المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
في مقال تنشره أفتونبلادت أيضاً.. الكومبس و”ذا لوكال” يردان على خطاب الكراهية الموجه للمهاجرين
الكومبس – رأي: كتبت الرئيسة التنفيذية للكومبس يوليا آغا، والمحرر في صحيفة The Local الناطقة بالإنجليزية ريكارد أورانج، مقالاً مشتركاً تنشره الكومبس بالتزامن مع The Local وصحيفة أفتونبلادت.
المقال يُنشر بالعربية والإنجليزية والسويدية في وقت واحد، وينتقد الكاتبان فيه خطاب الكراهية ضد الأجانب الذي وسم النقاش السياسي خلال الحملات الانتخابية التي شهدتها السويد طيلة الأسابيع الماضية. ويرى الكاتبان أن النقاش السياسي يتناسى أن المهاجرين ساهموا في بناء السويد، مفندين الاقتراحات “المتطرفة” التي طرحتها أحزاب سويدية للتعامل مع المناطق الضعيفة.
إليكم نص المقال:
يوجد في السويد نحو مليوني مولود في الخارج، ترك الحراك الانتخابي الأخير لدى بعضهم طعماً مريراً. ورغم أن جميع الأحزاب تتفق ربما على أن لدينا فصلاً مجتمعياً في السويد وأنه يجب وقفه، فإن النقاش يدور حول الجريمة فقط. لذلك ندعو إلى نقاش بناء لإيجاد حلول حقيقية للفصل العرقي في المجتمع.
سألت الكومبس وThe Local قراءهما عن الحملة الانتخابية، فعبّر كثيرون عن صدمتهم من خطاب كراهية الأجانب الذي وسم النقاش السياسي، من اليمين إلى اليسار. تركز صورة المهاجرين التي تقدمها وسائل الإعلام والسياسيون اليوم، على أولئك الذين يحرقون السيارات ومجرمي العصابات ومن يعيشون على المساعدات ولم يتعلموا اللغة السويدية، لكن نادراً ما نسمع في الإعلام أو النقاش السياسي عن العدد الكبير من الذين يبذلون قصارى جهدهم من أجل المجتمع السويدي يومياً. فهل نسينا حقاً جميع المولودين في الخارج الذين كانوا على خط المواجهة في الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد خلال أزمة كورونا؟! هل نسينا حقاً أولئك الذين كانوا يقودون سيارات الأجرة، وأولئك الذين كانوا يعملون في الرعاية الصحية للعناية بمرضانا، أو أولئك الذين كانوا يقودون باصات مليئة بركاب يعطسون ويسعلون، وكان من المحتمل أن يصابوا بالعدوى جراء اختلاطهم بالناس الذين أصروا على استخدام وسائل النقل العام؟! هل نسينا أولئك الذين توفوا؟! أرقام إدارة الرعاية الاجتماعية أظهرت أن الوفيات الناجمة عن كورونا كانت مرتفعة بشكل واضح لدى الأشخاص المولودين في تركيا وسوريا والصومال والعراق وإيران واليونان وتشيلي.
لقد ساهم المهاجرون في بناء السويد، من مجموعة الفالون (مجموعة عرقية تعود أصولها إلى بلجيكا) الذين بدؤوا العمل في المناجم وصناعة الحديد، إلى التجار والصناعيين البريطانيين الذين أسسوا الشركات في القرن العشرين. ومنذ الحرب العالمية الثانية، تطورت أقسام كثيرة من الصناعة السويدية على يد عمال من فنلندا وإيطاليا وتشيلي ويوغوسلافيا السابقة. واليوم يعتمد كثير من المهن الخدمية على المولودين في الخارج من مختلف أنحاء العالم. لكن الوصول إلى السويد أصبح أكثر صعوبة، مع فترات انتظار طويلة للحصول على تصاريح العمل ورفض تجديد التصاريح بشكل متكرر نتيجة الأخطاء الإدارية لأصحاب العمل. هذه العقبات لا تصعّب الحياة على الأفراد الذين يجدون أنفسهم في مأزق فحسب، بل تجعل الأمر أيضاً أكثر تعقيداً على أرباب العمل الذين يجدون صعوبة في العثور على أصحاب المهارات المناسبة.
هذه المشكلات غابت تماماً عن الحملات الانتخابية. وبدلاً من مناقشتها، ركزت الاقتراحات على الجريمة فقط. ومن أمثلة ذلك ما طرحه المحافظون، حيث يريدون إنشاء حواجز تفتيش في المناطق الضعيفة جداً، بحيث يمكن للشرطة إجراء عمليات تفتيش دون أي اشتباه بارتكاب جريمة. كما يريدون ترحيل الأجانب لمجرد الاشتباه بارتكابهم أو مشاركتهم في الجريمة المنظمة، بغض النظر عما إذا أدينوا بارتكاب جريمة أم لا. في حين يذهب ديمقراطيو السويد (SD) إلى حد اقتراح ترحيل عائلات بأكملها إذا ارتكب أحد أفراد الأسرة جريمة. كما يريدون فرض “خدمة المجتمع” لأغراض عقابية على الأطفال في سن التاسعة. وفيما اقترح الليبراليون فرض اختبارات لغة إلزامية للأطفال في عمر السنتين، أكد المسيحيون الديمقراطيون أن المشكلة سببها وجود قيم غير سويدية. أما حملات حزب الاشتراكيين الديمقراطيين فحملت شعار “سنقلب كل حجر لكسر الفصل المجتمعي ووقف العصابات”، وهي المرة الأولى التي يجري فيها الربط بشكل واضح بين الفصل المجتمعي والهجرة والجريمة.
هذا الربط الواضح يحتاج إلى وقفة، فالمناطق المعزولة لديها نسب فقر أعلى، ومدارس أسوأ، ورعاية أسوأ، ومساكن أسوأ، وفيها في الوقت نفسه عدد أكبر من المولودين في الخارج. المنطق يقول إن الجريمة هي نتيجة من نتائج الفصل المجتمعي، وليس العكس، أي ليس المولودين في الخارج هم سبب الجريمة.
هناك مشاكل كبيرة في مناطقنا المعزولة، ومن يعيشون في هذه المناطق هم أكثر من يعانون منها. ومن أجل هؤلاء يجب أن يدور النقاش حول كيفية منحهم الظروف المناسبة ليكونوا قادرين على الاندماج.
قد يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يدعو المرء زميله الجديد القادم من بلد آخر إلى احتفال منتصف الصيف، لكن يمكنه على الأقل محاولة التعرف عليه. أم أن هذا حجر لا يرغب أحد في قلبه؟!
وفقاً للخريطة الثقافية التي أعدها استطلاع القيم العالمي (World Values Survey)، تعد السويد واحدة من أكثر الدول تشدداً في الدفاع عن قيمها. نحن نبرز كثيراً حين الحديث عن حرية التعبير والقيم العلمانية، لكن يبدو أن النقاش قي قضية الاندماج يتناسى ذلك، فمن المتوقع أن يتكيف المهاجرون مع هذه القيم بمفردهم بمجرد وصولهم إلى السويد! بالتأكيد كل شخص في السويد عليه واجب بذل جهده للتكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه، لكنه يحتاج أيضاً إلى الأدوات المناسبة للنجاح.
يوليا آغا، الرئيسة التنفيذية للكومبس
ريكارد أورانج، محرر في صحيفة The Local
رابط المقال المنشور في أفتونبلادت من هنا