وافقت أمس الجمعة لجنة علمية على أطروحة دكتوراة، دافع عنها الباحث سامح إيجيبتسون تتمحور حول إثبات أن الإخوان المسلمين متواجدون كتنظيم في السويد من خلال الرابطة الإسلامية ومؤسسات أخرى تابعة للرابطة، وأن الإخوان متغلغلون ولهم تأثير وتواجد في السويد إجمالا.
نقاش الأطروحة استمرت على مدار 4 ساعات ولاقت انتقادات لاذعة ومعارضة شديدة من قبل شخصيات وجهات حضرت النقاش أو شاركت بإبداء رأيها عن بعد.
مقاعد قاعةLux الـ 200 في الجامعة امتلأت بسرعة، وأغلقت البوابات لأسباب أمنية بعد تدفق نحو باحثين وطلاب وفضوليين لسماع وقائع الدفاع عن الأطروحة.
وكان من بين الحضور الباحث في شؤون الإرهاب ماغنوس رانستورب، والسياسة من دينة يوتيبوري آن صوفي “سوفان” هيرمانسون (من الحزب الاشتراكي) وهما يقفان مع سامح إيجيبتسون وهناك من يتهمهم بالإسلاموفوبيا. وكان من بين الحضور أيضا الإمام سعيد عزام رئيس مجلس الإفتاء السويدي.
مشككون بالأطروحة: عمل فاضح وقريب لنظرية المؤامرة
من المعارضين والمشككين في الأطروحة المؤرخ أندرياس أونيرفورز، مؤرخ الايديولوجيات، والناشط في جامعة لينيوس والخبير في نظريات المؤامرة، والذي وصف أبحاث إيجيبتسون بـ “الأطروحة الفاضحة” قائلاُ:
–أنا مندهش من أن جامعة لوند تطلق هذه الأطروحة بهذه الطريقة. كان ينبغي أن يكون هناك مراجعة للجوانب الأخلاقية. الطريقة التي يتحدث بها سامح إيجيبتسون عن جماعة الإخوان المسلمين تشبه منطق نظرية المؤامرة.
فيما انتقد العالم بالشؤون الإسلامية تورستن جانسون، وعضو لجنة التقييم، سامح إيجيبتسون لعدم تحديده المفاهيم المركزية في الأطروحة قائلا:
– التجويف، الاندماج، الإسلاموفوبيا، النفاق المنظم، هي عدد من المفاهيم التي لم يحددها، وهذه مشكلة.
بعد ساعتين من المداولات بين لجنة التقييم، وافقت اللجنة على الأطروحة، بأغلبية صوتين مقابل صوت واحد، هو صوت تورستن جانسون الذي اعتبر أن “أوجه القصور العلمية في الأطروحة أكبر من أن يتم الموافقة عليها”.
وافق العضوان الآخران في لجنة تحديد الدرجات، توركل ليندكويست وبول كاتسيفيليس، على أوجه القصور – لكن في النهاية كانا أكثر إيجابية بشأن صفات الأطروحة، لكنهما اختارا الموافقة عليها.
فيما أعرب المحلل السياسي الناشط في كردستان العراق خالد صالح عن إعجابه بما قام به سامح إيجيبتسون قائلاً:
– بشكل عام، يقوم سامح إيجيبتسون بعمل جاد، وبهذا يستطيع أن يطلق على نفسه لقب دكتور في اللاهوت، بعد أن عمل على أطروحته لأكثر من عشرين عامًا. أنا سعيد ومرتاح، شكرا للمشرفين على الأطروحة، أستاذ العلوم السياسية ماتس ليندبيرج وأستاذ علوم الإرساليات ميكا فاكانغاس.
الإمام سعيد عزام: الباحث وقع في أخطاء تاريخية وواقعية
الإمام سعيد عزام، الذي كان حاضرا لنقاش الأطروحة، قال في حديث مع الكومبس: “من خلال متابعتي السابقة لهذا الباحث أرى أنه متحيز وبعيد عن الحيادية لذلك لا يستحق عمله أي درجة علمية، الباحث هنا وقع في أخطاء تاريخية وواقعية، وكأنه بعيد عن حقائق ومتغيرات عديدة طرأت على الإخوان المسلمين كمفهوم أكثر مما هو تنظيم واحد وله فروع وبرامج محددة”
مضيفا أنه لم يعد هناك مشتركات تجمع الإخوان المسلمين في كل الدول، من الخطأ أن نشبه هذا التنظيم في دولة ما بأنه هو نفسه في دولة أخرى، إضافة إلى أن المنتمين إلى الإخوان في أوروبا جاؤوا من مشارب ودول وبيئات مختلفة، وموضوع الاستقلال عما يمسى التنظيم الدولي للإخوان هو أمر واقع، رفض الباحث الاعتراف به، كما كان متمسكا بمفاهيم قديمة عن الإخوان، ولم يواكب التغيرات التي لحقت بهم، وكأن الباحث متأثر بفترة السبعينيات عندما أطلق الرئيس المصري السادات الإخوان من السجون وأعطى لهم امتيازات لمواجهة المد اليساري بهم، هذه الفترة يقول الشيخ سعير عزام انتهت لكنها بالنسبة للباحث كما يبدو لا تزال حاضرة وأثرت على عمله.
أحد المعترضين من الحاضرين كان قد وجد اسمه في الأطروحة كمسؤول عن منظمة الشباب المسلم التي يتهمها الباحث بأنها تابعة للإخوان، استطاع أن يحصل على كلمة أثناء النقاش بعد انتظار 3 ساعات مع أنه وصل خصيصا من ستوكهولم، وهو يعتقد أن أطروحة سامح مليئة بالمغالطات، منها أنه هو لم يكن من قادة التنظيم الشبابي ووضع اسمه كان مسألة تتعلق بالمسؤولية الأخلاقية. لذلك وجه سؤاله مباشرة إلى الباحث:
– كيف تنظر إلى مسؤوليتك الأخلاقية؟
ومع أن الباحث اعترف أنه أورد اسم هذا الشخص بالغلط وكان يقصد شقيقه وقام بتصليح الاسم قبل النقاش، إلا أن الباحث أصر على أن هذا الشخص كان له دورا أيضا في تنظيم الشباب المسلم في السويد.
من جهته عبر هذا الشخص القادم من ستوكهولم عن استغرابه من تخصيص جامعة عريقة مثل لوند موارد لعمل غير ديمقراطي، حسب تعبيره، وأضاف أن وضع اسمه وأسماء آخرين في الأطروحة كأنهم جزء من الإخوان المسلمين قد أوقع الضرر بهم. فيما أجابه سامح إيجيبتسون على الشكل التالي:
– أنت جزء من شبكة الإخوان المسلمين. العمل من أجل منظمة الشباب المسلم في السويد، كما أنت فعلت كان واضحاً. عليك أن تتحمل المسؤولية!
لكن الشخص القادم من ستوكهولم لم يكن راضيا عن الإجابة وقال للباحث:
– أنت لا تجيب على سؤالي حول المسؤولية الأخلاقية.
وتكتسب أطروحة سامح إيجيبتسون أهمية خاصة لأنها تتناول مواضيع “الإسلام السياسي العالمي” والإخوان المسلمين، ومحاولة إيجاد ربط بينهما وبين جمعيات ومؤسسات في السويد مثل: الرابطة الإسلامية واتحاد الجمعيات الإسلامية، الأطروحة تحاول اثبات أن هذا الاتحاد وهو أحد أكبر المنظمات الإسلامية في السويد، والذي يدير عدة مؤسسات إسلامية منها مسجد ستوكهولم في سودرمالم، ما هو إلا ذراع الإخوان المسلمين السري وجزء من حركة الإخوان المسلمين الدولية.
ومن هنا يمكن اعتبار أن الأطروحة المؤلفة من 740 صفحة تعيد إثارة الجدل السياسي الساخن حول الإسلاموية في السويد.
من ناحية أخرى تتمثل خطورة الأطروحة في كونها أقرب إلى لائحة اتهام موجهة لأشخاص وجمعيات
لأن الأمن السويدي Säpoوفي أكثر من مناسبة عبر عن أن هدف الإخوان المسلمين يتعارض مع الحريات والحقوق الأساسية السويدية. ومن ضمن ما أعلنه الأمن السويدي أيضا أن استراتيجية الإخوان المسلمين في العالم الغربي تقوم على مبدأ “الفصل والتحصين”. أي وبكلمات أخرى العمل على خلق مجتمعات موازية وتقويتها داخليا.
هذا فيما تنفي الرابطة الإسلامية وجود علاقات رسمية مع جماعة الإخوان المسلمين وتعتبر نفسها منظمة مستقلة، على الرغم من أن بعض قياداتها لا ينفون أن لهم تاريخ مع التنظيم أو أنهم لا يزالوا يستلهمون بشكل شخصي ممارساتهم من الإخوان المسلمين.
وهذا ما كان واضحا من تصريح لإمام مسجد ستوكهولم محمود الخلفي ضمن مقابلة له قبل أيام مع صحيفةDN عندما قال إنه فخورا بأنه يستوحي شخصيًا عمله من جماعة الإخوان المسلمين.