متطلبات أسلوب الحياة الشريف.”

وعند سؤال إسراء عما إذا كانت ستحاول تقديم طلب للحصول على الجنسية من جديد خلال الفترة القادمة، أجابت:
“أنا أتابع حالياً مع محامية خاصة، والأمر سيأخذ وقتاً طويلاً لأننا في مرحلة الـ(resning) أي إعادة المحاكمة، وللأسف في بداية هذا الفصل الدراسي أيضاً تم تقديم بلاغ للشرطة ضدي بسبب الملصقات التي حاولنا وضعها في الجامعة والتي تعبر عن رأينا في الدرجة الأولى.” وفقاً لقولها.
ختمت إسراء حديثها للكومبس قائلة: “العديد من أقاربي نصحوني بأن أقف عند هذا الحد وألّا أعبر بشكل واضح جداً عن رأيي تجاه ما يحدث في غزة بسبب تأثير هذا الأمر على حياتي الشخصية وعلى دراستي ومستقبلي، ولكن لم أفكر ولا لثانية بأن أغيّر مبادئي أو أن أخبئ رأيي، لأنه بهذه الطريقة سيتكرر ما حدث معي مع أي شخص أو طالب آخر في جامعتنا”.
كما أضافت: “النساء في غزة تموت، هل تلك النساء هنَّ أفضل مني لكي أنا أصمت، وأكبح رأيي الذي أعبر عنه بكل سلمية، وتبقى تلك النساء لوحدهن؟ هل هذا هو الحل؟ بالطبع لا” تجيب إسراء.
يذكر أن إسراء برهم مقيمة في السويد منذ عام 2010 وهي مواطنة فلسطينية ورومانية. ولا يعني قرار مصلحة الهجرة أنه يتعين عليها مغادرة البلاد لأنها مواطنة في الاتحاد الأوروبي.
راما الشعباني
يوتيبوري