هولندا

رضوان تاغي.. كيف تسبب زعيم “ملائكة الموت” برعبٍ في هولندا؟

: 2/29/24, 7:38 AM
Updated: 2/29/24, 10:02 AM
وصول المشتبه بهم في محاكمة مارينغو مع المحامين
وصول المشتبه بهم في محاكمة مارينغو مع المحامين

الكومبس – أوروبية: رضوان تاغي زعيم “ملائكة الموت” وأبرز وجوه المافيا في هولندا، حُكم عليه مؤخرا بالمؤبد، في قضية تزامنت مع جرائم قتل، وأثارت الرعب والجدل في المجتمع الهولندي بما في ذلك داخل النظام القضائي نفسه، ولا يزال الخوف مستمراً!

وحُكم على ثلاثة أشخاص معروفين في عالم الجريمة، بينهم زعيم الجريمة المنظمة الشهير في هولندا، وبارون المخدرات المعروف، رضوان تاغي أو التاغي، بالسجن مدى الحياة في واحدة من أكبر القضايا الجنائية في هولندا.

جرت المحاكمة وسط إجراءات أمنية مشددة. وانتشرت قوات من الأمن والجيش في محيط المحكمة لتوفير الأمن، فيما توجه المدعون والقضاة إلى المكان في سيارات مصفحة بطريقة سرية.

أكد المدعون العامون في محاكمة مارينغو، والتي سُميت على اسم كلمة رمزية قضائية للعملية، أن الثلاثي، كقادة لعصابة إجرامية، قد أمروا أو نسقوا سلسلة من ست جرائم قتل بالإضافة إلى محاولات قتل أخرى مخطط لها بين عامي 2015 و2017.

كما تمت إدانة 14 رجلاً آخرين بقضاء فترات سجن تتراوح بين ما يقرب من عامين إلى 29 عاماً، ما كتب نهاية لمحاكمة استمرت ست سنوات، وكانت مليئة بالتقلبات والمفاجآت.

زعيم “ملائكة الموت”

رضوان تاغي، البالغ من العمر 46 عامًا، والذي كان في يوم من الأيام المبحوث عنه المطلوب الأول في هولندا، تم تسليمه من دبي في عام 2019 للمحاكمة، و صرحت الشرطة سابقًا أنه كان جزءًا من “كارتل عظيم”.

كان هذا الكارتل يسيطر في وقت ما على ثلث تجارة الكوكايين الأوروبية، التي تعرضت لضربة كبيرة عام 2022 عندما نسقت الشرطة الأوروبية “يوروبول” عملية قبض واسعة.

ينتمي تاغي إلى ما أطلقت عليه وسائل الإعلام “موكرو مافيا” (العصابات التي أعضاؤها ذو أصول مغربية) الذين سيطروا على جزء مهم من تجارة المخدرات الهولندية والأوروبية، وهناك من أطلق على منظمتهم اسم “ملائكة الموت”.

وُلد تاغي في المغرب، لكنه انتقل لهولندا في سن الثالثة، وبعد مسار دراسي متعثر، انضم في شبابه إلى منظمات الجريمة، ومنها إلى زعامة عالم المخدرات، ويشتبه أنه كان وراء تصفية شاب في مقهى في مدينة مراكش المغربية عام 2017.

نهاية محاكمة مارينغو

ثلاث جرائم هزت المجتمع الهولندي لها علاقة بمحاكمة رضوان تاغي رغم أن الحكم بشأنها لم يصدر بعد، هي مقتل مراسل الجريمة الشهير بيتر آر. دي فريش عام 2021 ، ثم المحامي ديرك فيرسوم في عام 2019، ثم شقيق نبيل ب.، وهو الشاهد الرئيسي للادعاء في قضية مارينغو في عام 2018.

كان المراسل دي فريش يعمل كمستشار لنبيل ب.، المشتبه به الذي تحول إلى شاهد لصالح السلطات في عام 2018، ما يُعتقد أن ذلك تسبب بقتل شقيقه بعد ذلك بوقت قصير.

بينما كان المحامي فيرسوم يدافع عن نبيل ب.، الذي قدم شهادته الموسعة في 41 بيانًا تشمل مئات الصفحات، وفقًا للمدعين العامين، وهي الشهادة التي شكلت دليلاً رئيسيًا بالإضافة إلى “كنز ضخم” من الرسائل النصية المشفرة التي تم إرسالها بين أعضاء العصابة.

مقابل تعاونه، تم تخفيض الحكم على نبيل ب، الشاهد الرئيسي، وتم خفض عقوبته لمساهمته في القتل من 20 إلى 10 سنوات.

هولندا “دولة مافيا” جديدة؟

كانت الجرائم الثلاث، التي لم يشملها الحكم الصادر هذا الأسبوع، إنذارًا لهولندا بشأن عنف العصابات، وفقًا ساسكيا بيليمان، مراسلة محاكم من صحيفة دي تيليغراف الهولندية اليومية.

“قبل قضية مارينغو، كنا دائمًا نعتقد أنه طالما أنهم يقتلون بعضهم البعض، فهذا لا يكون له تأثير هائل على مجتمعنا”، تقول الصحفية. وتضيف “حتى تغير الحال، عندما قتلوا شقيق الشاهد الرئيسي، ثم قتلوا المحامي. وقتلوا مستشاره أشهر صحفي في هولندا”، قالت، في إشارة إلى دي فريش.

لكن حتى صحيفة دي تيليغراف، التي تركز على الجريمة، أدت ضريبة تغطية هذه القصة. في عام 2018، اصطدمت شاحنة بمكاتب دي تيليغراف عمداً في أمستردام واشتعلت فيها النيران. “كان ذلك لإسكاتنا، حسب ما أعتقد”، تقول بيليمان، مؤكدة أنهم لم ينجحوا في مسعاهم.

عام 2022، اعترضت السلطات الهولندية كوكايين بقيمة تبلغ 3.5 مليار يورو (3.8 مليار دولار)، جلّ الشحنات كانت في ميناء روتردام، المحور الأوروبي الكبير للشحن. اعترف المسؤولون صراحةً بأن كميات كبيرة من الكوكايين كانت تصل بشكل مستمر إلى البلاد دون أن يكتشفها أحد، في تجارة ازدهرت خلال السنوات الأخيرة.

الجرائم خلقت النقاش حول ما إذا تحولت هولندا إلى بلد جديد للمافيا. “هولندا الهادئة والسلمية، حيث لم تكن الجريمة المنظمة تشكل ظاهرة، يتم الآن مقارنتها بإيطاليا”، تقول دينا سيغل، عالمة علم الجريمة في جامعة أوترخت، لـDW، مضيفة أنه “يتم دعوة خبراء إيطاليين [في المافيا] بانتظام لاستشارة السياسيين الهولنديين.”

جدل المحاكمة

إطلاق النار ومقتل دي فريش الشهير على وجه الخصوص، أثار خوفاً كبيرًا لدى العموم. يقول محامٍ لأحد المتهمين لـ DW شريطة عدم الكشف عن هويته إنه كان “مستحيلًا تقريبًا الدفاع” عن موكله، نظرًا للضجة الإعلامية الهائلة التي أحاطت بالمحاكمة.

“لا تستطيع الدولة الهولندية تحمل عدم إدانة المشتبه بهم، كما جادل هؤلاء دافعين ببراءتهم”، يقول المحامي، لافتًا أن موكلهم سيستأنف الحكم خلال أسبوعين.

كانت محاكمة مارينغو فوضوية بكل المقاييس. دافع عن تاغي في البداية ابن عمه، الذي كان محاميًا كذلك، ثم المحامية المعروفة إينيز ويسكي، لكن حتى هما تم اعتقالهما وسُحبا من فريق الدفاع القانوني.

القاضي، الذي لا يمكن الكشف عن هويته لأسباب أمنية، نفى الادعاءات بأن المحاكمة قد تم التلاعب فيها يوم الثلاثاء، وصرّح: “كانت محاكمة جميع المتهمين محاكمة عادلة”، مشيراً إلى الأدلة القوية التي قدمها الادعاء.

تركت محاكمة مارينغو بصمتها على المجتمع الهولندي، خاصة بالنسبة للمحامين والصحفيين، تؤكد الصحفية بيلمان أن لديها زميلان تتم حراستهما 24 ساعة في اليوم، لافتة أن الدولة بدأت تتعلم من أخطائها وأصبحت تقدم حماية أفضل للأشخاص المعرضين للخطر.

من جهته، يقول سفين برينكهوف، أستاذ القانون الجنائي في جامعة أمستردام، لـDW، إن المحاكمة أثرت سلبًا على العاملين في النظام القانوني، إذ يقول: “أكبر تغيير حدث أنها جلبت الخوف لهذا النظام”.

يشير سفين برينكهوف ودينا سيغل إلى النجاحات الأخيرة للسلطات في مكافحة تهريب المخدرات. لكنهما لا يعتقدان أن الحكم على تاغي وشركائه هو نهاية القصة. “ستستمر تجارة الكوكايين الكامنة وهذه حقيقة مزعجة”، يقول برينكهوف.

تؤكد سيغل ذلك: “إذا سألتم عما إذا كانت الجريمة المنظمة ستختفي، فالجواب هو لا”، مشيرةً إلى أجيال سابقة من زعماء الجريمة في هولندا. وتضيف: “طالما أن الجريمة تدر الأرباح، سيكون هناك لاعبون جدد في الساحة الإجرامية في هولندا، أو في أي مكان آخر”.

أعده للعربية: ع.ا

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.