فضائح احتيال في شركات “المساعدة الشخصية” ولا قانون يردع

: 5/9/23, 6:48 PM
Updated: 5/9/23, 7:14 PM
تعبيرية Foto: Gorm Kallestad / NTB scanpix / TT / kod  20520
تعبيرية Foto: Gorm Kallestad / NTB scanpix / TT / kod 20520

الكومبس – خاص: هدى (اسم مستعار) تعمل مساعدةً شخصية “personlig assistent” منذ حوالي عشر سنوات، عملت مع عدة شركات عربية وصومالية وسويدية. وأثناء عملها اكتشفت عمليات احتيال ونصب تتم بالاتفاق بين الشركات والأوصياء على أشخاص يعانون من الإعاقة، حسب قولها.

هدى عانت خلال سنوات عملها من عمليات الاحتيال تلك، والتي يجبر فيها الموظفون في غالبية الأحيان على المشاركة كي لا يخسروا وظائفهم، وفق قولها . وبعد معاناة طويلة، تريد هدى اليوم، عبر الكومبس، نقل الصورة للرأي العام عما يحدث، لعل شيئاً يتغير.

بداية، أوضحت هدى كيف تتم عملية تعيين المساعد الشخصي فعلى سبيل المثال، يوجد في عائلة ما شخص معاق، تتواصل العائلة مع صندوق التأمينات الاجتماعية وتبلغهم بحالة المعاق، وبعد تقييم الصندوق للحالة، يتم الاتفاق مع العائلة أو الوصي على عدد ساعات المساعدة التي يحتاجها المعاق، ومن ثم يتم الاتفاق بين العائلة وأحد الشركات المتخصصة بالمساعدة الشخصية، ويتم اختيار موظفين من الشركة حسب الساعات المحددة للشخص المعاق ليقوموا بزيارته وتسيير أموره، والبدء بالعمل.

تعبيرية Foto: Gorm Kallestad / NTB scanpix / TT / kod 20520

هذه هي الخطوات الأساسية ليبدأ عمل المساعد الشخصي، ولكن في الحقيقة فإن الوضع على أرض الواقع مختلف تماماً، حسب هدى والتي ذكرت عدة أشكال للاحتيال.

في كافة حالات الاحتيال يتم الاتفاق بين الوصي وبين الشركة، لأن ساعات العمل للمساعد الشخصي بيد العائلة، وتعتقد هدى أن هذه هي الثغرة الأكبر في القانون.

أمثلة على حالات الاحتيال

تقوم العائلة بالاتفاق مع الشركة، بعد تقييم صندوق التأمينات الاجتماعية، بتعيين مساعدين للحالة، بعد ذلك يقوم الوصي بتسجيل ساعات عمل أكثر من التي عملها المساعد الشخصي فعلياً، ثم تتم مطالبة المساعد من قبل الوصي بتحويل الأموال للساعات الوهمية التي سجلت، وذلك بعلم الشركة المشغلة.

في حالات أخرى، يقوم الوصي بالاتفاق مع الشركة بتعيين مساعد رعاية واحد فعلي، وثلاثة أخرين من العائلة، على سبيل المثال، ويحصل الثلاثة على مبالغ عن رعايتهم للحالة، دون أن يقوم بأي شيء، مما يحمل المساعد الشخصي عبئاً أكبر في رعايته للحالة، واستفادة للوصي والشركة من تشغيل أفراد العائلة بشكل وهمي.

في حالات أخرى يقوم الوصي بالتعاون مع الشركة بتوظيف أشخاص يعرفهم من حملة الإقامات المؤقتة، ليحصل هؤلاء الموظفون على الإقامات الدائمة دون أن يعملوا أصلاً، بل يكون توظيفهم وهمياً، وكالحالة السابقة يتحمل موظف واحد فعلي، عبئ تقديم المساعدة وحده.

في أحد الحالات التي تعرضت لها هدى شخصياً، كان الوصي يريد السفر في إجازة لدولة أخرى وتقدم بالطلب لصندوق التأمينات الاجتماعية والذي افق بدوره على تقديم مساعدة السفر، التي تعطى للمساعد الشخصي. ولكن الوصي قال لهدى يمكنك مرافقتنا ولكن بشكل مجاني، نحن سنأخذك معنا في إجازة، وهذا كافي لن تحصلي على المال، علماً أن المبلغ الذي يفترض أن يحصل عليه المساعد في رحلة كهذه يمكن أن يصل إلى ثلاثين ألف كرون أو أكثر، حسب هدى.

Foto: Gorm Kallestad / NTB scanpix / TT / تعبيرية

وفي حالة أخرى تعرضت لها هدى، قالت العائلة الوصية، نحن وظفنا ابننا في الشركة وسيحصل على الراتب، ويمكنك أن تعملي بالأسود وسنعطيكي 90 كرون مقابل ساعة العمل، فيما يحصل ابنهم المسجل كموظف يقوم بالمساعدة على حوالي 160 مقابل الساعة.

كما تحدثت هدى عن حالات يقوم فيها الوصي باستغلال وضع الموظف نظراً لأنه يحتاج الوظيفة ويجبره على اتفاق مخفي، ينص على أنه سيحصل على 90 كرون مقابل ساعة العمل، وأن يكتب في العقد 160 وفارق المبلغ يتم تحويله للعائلة.

وذكرت هدى أن الشركة والوصي، لا يقومان بتعويض الموظف في حالات المرض علماً أن القانون يلزمهم بدفع 14يوم راتب 80 بالمئة، كما تتهرب العائلة والشركة من دفع تعويضات الطعام والشراب أثناء العمل بما يخالف القانون.

معاناة لا نهاية لها

كما شرحت هدى، حالات شاهدتها، يستغل فيها الوصي وضع الإعاقة، فيسرق الجزء الأكبر من الدعم ويقدم للمعاق ملابس مستعملة وقديمة، في حين يلبس هو وعائلته “ماركات” غالية.

وقالت هدى ” إن رفضنا نحن كموظفين الخضوع لهذا الاحتيال والنصب، فلن نعمل أبداً”. وأضافت “لقد ساءت ظروف العمل أكثر، خلال جائحة كورونا وبعدها، حيث أصبحت الحاجة للعمل مرتفعة أكثر، فأصبح الموظفون مضطرين للخضوع بسبب سوء الأحوال الاقتصادية، كما أن الشركات والأوصياء أصبح لديهم خيارات كثيرة للتوظيف فإن رفض أحد العاملين قبول الشروط المجحفة، يطردونه ويوظفون غيره”.

وأكدت هدى، أنه حسب القانون المعمول به، يصعب على الموظفين كثيراً، أثبات الاحتيال الذي يحصل أمام السلطات، مما يسمح للمتجاوزين، الاستمرار في تجاوزهم دون خوفاً من العواقب.

Foto: Jessica Gow / TT

وتعتقد هدى أن الحل بيد صندوق التأمينات الاجتماعية، وقالت “يمكن للدولة أن توزع الساعات تحت رقابتها، دون وضع الأمر برمته بيد الوصي، فلماذا يمسك الوصي بعدد الساعات ويتحكم بالبشر”.

وفي وقت سابقاً عام 2021 حكمت محكمة يوتيبوري في قضية الاحتيال الأكبر في البلاد المتعلقة بالمساعدة الشخصية، التي حوكم فيها 22 شخصاً. وأدانت المحكمة 18 شخصاً في القضية، حكم على 14 منهم بالسجن بتهمة ارتكاب جرائم احتيال خطيرة حصلوا من خلالها على أكثر من 43 مليون كرون.

وكان الادعاء العام وجّه في أبريل 2020 اتهامات إلى أشخاص على صلة بشركة “مساعدة شخصية” مقرها يوتيبوري يشتبه في أنهم بالغوا أو اخترعوا إعاقات للحصول على أموال من التأمينات الاجتماعية أو البلدية، وتلقوا نتيجة ذلك أكثر من 43 مليون كرون من السلطات السويدية. وفي إحدى الحالات، يشتبه في أن حوالي 20 مليون كرون دفعت على مر السنين لامرأة واحدة.

وقدم الادعاء أدلة تشمل مقاطع فيديو، يُظهر أحدها على سبيل المثال امرأة تمشي في المحلات التجارية دون عوائق رغم أنها ادعت الإعاقة سابقاً.

وفي مقاطع أخرى يظهر ناس يشاركون بشكل طبيعي في حفلات أعياد الميلاد وحفلات الزفاف ومراسم الدفن، وكل منهم مسجل في التأمينات الاجتماعية كشخص معاق.

وقال المدعي العام، إن مقاطع الفيديو تظهر كيف أن الناس كذبوا بشأن إعاقتهم. وكان المدعي العام بيتر لوندغرين انتقد النظام الذي تعمل من خلاله السويد لتقديم المساعدة الشخصية لمن يحتاجها، معتبراً أنه من السهل الاحتيال على النظام والحصول على أموال ضخمة بطريق الغش.

صورة لامرأة وهي تمشي بشكل طبيعي في المتجر رغم أنها مسجلة كامرأة معاقة لا تستطيع المشي ويوجد خلفها من يمسك بمساعد المشي الخاص بها Foto: Polisen

وكانت قدمت مفتشية الصحة والرعاية (IVO) عام 2020 حزمة من التدابير لوقف الغش والأعمال الإجرامية بين مقدمي المساعدة الشخصية (personlig assistans). واقترحت الهيئة في تقرير قدمته للحكومة تمكينها من الاطلاع على المعلومات السرية الموجودة لدى السلطات الأخرى وكذلك الاطلاع على سجل الشرطة الجنائي، في حين ما زالت عمليات الاحتيال مستمرة حتى يومنا.

تعويض المساعدة (assistansersättning) هو مساعدة تقدمها الدولة لتغطية تكاليف المساعدة الشخصية للأشخاص الذين يعانون من إعاقة ويحتاجون إلى مساعد شخصي في أمورهم اليومية كتناول الطعام أو تغيير الملابس أو غيرها. وفي حال احتاج الشخص لمساعدة أكثر من 20 ساعة في الأسبوع فإنه يحصل على التعويض من صندوق التأمينات، أما إذا كانت أقل من 20 ساعة فيأخذ التعويض من البلدية، ليدفعه في النهاية كراتب للمساعد الشخصي. حسب موقع försäkringskassan.

علاء يعقوب

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.