اليمن.. فساد يعمّق المأساة الإنسانية

: 12/21/21, 5:06 PM
Updated: 12/21/21, 5:06 PM
امرأة يمنية وأطفالها يعيشون أوضاعاً صعبة نتيجة ظروف الحرب في اليمن

 (AP Photo/Nariman El-Mofty)  TT
امرأة يمنية وأطفالها يعيشون أوضاعاً صعبة نتيجة ظروف الحرب في اليمن (AP Photo/Nariman El-Mofty) TT

الكومبس – دولية: قبل انقلاب الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن على الحكومة ببضعه أشهر العام 2014 كانت احتياطات اليمن النقدية من العملات الأجنبية مستقرة عند أكثر من خمسة مليارات دولار؛ بينما تقف البلاد اليوم بعد سبع سنوات من اندلاع الحرب الطاحنة على شفا كارثة إنسانية أشد فتكاً، يمثل الانهيار الاقتصادي أحد أسبابها الرئيسة.

الريال اليمني سجّل انهياراً تاريخياً أمام العملات الأجنبية ولامست قيمته أمام الدولار حاجر الـ1200 ريالاً في تعاملات الأيام الماضية مُتراجعاً من حاجز الـ1700 ريال، بينما كانت قيمته العام 2014 عند 214 ريالاً، أي أنه فقد ثلاثة أرباع من قيمته.

تقارير اقتصادية لفتت إلى أن الحوثيين المدعومين من إيران استحوذوا على كافة احتياطات البلاد النقدية على مدى السنوات الماضية من البنك المركزي في صنعاء، إلى جانب قرابة ترليون ريال يمني. وأوردت التقارير، أن “النهب كان واحداً من أسباب التدهور الاقتصادي الأسوأ الذي تشهده البلاد”.

وقال مصدر اقتصادي يمني إن “ثمة أسباب شتى تقف وراء الانهيار الاقتصادي في البلاد. ويأتي في المقدمة فساد أخذ يُوسّع انتشاره في مؤسسات الدولة بمختلف المحافظات اليمنية سواء التي تسيطر عليها الحكومة أو التي تسيطر عليها جماعة الحوثي”.

وتسيطر الحكومة اليمنية على معظم المحافظات بما في ذلك محافظات حضرموت، ومأرب وشبوة الغنية بالنفط، وعدن المعلنة عاصمة مؤقتة للبلاد، ويتواجد فيها ميناء رئيسي، بينما يسيطر الحوثيون على معظم المحافظات الشمالية للبلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء حيث تتواجد مقرات البنوك اليمنية والشركات الكبيرة كالاتصالات، ومحافظة الحديدة التي يتواجد فيها ميناء رئيسي يمر عبره قرابة 70 بالمئة من الواردات إلى داخل اليمن.

مصادر اقتصادية ذكرت سابقاً أن إيرادات هذه المحافظات لا تصل إلى البنك المركزي اليمني الذي أعلنت الحكومة اليمنية نقله إلى العاصمة المؤقتة عدن العام 2016، بعد استكمال الحوثيين السيطرة على احتياطات البلاد النقدية، حيث تذهب إلى جيوب قيادات عسكرية وسياسية في البلاد ومتنفذين خصوصاً في مؤسسة الرئاسة اليمنية، وأضافت أن “الحوثيين ينهبون إيرادات الجمارك والضرائب وقطاع الاتصالات والموانئ ويرفضون توريد هذه الأموال المقدرة بالمليارات شهرياً، إلى البنك المركزي”.

وترى المصادر أن “الحوثيين يتخذون هذه الإيرادات مصدراً لتغذية العمليات الحربية التي تشدها البلاد، وإثراء القيادات التابعة لها، ويرفضون حتى صرف رواتب الموظفين في المناطق التي يسيطرون عليها”. ولا يتسلم الموظفون في تسع محافظات يمنية رواتبهم منذ قرابة خمس سنوات، وهي المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيون المدعومون من إيران.

وقال أحد المصادر إن “المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية لا تورد إيراداتها إلى البنك المركزي اليمني باستثناء العاصمة المؤقتة عدن. فعلى سبيل المثال، لا تورد محافظتا شبوة ومأرب الغنيتان بالنفط إيراداتهما إلى البنك المركزي”. والأمر ذاته ينطبق على محافظة تعز، وكلها محافظات يسيطر عليها فعليا حزب الإصلاح الإسلامي، الذي يقول مراقبون إنه يستحوذ على معظم موارد تلك المحافظات وبينها اثنتان غنيتان بالنفط والغاز.

وأضاف أن “جزءاً كبيراً من الإيرادات تذهب إلى جيوب قيادات عسكرية وسياسية في الحكومة اليمنية”. وتابع “عم الفساد كافة المؤسسات بما في ذلك العسكرية التي تحوي عشرات الآلاف من الأسماء الوهمية، بينما لا يزال المسؤولون في الحكومة يتسلمون رواتبهم بالعملات الصعبة، وتصدر التعيينات في مناصب حكومية لم تكن ثمة حاجة لها، من أجل الحصول على الامتيازات المادية”.

ولجأت الحكومة اليمنية إلى طبع أوراق نقدية لتغطية عجزها عن الوفاء بالتزاماتها في تسليم الرواتب، وتسبب هذا الإجراء في تفاقم الأزمة الاقتصادية، إذ استمرت قيمة الريال اليمني في التهاوي أمام العملات الأجنبية بشكل أكبر، وارتفعت أسعار المواد الغذائية والخدمات بشكل مهول، وعجز السكان عن شراء أبسط الاحتياجات الأساسية لأسرهم.

وقال موظف في وزارة التربية والتعليم “راتبي مئة ألف ريال اليمني (أقل من مئة دولار) ولا يكفي لشراء حاجات أسرتي من المواد الغذائية لمدة شهر”.

وإلى جانب النهب، زادت عدد شركات الصرافة في مختلف أرجاء البلاد بشكل مضاعف. وأكد مصدر مصرفي، أن هذه الشركات تتبع أطراف الحرب في اليمن، وأن غالبيتها غير مرخصة ولم تحصل على ترخيص من البنك المركزي اليمني، وتمارس مهمتها بحماية من قيادات عسكرية تابعة للسلطة المعترف بها.

وقال إن الحوثيين أنشؤوا كثيراً من شركات الصرافة لنهب العملات الصعبة من المحافظات اليمنية التي تسيطر عليها الحكومة، وهو ما أسهم عملياً في مضاعفة تدهور قيمة الريال اليمني، مضيفاً “لن تحل الأزمة الاقتصادية قبل توريد جميع الإيرادات إلى البنك المركزي، وتفعيل عمل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وضبط سوق الصرافة والرقابة الصارمة على مصروفات الحكومة”.

ولفتت تقارير إنسانية دولية إلى تدهور الوضع الإنساني بفعل الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وقالت إن نحو 80 بالمئة أصبحوا بحاجة إلى المساعدات الإنسانية بينما يعيش أكثر من 15 مليون يمني تحت خط الفقر المدقع.

وإزاء هذا الوضع تجد الجهود الدولية التي يقودها المبعوث الخاص إلى اليمن هانس غروندبيري تحديات مزدوجة، ليست مهمة إيقاف الحرب ووضع الأطراف على سكة السلام إلا واحدة منها، وما يصعّب ذلك أن طرفي الحرب الرئيسيين انخرطا في اقتصاد حرب يدر على قيادات من الطرفين مليارات الريالات كل يوم، ومن الصعب أن يتجاوبوا مع أي مبادرات للسلام وإنهاء الحرب.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.