صباح اليوم وقبل أن ننهض من فراشنا الدافئ ونتناول قهوتنا الساخنة، كان هناك 24 ضحية سقطت في غزة مع طلوع الفجر، بهجوم إسرائيلي جديد على خيام عائلات مشردة عانت على مدار سنة ونصف من الجوع والعطش والخوف.
وفي صباح كل يوم تعيد غزة طرح السؤال نفسه: متى يستيقظ الضمير العالمي؟ وما هي أخبار الرأي العام في السويد والعالم؟ وكيف هي بورصة مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان هذه الأيام لدى الساسة وصانعي القرار؟ أهلاً بكم
تستوقفك صورة لخبر منشور اليوم على إحدى الصحف السويدية الكبرى، الصورة ليد طفلة ممدودة من بين الدمار تلبس سواراً ورسومات حنة العيد، حسب قوانين وأخلاقيات الصحافة هنا لم تنشر صورة كاملة للطفلة ولا لجميع أفراد أسرتها الذين قتلوا جميعهم صباح العيد.
على الصورة نجد عنواناً لافتاً يقول: 300 طفل ماتوا في غزة خلال 10 أيام فقط، تسأل نفسك هل يوجد باللغة السويدية فرقا مجازيا بين كلمة الموت والقتل؟ وهل يعرف القارئ السويدي من قتل هؤلاء الأطفال؟ وكيف ولماذا قُتلوا؟
أن تبني عنوانا بفاعل مجهول عندما يتعلق الأمر بقتل الأطفال فهذا ليس عملا مهنيا، يقول أحد المعلقين، ويقول آخر: شكرا للصحيفة لأنها جذبتنا لقراءة الخبر، ولكن من واجب الصحافة أن تكون واضحة وتقول إن الأطفال قتلوا وكيف قتلوا ومن قتلهم؟ آخرون كتبوا عن مقارنات مثل ماذا لو كان الأطفال القتلى من أوكرانيا أو من إسرائيل؟
حتى الصليب الأحمر وعندما نعى 5 أو 6 من موظفيه في غزة، لم يقل إن إسرائيل قتلتهم، بُنيت النعوة لموظفين فقدوا حياتهم من أجل مساعدة الآخرين على فاعل مجهول.
هذا الخلل الواضح في تعاطي السياسيين والصحافة وبعض المؤسسات الإنسانية مع التجاوزات الإسرائيلية يحتاج إلى اهتمام وتناول جدي بل يحتاج أيضا إلى حوار جريء مع الجميع، بمن فيهم من يعتبرون أنفسهم ” أصدقاء إسرائيل”
لأن الأمر بات لا يقتصر على الجانب الإنساني لمعاناة سكان القطاع، بل أصبح الخطر واضحاً على الجميع، أصبح الخطر يهدد مفاهيم العدالة والديمقراطية وكل القيم التي تنادي بها المجتمعات الغربية، وهنا يتحمل الجميع المسؤولية خاصة من يعتبرون أنفسهم أيضا أصدقاء فلسطين.
لأن الشكوى والتذمر والشعور بالإحباط والعزلة لا تقدم شيئاً في تخفيف معاناة الناس في غزة.
يجب ألّا يغيب عن بالنا أننا نعيش في السويد، البلد الذي بنى دستوره الأساسي على موضوع الحريات خصوصاً حرية التعبير، وهنا يوجد مؤسسات عديدة لحماية هذه الحريات ومنها الشرطة نفسها وهناك على سبيل المثال معهد اسمه Svenska PEN يراقب التهديدات التي تواجه حرية التعبير، ويقوم برصدها ومكافحتها، سواء في السويد أو على الصعيد الدولي.
نشر المعرفة بالصراع والتحلي بالجرأة في طرح الرأي والانفتاح على الجميع ومخاطبة الصحافة، كلها حقوق يكفلها لنا القانون هنا، إلى جانب نبذ من ينشرون الكراهية ومعاداة السامية.
عندما نستيقظ صباح كل يوم يجب أن نفكر كيف نوقظ معنا الضمير العالمي وكيف تنهض مرة أخرى قيم العدالة والإنسانية والمساواة.
آخر الفيديوهاتالمزيد من الفيديوهات
غزة قلقة على ديمقراطيتكم
النشر: 4/4/2025, 11:51 ص
التحديث: 4/4/2025, 11:51 ص