الكومبس- خاص: قد تكون جامعتا يوتيبوري وشالمش للتكنولوجيا مقصدَ العديد من الطلاب الذين يفعلون كل ما بوسعهم لتحصيل مقعد دراسي في إحدى الجامعتين، فهما من أشهر جامعات السويد، لكن هل يكفي الحصول على مقعدٍ في “جامعة أحلامك” لتكمل مسيرتك الدراسية؟ أم أن حُلم الحصول على سكن طلابي، وغيره من متطلبات الدراسة سيقف عائقاً في طريق إتمام التحصيل الجامعي؟
تعتبر مدينة يوتيبوري أو “لندن الصغرى” -كما يعرفها سكانها المحليون- من أكثر مدن السويد استقطاباً للسكان، إذ بلغ عدد سكانها وفقاً لهيئة الإحصاء السويدي (SCB) أكثر من 600 ألف نسمة. الأمر الذي ولّد أزمة سكن كبيرة.
وبين المتضررين من الأزمة الطلبة الجامعيون الذين يواجهون مشكلة إيجاد سكن مناسب مع بداية كل موسم دراسي، بينما تكثر محاولات خداع الطلاب أو استغلالهم من قبل بعض الأطراف التي تحاول اصطيادهم بحجة تأمين سكن لهم خلال فترة دراستهم، خصوصاً إن لم يحالفهم الحظ بالحصول على غرفة، أو شقة طلابية بأحسن الأحوال عبر شركات السكن الطلابي الشهيرة في يوتيبوري مثل (SGS Studentbostäder)، أو (Chalmers Studentbostäder) وغيرها.
يوتيبوري “منطقة حمراء”
المشكلة يتصاعد تعقيدها باستمرار، فوفقاً لتقرير اتحاد الطلبة في السويد (Sveriges förenade studentkårer – SFS) الصادر هذا العام، صُنفت مدينة يوتيبوري “مدينة حمراء” من جديد ما يعني فقدانها ميزة (Studentbostadsgaranti) الموجودة في بعض مدن السويد مثل فالون، وكالمار، وسوندسفال وغيرها، إذ تضم جامعتا المدينة حوالي 67 ألف طالبٍ، لكن هناك فقط نحو 12 ألف سكن طلابي وفقاً لإحصاءات التقرير، فأين يسكنُ بقية الطلبة؟

إيجار “غير معقول”
حسناء محمد (50 عاماً) من سكان مدينة يونشوبينغ، قالت للكومبس “أنا أدرس برنامج Farmaceut program في كالمر، لكن عندما تخرجت ابنتي من الثانوية أردت أن أكون بجانبها خلال رحلتها الدراسية، خصوصاً أنها أرادت الدراسة في جامعة يوتيبوري ضمن برنامج (Apotekarprogrammet) لكن للأسف لم نستطع الحصول على سكن بسبب العروض غير المنطقية التي حصلنا عليها. 5 آلاف كرون مقابل 7 أمتار”.
وأضافت “هل يعقل أن ندفع 5 آلاف كرون شهرياً لنعيش سويةً في شقة مساحتها 7 أمتار؟!”.
ولفتت حسناء لفكرة أن ابنتها لم تحصل في السنة الثانوية الأخيرة على الإرشاد الكافي حول كيفية التسجيل في المفاضلة الجامعية، وأهمية البحث المسبق عن سكن، الأمر الذي شكّل مسؤولية كبيرة عليها كأم لإرشاد ابنتها إلى الإجراءات اللازمة بهذا الصدد، مضيفة “ابنتي محبطة مثل كثير من الطلبة”.
“لسنا فريسة سهلة”
علياء (اسم مستعار) عمرها 39 عاماً من سكان مدينة أورنشولدسفيك (Örnsköldsvik)، بدأت تعديل شهادتها الجامعية (علم اجتماع) في جامعة يوتيبوري ضمن برنامج (Kompletterande socionomutbildning för personer med utländsk examen)، وتحدثت عن رحلة طويلة للحصول على سكنٍِ يلائمها تخللها عدد كبير من محاولات النصب والاحتيال، لكن بسبب اطلاعها على قوانين الإيجار والتأمين، نجت من جميع هذه المحاولات.
تقول علياء “رغم أنني سجلتُ في شركات السكن الطلابية في مدينة يوتيبوري منذ بداية العام، لم أحصل على سكن نظراً للضغط الهائل على المدينة، ولهذا لم يكن لدي خيار إلا أن أتجه إلى وسائل التواصل، وللأسف حاول بعض الأشخاص خداعي عبر اللعب على وتر عاطفي بضرورة مساندة بعضنا، وعندما كنت أسألهم عن أبسط حقوقي، وهي معرفة نوع العقد والتأمين الموجود وماذا يشمل، أو حتى عن إمكانية القدوم لأرى المكان على أرض الواقع، تبدأ رحلة وضع الأعذار أو طلب تحويل مبلغ من المال لهم كـ”سلفة” بحجة حجز الشقة لي”.
وتضيف “رغم كل محاولات التضليل هذه، لم يخلُ الأمر من بعض الأشخاص الذين أرادوا مساعدتي لكن كان المبلغ المطلوب مبالغاً فيه، إذ لا يعقل أن أدفع 8 آلاف كرون شهرياً لأسكن مع طلاب أو أشخاص آخرين بمنطقة تبعد عن جامعتي أكثر من ساعة ونصف في الباص أو القطار”.
ما تصفه علياء، يشبه الفيلم المُدرج أدناه الذي نشرته الشرطة على صفحتها الرسمية بهدف توعية الطلبة من “الشخص الحَذق” الذي يُتقن أساليب الاحتيال واللعب بالألفاظ ساعياً لإفساد فرحة الطلبة.
ويمكن تلخيص نصائح الشرطة الموجّهة للطلبة بالقائمة التالية:
- تحقق دائماً من ملكية العقار وما إذا كان للشخص الحق بتأجير الشقة من الباطن (Andra hand).
- احذر من الروابط في البريد الإلكتروني: قد يرسل المحتالون رسائل بريدية تحتوي على روابط لمواقع مزورة وأرقام هاتفية تقود إلى شركاء في الجريمة.
- اطلب التحقق من الهوية: اطلب من المؤجر تقديم بطاقة الهوية أو وثيقة إثبات شخصية.
- احصل على عقد إيجار مكتوب: تأكد من الحصول على عقد إيجار مكتوب وموقع من الطرفين.
- لا تدفع مسبقاً: لا تدفع أي مبلغ قبل رؤية الشقة وتوقيع العقد. الطلب بالدفع المسبق قبل الالتقاء يعني غالباً أنه احتيال.
- تجنب الدفع عبر خدمات الدفع المجهولة: لا تدفع الأموال عبر خدمات الدفع التي لا توفر طرقاً موثوقة للتتبع.
أين جامعة يوتيبوري من هذه الأزمة؟
تقود جامعة المدينة منذ العام 2016 مشروعاً أسمته (+GBG7000) الذي يهدف لرفد سوق السكن الطلابي بـ7 آلاف شقة جديدة، ووفقاً للموقع الرسمي للمشروع، فإن جامعة يتيبوري تتعاون مع مشغلي الإسكان والبناء والسياسيين لإيجاد حلول لمشكلة السكن الطلابي، لكن نظراً لارتفاع أسعار الأراضي وازدياد تكاليف البناء، لا يلوح في الأفق تحقيق هذا الهدف قبل العام 2026 رغم إتمام بناء بعض الشقق وانتقال عدد من الطلبة إليها بشكل فعلي خلال العامين الماضيين.
الكومبس تواصلت مع رئيس اتحاد طلبة يتيبوري ميلكر فارغبانر، للسؤال عن آخر مستجدات المشروع وأبرز الإجراءات التي تتخذها الجامعة لضبط أسعار السكن الطلابي، وما زالت بانتظار الرد.
راما الشعباني
يوتيبوري
المزيد حول “مشكلة السكن”: