المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
الكومبس – رأي: مع مطلع الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء السادس من نوفمبر 2024 أكمل المرشح الجمهوري دونالد ترامب البالغ من العمر 78 عاماً، أكمل عودته السياسية لسُدة حُكم الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن حصل على عدد كاف من الأصوات الإنتخابية للعودة مُجدداً إلى البيت الأبيض بولاية ثانية ليصبح بذلك الرئيس الـ 47 للولايات المتحدة الأميركية.
ترامب الذي رفض الاعتراف بهزيمته قبل 4 سنوات، ها هو يعود اليوم ليعلن بأنه لن يرتاح حسب وصفه حتى يحقق “العصر الذهبي” لبلاده، بعد أن تحقق فوزه من خلال حشد قاعدته الشعبية، وتوسيع خريطتة الانتخابية، وبذلك عاد رئيساً أمريكياً لفترتين غير متتاليتين، وهو ما لم يتحقق منذ غروفر كليفلاند العام 1892.
ترامب الذي أحسن استثمار مشاعره الدينية التي لم يُخفها حين افتتح إعلان فرحته أمام حشود من أنصاره بقوله “الرب أنقذني لينقذ البلاد، هذا فوز سياسي لم ير بلدنا مثيلاً له من قبل، انتصاري توافق سياسي تاريخي، ونشكر الشعب الأميركي على هذا الشرف بانتخابي رئيساً مجدداً، اليوم انتصار للديمقراطية، لقد صنعنا التاريخ وتخطينا عقبات كثيرة”.
ركزت حملة ترامب فيما ركزت على جذب الشباب الصاعد والناخبين من الأقليات الساخطة والمهمشين من سكان الضواحي، كما اعتمد فيما اعتمد على دعاية المؤثرين الذين سدوا ثغرات وسائل الإعلام التقليدية بين الناخبين.
عاد ترامب بعد أن تحدى التاريخ وبعد أن أنشأ ائتلافاً جديداً ومتنوعاً، وهو إنجاز غير عادي في تاريخ الرئاسة الأمريكية، وسوف يتولى ترامب سُدة الحكم ويستعيد الجمهوريون مجلس الشيوخ، مما يرجح أن تعييناته الوزارية والقضائية لن تواجه إلا الحد الأدنى من المعارضة والمقاومة.
كان يوم الأربعاء يوماً تاريخياً في سياسات الولايات المتحدة الأمريكية على مستواها المحلي وعلى المستوى الدولي كذلك. لقد تحول ترامب مع إطلالات صباح ذاك اليوم من مدان تمت محاكمته مرتين إلى رئيس يتطلع نحو تعزيز إرثه باعتباره الرئيس الجمهوري الأكثر أهمية للولايات المتحدة الأمريكية منذ عهد رونالد ريجان.
المستبشرون والقلقون
كثيرون هم أولئك الذين يتطلعون إلى مناصرة ومساندة ترامب لهم وهو القائل “نريد جيشاً قوياً، لن أبدأ الحروب بل سأنهيها، سأوفر فرص العمل، سنخفض الضرائب”.
وكذلك كثيرون هم أولئك القلقون من وصول ترامب، قلقون من تخليه عنهم، أو إعراضه عن مشاركتهم للمصالح.
كثيرون أيضاً هم أولئك المهنئون الذين يتطلعون إلى تعزيز العلاقات والجهود والشراكة لحفظ الأمن والاستقرار، ولكن كل حسب رؤيته وما تقتضيه مصالحه.
فهل يتحلى المتصدرون للمشهد العالمي بالمرونة المطلوبة، وهل سيراعي كل منهم مصالح الأطراف الآخرى ليُجَنِّـبوا شعوبهم وشعوب العالم تصاعد وتيرة الاقتتال والدمار الذي تتسع دوائره بمرور الساعات وتعاقب الأيام؟
وهل يتفهم المتصدرون للمشاهد المحلية توجهات وتتطلعات فئات ومكونات شعوبهم، فيبتعدون عن التعنصر وكراهية الآخر، ويتعاونون قدر المستطاع على تقوية روح المواطنة والانتماء والوحدة لمواجهة أي ظروف قد تطرأ بها قابل الأيام مما لا يرغب في سماعه أو رؤيته أحد؟
على المستوى المحلي
على المستوى المحلي: ومع تهنئة رئيس الوزراء أولف كريسترشون لترامب بفوزه في الانتخابات الأمريكية، فإنه لم يخفِ قلقه من خطورة خفض الدعم المقدم لأوكرانيا حسب ما تواترت به الأخبار، وما يمكن أن يترتب على ذلك من أحداث ذات بُعدٍ محلي أوروبي وعالمي.
كما أكدت كذلك رئيسة الاشتراكي الديمقراطي المعارض مجدلينا أندرشون ضرورة تواصل الحكومة السويدية مع الإدارة الجديدة في واشنطن للتأكيد على قيمة حلف الناتو الذي تخلت السويد عن حيادها وعدم انحيازها العسكري لتنضم إلى عضويته في مارس 2024، ولضرورة الحفاظ على قوة الناتو ولضمان أمن أوروبا واستقرارها، وألا تُترك فرصة للجار بوتين بالفوز في أوكرانيا. تجنُباً لما يمكن أن ينتج عن ذلك من تبعات.
الشرق الأوسط
وفي منطقة الشرق الأوسط، يتطلع الشعب الفلسطينى.. سواء المُحاصر منهم على أرضه المحتلة، أو من يعاني منهم في الشتات، وكذلك يتطلع المناصرون للقضية الفلسطينية العادلة عبر العالم، يتطلعون إلى ضرورة استماع الإدارة الأمريكية الجديدة لصوت العقل محلياً وعالمياً، ويَتُوقون كذلك إلى مواقف إنسانية سياسية عادلة فاعلة من قِبل أمريكا في حلتها الترامبية الجديدة أملاً في وقف فوري لإطلاق النار، وإعمار المناطق المتضررة، وتقرير حق المصير، وكذلك تحرير الأسرى.. مساهمة في نشر الأمن والسلم العالمي.
ومع وافر التهاني نرجو لترامب أن يوفق في وعوده حين قال “لن أبدأ الحروب بل سأنهيها، سأوفر فرص العمل، سنخفض الضرائب”.
طاهر أبو جبل