وبأي ذنب يُقتلون؟

: 2/28/14, 7:57 PM
Updated: 2/28/14, 7:57 PM
وبأي ذنب يُقتلون؟

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات: فجراً عدت من مدينة يوتوبوري، ثاني أكبر المدن السويدية، حيث قدّمت واجب العزاء بقريب لي سقط في خضم الحرب الضروس التي تدور رحاها في سوريا وحولها.

الكومبس – مقالات: فجراً عدت من مدينة يوتوبوري، ثاني أكبر المدن السويدية، حيث قدّمت واجب العزاء بقريب لي سقط في خضم الحرب الضروس التي تدور رحاها في سوريا وحولها.

يوتوبوري المدينة التي تدهشك بجمالها، يقطنها الكثير من الأجانب ومنهم فلسطينيين، وتنشط فيها حركة يسارية سويدية متضامنة مع قضايا التحرر في العالم. وفي المدينة أيضا تتفاجأ أنك لست أمام حالة عزاء واحدة عابرة دفعت بطريقة أو بأخرى للتوجه إلى سوريا والإلتحاق بمجموعات ما أصبح يُعرف بالجهاد هناك في صفوف جماعات إسلامية متشددة.

في بيت العزاء، تحاول أن تقنع نفسك أنك أمام حالة إنسانية، وتعمل أحيانا على لعب دور الواعظ في محاولة منك على الأقل أن تساهم في التخفيق من هول المصاب الذي وقع على عائلة فلسطينية شرّد كبارها من قراهم عام 1948 لتبدأ معاناة لجوئهم في مخيمات البؤس في لبنان ولا سيما جنوبه، حيث تكررت المعاناة مرّة تلو الأخرى ليحط بهم الرحال في شمال الكرة الأرضية.

تجلس قريبا من الأب المنكوب بفقدان ولده العشريني، وتتقبل معه العزاء مصافحاً العشرات من الناس وتتبادل القبلات مع مثلهم أحيانا، كيف لا وأنت في مكانة خال الفقيد وصديق والده وقبل كل شيء إبن مخيمه وهذا في العرف الفلسطيني يعني الكثير.

تحاول أن تخفف عن العائلة قليلا من حزنهم العميق، لتخترج أي موضوع تشرك فيه المقربين الحديث وتستحضر الكثير الكثير من المواقف والماضي الذي يحفظه الفلسطيني عن ظهر قلب، آملا أن تخرجهم هذه المحاولة من الحالة الصعبة التي تراها باينة في عيونهم وعلى وجوههم، عسى أن ينسيهم هذا (اللف والدوران) في الحديث ويخفف قليلا من آلامهم.

وأنا أتحدّت عن حالة بعينها إستدرجها الموت إلى سوريا، يفاجئني أحد الجالسين بأننا أمام ثلاثة حالات فلسطينية عشرينية أيضا، تفقدها هذه المدينة مؤخرا في الحرب الضروس في سوريا إضافة إلى حالات أخرى عديدة من جنسيات مختلفة مسلمة أيضا قُتلت في صفوف (المجاهدين) وهم جميعا من مدينة يوتوبوري.

أمام هذا الواقع الجديد بدأت وفي قرارة نفسي أتسائل عن أسباب ودوافع بروز مثل هذه الظاهرة (الجهادية) في هذه المدينة، وكذلك عن الدور المنوط بالمراجع المختلفة للجالية الفلسطينية والإسلامية وأيضا عن دور المؤسسة الأمنية السويدية وسياسيي المدينة ومؤسساتها المختصة.

فمن غير المعقول أن تخسر هذه المدينة كل هذا العدد من أبنائها دون أن تحرّك هذه المراجع ساكنا ودون أن تقف مجتمعة أمام هذه الظاهرة الخطيرة، لتدرس الأسباب التي دفعت بكل هذا العدد من الشباب للإلتحاق بما يسمى (المجاهدين) وكذلك البحث عن الدوافع التي أودت بهم إلى هذه النهاية المأساوية … ليس هذا فحسب وإنما من أجل وضع خطة لمواجهة هكذا ظاهرة والحد من إنتشارها ومعالجتها، لأنني أعتقد بأن هذه النار التي وإن إستمرت في الإشتعال لن تكتفي بحرق أصابع مشعليها فقط وإنما أيضا سوف تطال حتى ذقون اؤلائك الذين يعتقدون أنهم غير معنيين ويمارسون سياسية النأي بالنفس ولكن هذه المرّة على الطريقة السويدية.

سعيد هدروس

عضو مجلس بلدية لاندسكرونا عن حزب اليسار

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.