زلة لسان أم حقيقة مؤلمة

: 8/17/23, 4:33 PM
Updated: 8/17/23, 4:48 PM

ليست زلة لسان هذا واقع لليهود تأثير أكبر من تأثير المسلمين في السويد
ليست زلة لسان ولكن ..هذا واقع
“لن نقوم بأي إجراء لوقف تمادي رئيس لجنة العدل في التطاول على المسلمين، لكن وفي حال تطاول على اليهود سيتغير موقفنا لأننا سنعتبر التطاول على اليهود تجاوز للحدود أو للخطوط الحمر”…هذا تصريح واضح من أحد نواب الحزب الليبرالي المخضرمين صورة النائب أحدث ضجة كبيرة بين السياسيين والأحزاب والصحافة السويدية، مما اضطر هذا النائب للتراجع والاعتذار. الأزمة التي وجد فيها حزب الليبراليين، مساء أمس الأربعاء نفسه في خضمها، لم تكن بسبب الخوف من قوة تأثير المسلمين في المجتمع السويدي، ولا حتى من منطلق تصحيح خطأ وتناقض وقع به النائب يتعلق بجوهر وأساس الليبرالية التي يحمل هذا الحزب اسمها.
التراجع والاعتذار جاء بسبب خطورة هذه التصريحات على القيم السويدية وخطورتها على اليهود أيضا، وعلى الحزب نفسه. صورة حزب الليبراليين لأن تعظيم شأن اليهود بصورة مبالغ بها هو نوع من الذم وليس المدح لهم، كما أن هناك حالات من هذا التعظيم لقدرات اليهود يعد ضمن الكراهية ضدهم، لأنه يخلق له أعداء وأحقاد بدون سبب.
ولكن وفي المناسبة ما قاله النائب واسمه كارل هاملتون صورة النائب يعكس شيئا من الحقيقة والواقع، مع أنه وفي رسالة الاعتذار التي تلقت الكومبس نسخة صورة للخبر عالكومبس منها من رئيس الحزب نفسه يوهان بيرشون، قال إن التعبير خانة.
لا يمكن لنائب مثل هذا مخضرم أن يقع بخطأ زلة اللسان أو أن يتكلم بدون تفكير، أو أن يخونه التعبير، كل ذلك تبريرات، لإخفاء تمييز موجود للأسف في السويد.

فما قاله الرجل يعكس الواقع، صورة النائب لأن اليهود فعلا لهم تأثير أكبر ويتمتعون بتعاطف أوسع في المجتمع السويدي، ولو أن حزب الـ SD صرح ضدهم كما يصرح ضد المسلمين، لكان ليس فقط الحزب الليبرالي من تصرف بشكل مغاير بل أحزاب وجهات وشخصيات أخرى.

وقبل أن يعتقد أصحاب نظرية المؤامرة بأن لدى اليهود قوى خارقة وأيادي خفية ووسائل غير عادية للتحكم بالسويد والعالم، وغير ذلك من سخافات، دعونا نذكر بأننا نعيش في مجتمع مادي يؤمن بقوة التنظيم والتأثير، وبأن اليهود دفعوا ثمناً باهظاً خاصة في أوربا لمكافحة العنصرية والنازية قبل أن يعترف العالم بمعانتهم، وبعد أن عملوا بطريقة منظمة وواقعية، أصبح لديهم الآن تأثير ما على الرأي العام، مثلهم مثل الإيرانيين والأرمن وأيضا ولحد ما الأكراد، هذه أقليات كلها تملك تأثير بشكل أو بآخر على المجتمع السويدي، ليس بحكم أنهم خارقين ومميزين وأنهم أكثر دهاء وحنكة من غيرهم، لا، الموضوع بسيط جدا ويحتاج القليل من التنظيم مع الاندماج أكثر في المجتمع وفي السياسية وفي الأحزاب والجمعيات وفي الحياة الثقافية.

هذا إضافة إلى أن اليهود شكلوا جزءاً من المجتمع السويدي منذ مئات السنين، وتطورت مكانتهم بمرور الوقت ليصبحوا أقلية رسمية معترف بها وبلغتها وثقافتها.

وهنا نعود لواقع المسلمين في السويد، صورة للمسلمين لنسأل أنفسنا السؤال التالي: هل يمكن خاصة في هذا الظرف وفي هذا التوقيت أن يشكل المسلمون مجموعة ضغط سياسي مثل غيرهم من المجموعات الفاعلة في السويد؟ الجواب وبشكل عام وسريع أن ذلك صعب، برأيي أو صعب جدا، نظرا للعوامل التالية التي سنمر عليها سريعا، على أمل من يأتي من يطورها أكثر:

أولاً: من يقود العمل الإسلامي حاليا هم جمعيات محسوبة أو كانت محسوبة على أحزاب وتيارات إسلامية تدخل ضمن تصنيف الإسلام السياسي، وهي تيارات يعاني أغلبها من وصمة التطرف أو حتى الإرهاب في بلدان عربية وإسلامية، ومع أن هذه الوصمة قد تكون غير صحيحة وفيها نوع من التجني، إلا أنها وصمة نعتقد أنها ستبقى عامل من عوامل كبح لهذه الجمعيات أو الاتحادات للانخراط أكثر في الحياة السياسية السويدية.
ثانياً: لا يوجد الكثير من المشتركات للتعاون بين الجمعيات الإسلامية، ليس فقط الاختلافات المذهبية والفقهية هي التي تباعد بين هذه الجمعيات، بل أيضا المصالح والولاءات أيضاً، مع أننا نشهد نوع من التعاون الموسمي أحياً خاصة وقت الأزمات.
ثالثاً: المسلمون في السويد ومع أن عددهم كبير مقارنة مع الأقليات المهاجرة الأخرى، إلا أنهم جاءوا من دول وجنسيات وإثنيات مختلفة، ومنهم وربما أغلبهم يفضلون الانخراط في جمعيات وطنية أو ثقافية بعيدة عن النشاط الديني.

رابعاً: هناك نسبة ما ربما تكون كبيرة، من المسلمين في السويد اللذين لا يجدون أنفسهم ضمن الهوية الإسلامية، ومنهم من لا يمارس الطقوس الدينية بسبب تأثير العلمانية وعوامل أخرى.
خامساً: هناك تجارب أغلبها فاشلة لوصول شخصيات محسوبة على التيار الإسلامي إلى مستويات قيادية في الأحزاب والحكومات السويدية، قد يكون السبب الرئيسي للفشل هو تصرفات شخصية، لكن سبب الانتماء الديني كان دائم الحضور أيضا في العديد من الحالات، مثل رفض أحد قيادات حزب البيئة مد يده للسلام على سيدة، واتهام قيادي من قيادات الحزب الاشتراكي السابق بحضور مؤتمرات والجلوس مع أشخاص متهمين باللاسامية، أو لرصد وزير من أصول إسلامية تركية وهو مع مجموعة تركية قومية متهمة بالتطرف، هذه كلها قد تعد تصرفات شخصية لكن البعد الديني أو القومي كان حاضرا فيها… هذه التجارب وغيرها التي اعتبرت تجارب فاشلة حدت من انخراط خاصة الشباب الملتزمين دينيا بالانخراط بالعمل السياسي في السويد…
هذا خامسا ولكن وبطبيعة الحال يوجد سادسا وسابعا وربما عاشرا ولكن يبقى أهم عائق من عوائق ظهور المسلمين كقوة مؤثرة في المجتمع هو الاندماج، اندماج أفردا الجالية وجمعياتها في المجتمع السويدي وعدم الظهور كضد أو ممانع أو رافض لقيم هذا المجتمع، سيبقي المسلمين في عزلة ويحرمهم من المشاركة المجتمعية والسياسية والثقافية، موضوع المواطنة هو الفصل الأكثر تأثيرا في الاندماج والتأثير…لأن تقوية مفهوم المواطنة السويدية لدى المسلمين وغيرهم من المهاجرين لا يمنع على الإطلاق أن يحافظ الناس على ثقافتهم الخاصة وعلى ممارسة شعائرهم الدينية.
هذه هي السويد، مجتمع منفتح بقوانين واضحة، مجتمع صحيح إنساني ولكنه كما نقول دائما لا يؤمن بالعواطف ولا بالدموع، مجتمع مادي يؤمن بقوانين القوة، لذلك لا داعي على الاطلاق لإخفاء الحقائق على من يريد أن يغير الواقع..وللحديث بقية ولكن إلى اللقاء

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.