المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
منبر الكومبس: مع تزايد التصريحات والاقتراحات التي يطلقها الاشتراكيون الديمقراطيون، قبيل الانتخابات المقبلة، والتي تغازل المتعاطفين مع تشديد شروط الاندماج وتقنين كرم سياسة الهجرة واللجوء، أصبح البعض يعتقد أن هذا الحزب العريق والمعروف بمواقفه وسياساته التضامنية، يصطف إلى جانب الأحزاب اليمينية! بل إلى جانب الأكثرها تطرفا.
وقد يتساءل البعض، فيما إذا تبقى شيء من يسارية هذا الحزب؟ الذي نشأ وتطور وحكم باسم العمال والكادحين، وباسم الدفاع عن الفئات الاجتماعية الضعيفة.
أكثر ما يقلق في خطابات الحزب الجديدة والتي كان آخرها اقتراح يسعى إلى تشديد متطلبات تعلم اللغة على طالبي اللجوء، والقادمين الجدد، واللاجئين الذين يتلقون دعماً ماليّاً حكوميّاً للمعيشة، هو اقتراب هذا الخطاب من اللهجة الشعبوية، التي تعتمد على مخاطبة المشاعر لكسب وزيادة الشعبية.
تصريحات جيمي أوكيسون رئيس حزب سفيريادمكرتنا حول إعجابه ورضاه عن سياسة الاشتراكيين الديمقراطيين فيما يتعلق بسياسة الهجرة واللجوء، يمكن أن تكون خير دليل على هذا التقارب غير المتجانس، مع أن حزب الاشتراكيين الديمقراطيين ورئيسه ستيفان لوفين يرفضون حتى مجرد الجلوس مع أي شخص يمثل حزب سفيريادمكرتنا، الموصوف من قبلهم بالتطرف وحتى بالنازية.
من الممكن تفهم حاجة الحزب إلى استرجاع قسم من شعبيته التي فقدها أثناء موجة الهجرة التي خلقت ما يشبه الأزمة في عدد من مؤسسات الدولة والبلديات، ولكن هل السباق الانتخابي يتطلب التخلي عن بعض المبادئ؟ حتى إذا كان الثمن الاقتراب من شعبوية أحزاب اليمين؟
يقدم حزب الاشتراكيين الديمقراطيين نفسه دائما، مدافعا عن الفئات الضعيفة في المجتمع، ويرفع شعارات مثل التضامن والدفاع عن القيم الإنسانية التي لا تفرق بين شخص وآخر، كما يدافع الحزب عن سياسة رفع ضرائب أصحاب المداخيل العالية والشركات الكبرى لتمويل الخدمات الاجتماعية ورفع مستوى الرفاهية السويدية.
فيما انتهج الحزب الذي يشارك حزب البيئة بتشكيل الحكومة الحالية، سياسة متساهلة في البداية فيما يتعلق بالهجرة واللجوء والاندماج، الآن يحاول استرجاع جزء من شعبيته عن طريق زيادة التشدد تجاه سياسات اللجوء والهجرة والاندماج.
لائحة تطول من التصريحات والمواقف والاقتراحات، تطلقها من الحين إلى الآخر أحزاب تتنافس على أصوات المعارضين بشكل أو بآخر للهجرة والمتشددين تجاه قضايا الاندماج، أحزاب تشترك فيما بينها بتجسيد سياسة يمكن اعتبارها جديدة تعتمد على “المتاجرة” بجزء من الفئات الضعيفة في المجتمع وهم القادمون الجدد.
حذرنا في مقالات سابقة، من محاولات تصوير اللاجئين والقادمين الجدد على أنهم “مشكلة” وحذرنا من استخدام تقديم حلول لهذه المشكلة، من قبل معظم الأحزاب المتنافسة بهدف فقط احتلال مقاعد أكثر في البرلمان المقبل.
نحن نفهم بأن اليسار اجمالا قد تراجع في العالم وخاصة في أوروبا، وأن معظم أحزاب اليسار اقتربت إلى اليمين ضمن مصطلح الاقتراب من الوسط الذهبي، إلا أن تصريحات واقتراحات حزب كبير وعريق مثل الاشتراكي الديمقراطي السويدي يمكن اعتبارها استدارة كبيرة نحو اليمين.
يبقى أن نعول دائما على أهمية أن يعرف القادم الجديد واللاجئين والمهاجرين إجمالا مسؤولياتهم وحقوقهم وأهمية أن يظهروا أيضا كقوة انتخابية لها تأثير في كل الأحزاب السويدية، وأن لا يحكم عليهم الإعلام والسياسيين وكأنهم مجرد “مشكلة” يتم تداول وضع الحلول لها. وهذه مهمة أعضاء منتمين ومؤثرين في جميع الأحزاب السويدية، خاصة أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لكي يبقى الدوران نحو اليمين مجرد مناورة وليس تغيير للمبادئ.
د. محمود صالح آغا