الكومبس ـ إكسترا: كل الناس تقريباً يشعرون بالقلق من حين لآخر ، لكن الأفكار المقلقة قد تتطور إلى اضطراب. لذلك طور المختصان النفسيان إريك أندرشون وتوفه فالوند برنامجاً بسيطاً من خمس خطوات لمساعدة المرء على التعامل مع أفكاره القلقة.

القلق شيء صحي في الأساس، حسب ما يؤكد إريك أندرشون الأستاذ المشارك في علم النفس السريري في معهد كارولينسكا، والحائز على جائزة عالم النفس الكبرى لعام 2023، ومؤلف كتاب “كتاب القلق” بالاشتراك مع توفه فالوند.

إريك أندرشون وتوفه فالوند
Foto: Magnus Hjalmarson Neideman SVD / TT

يقول أندرشون لموقع MåBra إن القلق يحذرنا من النتائج السلبية المحتملة ويساعدنا على تغيير سلوكياتنا لتجنب حدوثها. لكن مع ذلك، فإننا غالباً ما نقلق دون داعٍ بشأن أمور من غير المرجح أن تحدث أبداً، ما قد يؤثر سلباً على صحتنا النفسية.

القلق متجذر في الجينات

إلى حد كبير، تعتمد قابلية الشخص للقلق على جيناته. تشير الأبحاث إلى أن 30-60 بالمئة من ميل الشخص للقلق يمكن تفسيره بالعوامل الوراثية. على الأرجح، هناك تفاعل بين الوراثة والبيئة: فالشخص الذي لديه آباء يحملون تركيبة جينية معينة قد يتلقى أيضاً تربية تؤثر على مدى ميله للقلق.

ما نقلق بشأنه ودرجة القلق التي نشعر بها تتأثر أيضاً ببيئتنا وعوامل مجتمعية. من المحتمل أن تلعب وسائل الإعلام دوراً في ذلك، حيث كانت التغطيات الإخبارية على مر التاريخ تركز بشكل كبير على المخاطر.

ومع ذلك، فإن عدم الميل إلى القلق لا يضمن بالضرورة أن يكون الشخص محصناً مدى الحياة ضد مشكلات القلق.

يقول أندرشون “بعض الأشخاص لديهم قدرة جيدة على التعامل مع قلقهم، بينما يفتقر آخرون إلى هذه القدرة، لكنهم نادراً ما يشعرون بالقلق في الأساس. قابلت أشخاصاً لم يعانوا من القلق كثيراً، لكن عندما حدث شيء ما في حياتهم تسبب في قلق مبرر، واجهوا صعوبة كبيرة في التعامل مع تلك الأفكار، لأنهم لم يسبق لهم التدرب على ذلك”.

عندما يتصاعد القلق

يمكن أن يثير القلق درجات متفاوتة من مشاعر القلق وردود الفعل المرتبطة به. ويُصنف القلق الشديد الذي يصعب السيطرة عليه ويستمر لفترة طويلة لدرجة أنه يسبب مشكلات في الحياة اليومية، على أنه اضطراب القلق المعمم (GAD). وحوالي 9 بالمئة من السكان يعانون هذا النوع من القلق في مرحلة ما من حياتهم.

وبالنسبة للآخرين، يظهر القلق بدلاً من ذلك في صورة انشغال بالمخاوف الصغيرة ورؤية المشكلات والمخاطر في الحياة اليومية، لكن دون التعرض لنوبات قلق شديدة.

الأطفال والقلق

جزء كبير من قلقنا ومخاوفنا يأتي من التعلم. لذلك، قد يكون من الجيد أيضاً التفكير في سلوكنا الشخصي وكيفية التحدث والتصرف بحيث لا نزرع قلقنا الخاص لدى الأطفال والشباب.

إذا لاحظت أن طفلك يقلق كثيراً، ينصح أندرشون بمساعدته في ترتيب أفكاره من خلال كتابتها على أوراق صغيرة ومحاولة رؤية العلاقات والحلول. طريقة أخرى هي إزالة التوتر من الأفكار والمواقف عن طريق التدريب معاً بشكل لعب على الأحداث اليومية.

Foto: Fotograferna Holmberg / TT

كيف يمكن الوقاية من القلق غير الضروري؟

أفضل طريقة، كما يرى توفه وإريك، هي ببساطة التوقف عن القلق بشأن القلق نفسه.

اعتبر القلق جزءاً طبيعياً من الحياة. نحن جميعاً نقلق في بعض الأحيان. إذا تمكنت من رؤية القلق كشيء يأتي ويذهب، وليس بالضرورة مشكلة كبيرة في حد ذاته، فهناك احتمال أقل بأن تعلق في حلقة من القلق. ولكن إذا لاحظت أن القلق يزداد، فمن الجيد أن تحاول حل المشكلات التي تظهر بدلاً من تأجيلها. فالتأجيل هو في الواقع نوع من الوصفة لبناء قلق طويل الأمد.

قد يعتقد المرء أن الطريقة المعقولة للحد من القلق هي من خلال التحقق المزدوج أو تقليل المخاطر. لكن من المفارقات، أن هذا قد يؤدي بدلاً من ذلك إلى مزيد من القلق والأفكار الكارثية، لأن ذلك يمنح القلق تركيزاً أكبر. على سبيل المثال، إذا بدأت في التحقق من صحتك كل يوم، فستصاب بمزيد من القلق الصحي مقارنةً بحال لم تفعل ذلك، وعلى سبيل المثال إذا بدأت في التحقق من الموقد ما إن نسيته مشتعلاً بشكل متكرر، فسيزداد قلقك وشكوكك بشأن ما إذا كان مغلقاً أم لا.

لمساعدة مزيد من الناس في التعامل مع قلقهم، كتب إريك أندرشون وزميلته توفه فالوند، الباحثة في علم النفس السريري، “كتاب القلق” وهو دليل واضح يعتمد على برنامج من خمس خطوات بسيط وفعال. الخطوات تبني على بعضها، ولذلك من المهم أن تتبعها بالترتيب الذي تم وصفه. من خلال تجربتها خطوة بخطوة، ستلاحظ ما هو الأكثر فائدة بالنسبة لك. عندما تكون قد جربت جميع الخطوات، يمكنك الاستمرار في تطبيق تلك التي ثبت أنها مفيدة لك أكثر.

Foto: Fredrik Sandberg / TT / Kod 10180

5 خطوات للتقليل من القلق:

افصل بين القلق المفيد وغير المفيد

عندما نقلق كثيراً، يصبح القلق غالباً كبيراً وغير محدد، مثل عقدة يصعب حلها. لذلك، تحتاج إلى البدء بتصفية الأفكار. أول شيء يمكنك فعله هو التفكير: هل هذه الأفكار تساعدك على التقدم؟ هل تساعدك في حل المشكلات؟ إذا كانت الإجابة نعم، فهذه غالباً ما تكون “القلق المفيد”. أما إذا كنت تفكر في الأمر دون اتخاذ أي إجراء لحل المشكلة، فهذا على الأرجح “القلق غير المفيد”، ويجب أن تأخذ خطوات للتعامل معه.

حل المشكلات الممكنة

الخطوة التالية هي تصفية المشكلات التي يمكن حلها والتي يجب أن تتعامل معها. خصص وقتاً لحل المشكلات وضع خطة حول كيفية التصرف إذا تحققت مخاوفك. على سبيل المثال، إذا كنت قلقاً بشأن الفائدة البنكية، ماذا ستفعل إذا ارتفعت الفائدة إلى 8 بالمئة. إذا تم تسريحك من العمل، ماذا ستفعل. التفكير في السيناريوهات المحتملة ووضع خطة عمل قد يجلب لك شعوراً بالطمأنينة ويخفف من القلق.

قلل من محاولات التحكم غير المفيدة

إذا كان القلق غير مفيد، فإنه يزداد عادة عندما نحاول السيطرة عليه. الخطوة الثالثة هي تحديد محاولات التحكم غير المفيدة التي تقوم بها وتقليلها. على سبيل المثال، يمكنك قراءة الأخبار في الصباح وبعد الظهر فقط، التوقف عن التحقق المزدوج للبريد الإلكتروني أو التأكد مراراً وتكراراً من أن الباب مغلق.

ابتعد عن الأفكار التي لا يمكن حلها

الخطوة الرابعة هي ترك الأفكار التي لا يمكن حلها. هناك العديد من الأفكار التي ليست لها إجابات مطمئنة أو خطط عمل منطقية. يجب عليك ببساطة أن تترك هذه الأفكار. إحدى الطرق التي يمكنك من خلالها البدء هي تحديد وقت معين للقلق، وهو وقت مخصص خلال اليوم يسمح لك بالقلق كما تشاء. إذا ظهرت الأفكار في أوقات أخرى، قم بتأجيلها إلى وقت القلق المحدد. تدريب اليقظة الذهنية (Mindfulness) هو أيضاً وسيلة مفيدة. هناك العديد من التقنيات التي يمكنك العمل بها. الأهم هو تحديد الأفكار التي لا يمكن حلها وتعلم تركها.

املأ حياتك بشيء آخر

الخطوة الخامسة هي البدء بفعل أشياء تتنافس مع القلق. كثير من الناس يقلقون كثيراً لدرجة أنهم يتوقفون عن القيام بأشياء ممتعة في وقت فراغهم بسبب الإرهاق الناتج عن قلقهم. هذه الاستراتيجية فقط تعزز القلق، حيث تقوم بتكييف حياتك بناءً على قلقك. قم بأنشطة اجتماعية ومرحة وذات مغزى، حتى عندما يكون لديك سبب للقلق، حتى لا تسيطر عليك الأفكار القلقة. القلق غالباً ما يكون غير متوافق مع الأنشطة الاجتماعية، فعندما تقضي وقتاً مع صديق، يكون من الصعب أن تشعر بقلق شديد في نفس الوقت. استعد لحياتك!

    وأخيراً، كن لطيفاً مع نفسك. ستحدث انتكاسات، فتأكد من أن لديك خطة للتعامل معها.

    إذا لم تساعدك الخطوات في الكتاب على التقدم، فإن إريك أندرشون يوصي بالتواصل مع طبيب العائلة.

    ويقول “ريما لا تصيب النصائح الهدف تماماً. ربما هناك طريقة أخرى تحتاج للعمل عليها”.

    كيف تتعامل مع قلق الآخرين بشكل أفضل؟

    إذا كنت لا تشعر بالقلق لكنك تعيش بالقرب من شخص يعاني من قلق كبير، فكيف يمكنك التعامل مع قلقه بطريقة بناءة؟

    يجب أن تكون لديك بعض الحساسية للموقف، لكن جملة افتتاحية جيدة لبدء الحديث هي: “لاحظت أنك تقلق كثيراً بشأن أمور مختلفة. ما هو شعورك حيال ذلك؟ هل تشعر أحياناً أنك تفوت بعض الأشياء في حياتك لأنك تركز كثيراً على هذه الأفكار القلقة؟”، كما ينصح إريك أندرشون.

    (AP Photo/Julie Jacobson)