الكومبس – خاص: عندما التقت الكومبس بالمُحاضر شربل غابرو في “يوم الفرص” أو (Opportunity Day) في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كان قد تجمّع من حوله عشرات الأشخاص الباحثين عن عمل بسبب قدرته المميزة على جذب انتباههم، وتقديم أبرز تجاربه في كيفية الاندماج في المجتمع السويدي، والتخلص من رُهاب العنصرية كخطوةٍ أولى في طريق الحصول على عمل.
شربل غابرو جاء للسويد طفلاً في الرابعة من عمره، وأصبح اليوم “أفضل متحدث ومحاضر في السويد” بعد فوزه بجائزة Stora Talarpriset 2024 للمرة الثانية، وبهذا يصبح الشاب من أصول سورية الوحيد الذي يفوز بهذه الجائزة مرتين منذ إطلاقها العام 2014.
تواصلت الكومبس مع غابرو وسألته عن شعوره بعد حصاده الجائزة للمرة الثانية، فأجاب “لم أكن أعلم بوجود مثل هذه الجائزة في السويد حتى فزت بها للمرة الأولى العام 2019، ولكن هذه المرة بذلت جهداً مضاعفاً للفوز بها من جديد. ابتكرت أشياء كثيرة وغيّرت الكتير في محاضراتي، كما أنني تعلمت كثيراً من الأشخاص الذين قابلتهم”.
وصل شربل إلى السويد العام 1986، وقال في مقابلة سابقة لـ الكومبس إنه واجه بعض الصعوبات كمرض والدته، وإدمانه على لعبة القمار، لكنه استطاع قلب الطاولة وتجاوز هذه الصعوبات من أجل الانتقال إلى حياة جديدة نحو الأفضل على حد تعبيره، حيث أنه يتمتع الآن بخبرة تزيد على 18 عاماً في العمل مع الشباب في سياقات مختلفة، كما أنه ألقى العديد من المحاضرات غير الربحية في بعض المدارس والجمعيات، وأصبح الآن يشارك الآن قصة نجاحه لإلهام الآخرين.
حساب شربل على انستغرام يتابعه ما يزيد على 5 آلاف متابع، وتحظى مقاطع الفيديو بتفاعل لافت بسبب طريقة كلامه “الجذّابة” كما تصفها بعض التعليقات على صفحته. وعندما سألته الكومبس عما اذا كان يشعر بالتوتر قبل إلقاءه المحاضرات أو تسجيل الفيديوهات، قال شربل أنه لا يشعر بالتوتر بالمعنى الحرفي للكلمة، لكن قد يراوده بعض القلق، ويتغلب على الأمر عبر الاستعداد الجيّد، وأن يكون في مكان إلقاء المحاضرة في الوقت المناسب بغرض التحقق من جهوزية المكان أو المسرح مع التحقق من فعالية الصوت والإضاءة والملابس وغيرها من التفاصيل. وأضاف أنه يقوم ببحث شامل للتعرف على خصائص جمهوره أو المجموعة المستهدفة (Målgruppen) كما أسماها باللغة السويدية، كل هذه الأمور تسهل عليه إلقاء المحاضرات والتأثير بجمهوره على حد وصفه.
ونشر شربل على صفحته الخاصة على انستغرام أن بلدية نورشوبينغ رحّبت به على طريقتها الخاصة، بعد وضعها لافته طُرُقية على الطريق الرئيسي E4 كُتب عليها باللغة السويدية “أهلاً وسهلاً بك في نورشوبينغ! تهانينا لشربل غابرو، أفضل متحدث في السويد لعام 2024”.

القصص الملهمة من الضواحي المهمشة
أطلق شربل عدداً من المبادرات المجتمعية التي تُعنى بمشاكل الشباب المهاجرين وتحاول مساعدتهم على تجاوز الصعوبات التي قد يواجهونها. إحدى هذه المبادرات مبادرة “إلهام الضواحي” أو (Förortsinspiration) التي يعمل من خلالها شربل على توفير الموارد والفرص للشباب في المناطق التي تصنفها الشرطة في السويد “المناطق الضعيفة أو المهمشة (utsatta områden) وعددها 59 في كامل الأراضي السويدية، وفقاً لاحصاءات الشرطة 2023، وذلك في سبيل تسهيل اندماج هؤلاء الشباب ومكافحة خطر الاستبعاد والجريمة وغيرها، وفقاً لرؤية المبادرة المنشورة على موقعها الرسمي على الإنترنت،
وعندما سألت الكومبس شربل عن أبرز الصعوبات التي يواجهها في هذه المبادرة أشار إلى أن “البلديات والجهات الاجتماعية الأخرى لا تعرف سحر مشروع “إلهام الضواحي”، وبالتالي يصبح التعاون مع هذه الجهات صعباً، ولهذا يجب عليهم أن يدركوا أننا متشابهون أكثر من كوننا مختلفين، وأنهم يتحملون مسؤولية الموارد التي يحتاجها المجتمع بشدة”.
وعن تعريفه لمفهوم الاندماج قال غابرو “الاندماج يدور حول الشعور الذي ينتابك إذا كنت تشعر بأنك خارج المجتمع أو لديك إمكانية الوصول إلى ما يقدمه المجتمع، أو ربما فهم الفرص المتاحة أمامك والجرأة على اغتنامها. يتعلق الأمر أيضاً بكيفية بناء الجسور للأفراد السويديين من أجل فهم أفكارنا”.

يذكر أن الغرض من جائزة “أفضل متحدث في السويد” هو لفت الانتباه إلى أهمية فن التحدث إلى الآخرين والعمل الذي يقوم به المتحدثون لإثراء المعرفة وإلهام وتحفيز الآخرين، وجائزة العام الماضي (2023) كانت من نصيب رائدة الأعمال والعالمة الطبيبة منى إسماعيل زاده ذات الأصول الإيرانية.
راما الشعباني