المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – مقالات الرأي: يشهد لبنان حراكا شعبيا كبيراً عابراً للطوائف والمناطق، من أقصاه إلى أقصاه، ولعلّها المرة الأولى التي يجتمع فيها مئات الالاف من اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والحزبية والمناطقية على مطلب اساس (اسقاط النظام الطائفي ).
لقد فشلت
الصيغة اللبنانية بشكلها الحالي منذ استقلال لبنان في ان تلبي الطموحات وان تواكب
الذهنية اللبنانية المنفتحة الخلاّقة، والتي لطالما كانت رائدة وطليعية في العالم العربي.
اللبناني الذي ولأسباب كثيرة انتشر في اصقاع
الارض واكتسب من ثقافات الشعوب المتحضرة ومن تجاربها واستخلص منها العِبر , أيقن
شبابه الممتلئ بالحرية والثقافة والشجاعة أن هذا النظام الطائفي المقيت هو سبب
التخلف والقهر والحرمان الذي يعيشونه.
لا شك ان الذي
اوصل الامور الى نقطة الصفر هو الحالة الاقتصادية المتردية والمتدهورة وفقدان
السيطرة عليه من قبل السلطة السياسية، إلاّ أن فكرة الدولة المدنية التي لطالما
تمّت شيطنتها من قبل امراء الطوائف كانت ملتصقة في العقل الباطني اللبناني.
لا شك أن موقع
لبنان الجيوسياسي ، وبكونه يشكل رأس حربة في الصراع العربي الاسرائيلي وكونه أيضا
حجر الزاوية في محور الممانعة كان السبب الاساس في بقاء الصيغة اللبنانية الى هذا
الوقت المتأخر وساهم في انعاشها الى يومنا هذا . لقد وضع الحراك اليوم اولى لبنات
قيام الدولة المدنية القادرة والعادلة والتي تلبي طموحات شبابه التي يعتقد انها
البلسم الذي سيداوي جراح ابناءه بعدما امعن امراء الطوائف به قهراً وحرماناً
وتنكيلا ، لقد بدأ مشوار الالف ميل على طريق الانتقال الى مفهوم المواطنة الحقيقة
بديلاً ضرورياً للمناطقية وللاستزلام الطائفي ، ومن مفهوم الزعامة والتبعية الى
مفهوم الدولة والسيادة والحرية والمساواة على اساس المواطنة ، وبغض النظر عمّا
ستحمله الايام المقبلة من تطورات ، يبقى الاهم ان هذا الجبل الجليدي الذي كان
مانعاً للآمال قد تصدع بشكل كبير ، والرهان الآن على الوعي الذي أبداه هذا الشعب
بأن لا يقع في فخ التوهين والتخوين والاحباط الممنهج الذي هو سلاح السلطة الوحيد
في وجه الاعصار المباغت والمبارك .
عشتم يا ثوار
لبنان ، عاش لبنان في ظل كرامة ابنائه .
كمال درويش السويد
مقالات الرأي تعبر عن أصحابها وليس بالضرورة عن الكومبس