قصة كردي لا يعرف مصير شقيقه الذي هاجر إلى أوروبا منذ سنوات!

: 5/13/23, 7:43 AM
Updated: 5/13/23, 7:44 AM
قصة كردي لا يعرف مصير شقيقه الذي هاجر إلى أوروبا منذ سنوات!

الكومبس – دولية: لا يزال المهاجرون يخاطرون بحياتهم وهم يحاولون عبور نهر إيفروس الفاصل بين تركيا واليونان. ولقي العديد منهم حتفهم في محاولة لدخول الاتحاد الأوروبي، حيث تم انتشال جثث في العام الماضي أكثر من أي وقت مضى، حسبما كشف فيلم وثائقي لمحطة “إيه آر دي” ARD الألمانية. بعضهم وجد جثث أقاربه وبعضهم ما زال يبحث!

على امتداد نهر إيفروس، على الحدود اليونانية التركية، شيد جدار حديدي بارتفاع خمسة أمتار، ويمتد الجدار منذ تشييده عام 2020 لمسافة 38 كيلومترا على الأقل. والغرض من تصميم هذا الجدار هو إبعاد المهاجرين عن حدود الإتحاد الأوروبي، بيد أن آلاف المهاجرين ما يزالون يعبرون الحدود معرضين حياتهم للخطر. من غير المعروف بالضبط عدد الذين لقوا حتفهم في هذه العملية، ولكن على الجانب اليوناني من النهر وحده، فقد أكثر من 60 شخصا حياتهم العام الماضي.

ولا يزال التعرف على الموتى يمثل تحديا صعبا، وفقا لأخصائي الطب الشرعي بافلوس بافليديس، الذي تتمثل مهمته في إجراء تشريح للجثث التي عثر عليها في المياه والغابات المحيطة بها. معظم الموتى لا يحملون هوية أو أية دلالات تعبر عنهم أو مكان قدومهم. وكان الطبيب الشرعي قد أخبر موقع مهاجر نيوز في مقابة سابقة في أكتوبر/ تشرين الثاني 2021 عن التغييرات التي تطرأ على الجثث من خلال البقاء في الماء لفترة طويلة.

مئات الجثث على جانبي النهر

والآن وبعد مرور أكثر من عام، لا يزال الطبيب الشرعي يجري عمليات التشريح لجثث المهاجرين. في فيلم وثائقي قصير عرض مؤخرا على قناة ARD الحكومية الألمانية، قال الطبيب الشرعي إنه على مدى السنوات الـ 22 الماضية رأى حوالي 600 جثة على الجانب اليوناني وحده. ويفترض أن هناك نفس العدد تقريبا على الجانب التركي. لذلك نحن نتحدث عن 1,200 إلى 1,500 شخص، لكننا نتلقى طلبات بحث عن الجثث أكثر بكثير من تلك الواردة من الأقارب”.

غالبا ما يتم انتشال الجثث من الغابة من قبل المتعهدين المحليين. ويصور الفيلم اثنين منهم، أحدهما يتسلح بمجرفة بسيطة، يعثران على ما يشبه بطانية وبقايا بشرية في قبر ضحل، ربما حفره مهاجرون آخرون.

“ألم يكن لديه أي حذاء؟“، يسأل أحد الرجال وهم يلفون البقايا المتحللة جزئيا بالبلاستيك. “لا، المهاجرون الآخرون غالبا ما يأخذون الأحذية معهم”، يجيب الآخر.

يقول المشرف على العمال لقناة ARD إن انتشال الجثث من الحدود يشكل جزءا كبيرا من عمله. في إحدى المرات أحضر 35 منهم إلى المشرحة بعد غرقهم في نهر إيفروس.

إذا كان من الممكن التعرف على الموتى، كما يقول إن العائلات غالبا ما تأتي من أوروبا لإلقاء النظرة الأخيرة. ويشرح قائلا: “الأمر صعب للغاية، كلهم يبكون”. “هل يمكنك أن تتخيل أنهم يسافرون بعيدا إما لأخد جثة قريب ميت أو لدفنها هنا.” وفي بعض الأحيان، يتم أخذ جثث المهاجرين إلى تركيا لنقلها إلى ديارهم من هناك.

ولا تستطيع بعض العائلات تحمل تكاليف إعادة جثة أحبائها، لذلك يتم دفن هؤلاء المهاجرين في مقبرة يونانية محلية للمسلمين. مع نقش أسمائهم وبلدانهم الأصلية، كالصومال وأفغانستان وسوريا، جميع هذه البيانات منقوشة على قبورهم. هناك أشخاص من جميع الأعمار ويبدو أن الكثير من القبور حديثة العهد.

بيد أن العديد من الجثث الأخرى لا يتم التعرف عليها أبدا، وتبقى الجثث في طي النسيان، في هذه الحالة يتم دفن هؤلاء في مقبرة لمهاجرين مجهولي الهوية، وشواهد قبورهم معلمة بالأرقام فقط، بحسب ما يوضح الفيلم.

مرارة عدم المعرفة

في مدينة هانوفر شمال ألمانيا، يعيش اللاجئ الكردي سيفار قاسم مع مخاوفه وظنونه. لقد فرّ قاسم إلى ألمانيا في عام 2015 بعد اندلاع الحرب في سوريا. فيما فرّ بقية أفراد عائلته إلى العراق، مع شقيقه الأصغر محمد.

ويقول قاسم عن شقيقه: “لقد كان متفوقا في دراسته، وأردنا أن نقدم له حياة أفضل. وتابع لمحطة ARD.”لدي الكثير من الأصدقاء، ولكن لا يزال الأمر لا يشبه أن نكون إخوة. بغض النظر عن ماهية الأصدقاء فإن العائلة هي رقم واحد دائما. كنت أتطلع حقا إلى مجيئه، لكن … (يصمت قاسم بمرارة)

كانت الحياة صعبة على العائلة في العراق، لذلك قرروا في خريف عام 2021 إرسال محمد البالغ من العمر 14 عاما إلى ألمانيا، عبر طريق إيفروس: “تماما مثل أي شخص آخر، مع أحد المهربين، وبشكل غير قانوني، لأنه من غير الممكن القيام بذلك بشكل قانوني. لم يكن لدينا أية وثائق سورية على أية حال”، يشرح شقيقه الأكبر.

في أكتوبر/تشرين الأول 2021، جاءت مكالمة من المهربين: “قالوا إن شيئا ما قد حدث وأن محمد سقط في الماء. قالوا إنهم انتظروا على أمل العثور عليه لكنهم لم يجدوه. كانت تلك كذبة. اكتشفنا أنهم لم ينتظروا واستمروا ببساطة في رحلتهم. كانوا خائفين من الانتظار لأن ما يفعلونه غير قانوني”.

من ألمانيا، طار قاسم إلى اليونان للبحث عن شقيقه، ولكن على الرغم من تسجيل الحمض النووي الخاص به، إلا أنه لم يجد شيئا حتى الآن. كما تواصل قاسم مع الطبيب اليوناني بافليديس وأرسل له صورة لأخيه، لكن دون جدوى، ويقول الطبيب اليوناني إنه كان سيتذكر طفلا في ذلك العمر لو صادفه في عمله.

بعد عودته إلى ألمانيا يواصل قاسم رحلة البحث عن شقيقه على فيسبوك ومنصات البحث عن المهاجرين المفقودين، ولكن دون جدوى. يقول إنه كان يفضل سماع أنه تم العثور على جثة محمد. “بالطبع لن يكون الأمر سهلا، ولكنه سيكون أفضل من عدم المعرفة. إذا علمنا أنه مات ويمكننا دفنه، فسيكون من الواضح، إنه شيء يجب أن نقبله، لكن مرحلة عدم اليقين هذه، قد تكون أصعب من الموت ذاته، ومؤلمة.

ماريون ماكغريغور/ علاء جمعة

مهاجرنيوز

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.