مولدوفا.. دولة صغيرة تحاول تفادي “الدب الروسي”

: 5/11/22, 7:29 AM
Updated: 5/11/22, 1:41 PM
الرئيسة المولدوفية، مايا ساندو، خلاله لقائها رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل
الرئيسة المولدوفية، مايا ساندو، خلاله لقائها رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل

يرغب المولدوفيون بشدة في هزيمة روسيا بأوكرانيا، ليس فقط دعماً لجيرانهم الأوكران، بل كذلك خوفا من اجتياح روسي للبلد بالذرائع نفسها التي استخدمتها موسكو في أوكرانيا. فما قصة هذا البلد الصغير؟ ولماذا توترت علاقته مع روسيا؟

هي دولة صغيرة، عدد سكانها لا يتجاوز ثلاثة ملايين، لكن عدد المولدوفيين أكبر من ذلك، فنسبة كبيرة منهم تعمل في الخارج، ما يجعل التقدير الفعلي لعددهم أمراً صعباً. تعرّف عليها العالم بشكل أكبر خلال الحرب الروسية على أوكرانيا، إذ استقبلت 450 ألف لاجئ من أوكرانيا، ما يجعلها البلد الأوروبي الأكثر استقبالاً للاجئين من أوكرانيا مقارنة بعدد السكان.

تصدرت مولدوفا، البلد الصغير في شرق أوروبا، عناوين الأخبار أكثر من مرة مؤخراً بعد زيارات قام بها مسؤولون من العالم، منهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي أكد أن الأمم المتحدة ملتزمة بدعم شعب مولدوفا وأمنها، (في تلميح لمخاوف مولدوفا من غزو روسي مماثل لا سيما مع وجود مع منطقة انفصالية فوق أراضيها مدعومة من موسكو).

تاريخ مولدوفا

حازت مولدوفا على استقلالها من الاتحاد السوفياتي العام 1991 بعد تفكك هذا الأخير. اللغة الرسمية في البلد هي الرومانية. تشترك حدودها مع رومانيا في الغرب ومع أوكرانيا في الشرق والجنوب، ما يجعلها لا تملك إطلالة على البحر الأسود.

حتى 1940، كانت جلّ الأراضي الواقعة حالياً تحت السيادة المولدوفية جزءاً من رومانيا، وبعد غزو السوفييت لأوروبا الشرقية، أنشؤوا الجمهورية المولدوفية السوفيتية الاشتراكية.

جلّ مواطنيها ينحدرون من الإثنية الرومانية، ما يتيح لكل مواطن مولدوفي من أصول رومانية الحصول على جواز روماني، وبالتالي يكونون مواطنين في الاتحاد الأوروبي بما أن رومانيا انضمت إلى الاتحاد منذ عام 2007، عكس مولدوفا التي لم تنضم بعد.

ويستفيد المولدوفيون من الجواز الروماني للعمل في دول الاتحاد الأوروبي والمساهمة في إعالة أسرهم، خصوصاً أن مولدوفا مصنفة ضمن أفقر بلدان أوروبا.

المنطقة الانفصالية

شرق البلاد على جزء من حدود مولدوفا مع أوكرانيا، توجد المنطقة الانفصالية ترانسنيستريا أو إقليم ترانس-دنيستر. انفصلت المنطقة عن مولدوفا بحكم الأمر الواقع العام 1992 بعد مواجهات قصيرة مع الجيش المولدوفي.

وهي تعلن نفسها مستقلة لكن المجتمع الدولي لايزال يعتبرها جزءاً من مولدوفا. تدعم موسكو بقوة الانفصاليين في هذه المنطقة لكنها لا تعترف باستقلالها عن مولدوفا. وتملك روسيا قوات لها في الإقليم وتجري بشكل دوري تدريبات هناك.

يتحدث 60 بالمئة من سكان هذا الإقليم اللغة الروسية، وتملك ما يعرف بـ”جمهورية بريدنيستروفيا المولدوفية” برلماناً خاصاً بها. توجد كذلك اللغة الأوكرانية والرومانية، وتعرض الإقليم لتراجع كبير في عدد السكان بسبب النزاع الذي رغم كونه مجمدا، فهو يهدّد دائماً بتفجر الأوضاع خصوصا مع وقوع انفجارات في عدة مبان بالإقليم بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويعدّ الوجود الروسي في الإقليم صداع رأس بالنسبة للحكومة المولدوفية، خصوصا مع الرغبة الروسية الجامحة في السيطرة على جنوب أوكرانيا. وتتخوف مولدوفا من تكرار موسكو للمبرر ذاته الذي أعلنته في منطقة دونباس الأوكرانية، وتتدخل نتيجة لذلك في ترانسنيستريا. وعكس أوكرانيا، لا تتوفر مولدوفا على خبرات قتالية كبيرة وجيشها لا يمثل تحديا كبيرا للروس.

سويسرا أوروبا الشرقية

حاولت مولدوفا، ثلاث سنوات بعد استقلالها عن الاتحاد السوفياتي، تبني مبدأ الحياد الدولي، وأكدت على ذلك في دستورها، متبعة بذلك النهج السويسري، لكن السبب الرئيسي يعود إلى رغبتها في دفع القوات الروسية إلى الابتعاد عن إقليم ترانسنيستريا، لكن هذه الخطة لم تنجح كثيراً.

الحياد الدولي يعني أن مولدوفا ليس بإمكانها الانضمام إلى أّيّ تحالف دولي ومن ذلك حلف الناتو، ويعني كذلك عدم انضمام مولدوفا إلى أيّ خطط دولية ضد روسيا.

ورغم أنّ الرئيسة المولدوفية، مايا ساندو، وهي مساندة للاتحاد الأوروبي، نددت بالغزو الروسي لأوكرانيا، فإن المراقبين يستبعدون مشاركة مولدوفا في أيّ خطوات أخرى. وما يصعب وضع هذه الدولة الصغيرة هو اعتمادها بشكل كبير على واردات الغاز الروسي.

كارلا بليكر

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية وDW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.