المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
قصة انتقام “عمرو بن عدي” إبن أخت”جذيمة الأبرش” من ” الزبَّاء”
تقول الرواية: إن “زنوبيا” (240 – ما بعد 274 م) هي ملكة تدمر (بالميرا) والشام والجزيرة، وزوجة الملك التدمري “أُذَينة”.
وقد اختلفت الروايات كثيراً حول قصة ملكة تدمر، وكذلك حول اسمها، بين الرومانية التي سمتها “زنوبيا”، والآرامية التي سمتها “بات زباي” أي ابنة زباي، والعربية التي أسمتها “الزبّاء أو زينب”، إذا صحّ قول من قال: إنّ الزبّاء هي نفسها “زنوبيا”.
والزبَّاء، حسب “لسان العرب”: هي “الشديدة”، ويُعتقد أنه لهذا السبب سمّتها العرب بـ “الزبّاء” لشدتها وقوة حكمها.
فقالوا هي: الزبَّاء بنت عمرو بن الظرب، أو إنها الزبَّاء بنت الريّان الغساني، ملك الحضر جنوب الموصل.
عند مقتل زوجها “أذينة”، ملك تدمر، في مدينة حمص وفي ظروف يكتنفها الغموض (ويرى البعض أنها من تدبيرها هي)، ترك ثلاثة أولاد أكبرهم ابنه “وهب اللات”، فقامتْ بالوصاية عليه، وبدأتْ مشروعها الكبير في الاستيلاء على الشرق ثم الغرب، فضمّتْ سورية بكاملها ومصر وآسيا الصغرى. ثم اتخذتْ وابنها ألقاب الأباطرة في حدود 270م. وصكّتْ في أنطاكية والإسكندرية نقودًا مستقلة تحمل اسمها واسم ابنها وصورتيهما.
ولما أشتدّ نفوذها وبدأتْ تًزعج الأمبراطورية الرومانية، تقدم الإمبراطور “أورليان” لحربها بجيش قوي، وكانت معركتا أنطاكية وحمص في صالح الرومان، فتراجع التدمريون وتحصَّنوا في عاصمتهم (تدمر) وقاوموا الرومان مقاومة ضارية، ولكنْ ما لبثتْ أن سقطت بيد الرومان، واقتيدت زنوبيا أسيرة إلى روما في خريف 272، حيث ماتتْ هناك (ويقال إنها إنتحرت هناك).
++ أما بشأن “قصير”، فتقول الرواية:
هو “قصير بن سعد بن عمرو اللخمي” أحد رجال “عمرو بن عدي” إبن أخت”جذيمة الأبرش”.
يقال: إن قصيراً كان صاحب رأي ودهاء، ومن خلصاء “جذيمة الأبرش” الأزدي ملك الحيرة وما حولها، وكان “جذيمة” قد حارب “عمرو بن الظرب بن حسان” ملك الجزيرة وقتله، وتولتْ “الزبَّاء”، مُلْكَ الجزيرة بعد أبيها، فبعثتْ اٍلى “جذيمة” تُظهر له الرغبة في زواجها به وضم ملكها اٍلى ملكه، فشاور أصحابه فرغَّبوه بها، إلا “قصيرا” فاٍنه حذَّره من غدرها، وخالفه جذيمة فرحل اٍليها ودخل عليها فأحكمتْ حيلتها وقتلته.
وقام “عمرو بن عدي” ابن أخت “جذيمة” بملك العراق بعد خاله.
واحتال ” قصير” ليثأر لجذيمة، فجدع أنفه وأذنه، وذهب اٍلى “الزبَّاء” يشكو من “عمرو بن عدي” أنه فعل به ذلك، فصدّقته وأعطته مالاً للتجارة، فرجع به اٍلى العراق، وأخذ من “عمرو بن عدي” أموالا” اٍليها زاعماً أنها ربحتْ.
ولم يزل يغدو في تجارتها ويروح، إلى أن شعر باطمئنانها إليه، فجاء بألف بعير، عليها ألفا رجل في الجواليق، يتقدمهم “عمرو بن عدي”.
وأُنيخت الإبل أمام قصرها، وبرز الرجال ففتكوا بمن حولهم، ودخل “عمرو” على “الزبَّاء حيث فتك بها.
ويُقال إنها انتحرت بالسم من خاتمها المسموم و هي تقول:
“لأمر ما جدع قصير أنفه” .. فأصبح يُضربُ مثلًا في كلّ من يأتي مُضمِر شراً.
ومن خلال مجريات الأحداث التي ذكرتها نرى تضارباً كبيراً بين مجريات الروايات حول “زنوبيا” ومجريات الروايات حول “جذيمة وقصير” وانتقامه من الزبّاء …
وأعتقد أن الروايتين لشخصيتين مختلفتين تماماً هما الزبّاء وزنوبيا …
معن حيدر