ما معاني فوز اليمين في فنلندا؟

: 4/3/23, 6:11 PM
Updated: 4/3/23, 6:12 PM

“لا تكونوا مثل السويد”، هكذا تحولت السويد إلى مثال تحذيري في الحملات الانتخابية الفنلندية. جرائم العصابات ونجاح SD في الربط بين الجريمة والهجرة لم تكسبه الانتخابات هنا فحسب، بل صبّت في صالح توأمه حزب “الفنلنديين الحقيقيين” اليميني المتطرف هناك.

بنتائج الانتخابات أمس، تنعطف فنلندا انعطافة قوية نحو اليمين. حزب الائتلاف الوطني المحسوب على يمين الوسط بقيادة بيتيري أوربو تصدّر النتائج بفارق ضئيل عن حزب الفنلنديين القومي الذي تترأسه ريكا بورا، فيما حل الاشتراكي الديمقراطي ثالثاً. خسرت سانا مارين السلطة، غير أنها حققت لحزبها الاشتراكي تقدماً رغم ذلك، وأظهرت نتائج الانتخابات أنها تحظى بشعبية كبيرة. فيما امتلأت صفحات وسائل الإعلام بالحديث عن الشابة الصغيرة التي جعلت السياسة أكثر إنسانية.

تقاليد السياسة الفنلندية تقضي بأن يشكّل الحزب الفائز بأكثرية الأصوات الحكومة، وهو تقليد غير موجود في السويد، حيث يجلس الاشتراكي السويدي في صفوف المعارضة رغم أنه أكبر الأحزاب.

أمام أوربو إذاً خياران، التحالف مع اليمين المتطرف أو الاشتراكي الديمقراطي لتشكيل الحكومة. الترجيحات تصب في صالح أقصى اليمين، لأن التحالف مع الخصم الأيديولوجي يعني تقديم تنازلات سياسية كبيرة. البلاد إذاً تتجه إلى حكومة يمينية محافظة يتحالف فيها يمين الوسط مع اليمين المتطرف. سيناريو مشابه لما حصل في السويد حين توقيع اتفاق تيدو الذي تشكلت بموجبه الحكومة.

رئيس حزب SD جيمي أوكيسون بدا منتشياً أمس وهو يعلق على النتائج الأولية للانتخابات، توأمه السياسي يتقدم ويقترب من المركز الأول. الصورة التي نشرها أوكيسون على حساباته في وسائل التواصل وجمعته برئيسة حزب الفنلنديين الحقيقيين تلخص الكثير. لافتة بصورة الرئيسين عُلقت خلفهما وكُتب عليها أوكيسون وبورا معاً.

الفكر القومي الشعبوي يجمع الاثنين، إضافة إلى الموقف المناهض للهجرة والمعادي للمهاجرين. وفيما تقدم SD في السويد مستفيداً من الحنق الشعبي على جرائم العصابات، تقدم شقيقه في فنلندا على أكتاف أزمة التضخم والغلاء التي تعصف بأوروبا.

بدا اليمين عموماً للفنلنديين أقدر على إخراجهم من الأزمة بوعود خفض الضرائب وأسعار الطاقة. غير أن وعوداً مشابهة سُمعت إبان الحملة الانتخابية في السويد، دون أثرٍ لثمارها بعد.

أوكيسون كان في هيلسنكي قبل نحو أسبوعين ليتعلم من بورا ربما أساليب جديدة في ترويج الأفكار الشعبوية. حزب الفنلنديين الحقيقيين يشارك منذ أكثر من 20 عاماً في الحياة السياسية لكنه لم يتصدر إطلاقاً نتائج أي انتخابات عامة، فيما اقترب كثيراً أمس بحصوله على 20.1 بالمئة من الأصوات، متأخراً بأعشار بالمئة فقط عن المتصدر.

وإضافة إلى عدائه للهجرة، يرفع الحزب شعار “فيكسيت” أي خروج فنلندا من الاتحاد الأوروبي. بما يذكر بمواقف SD وأشباهه من الأحزاب القومية في أوروبا.

زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبين كانت على وشك الفوز بالانتخابات الماضية. في حين فازت جورجيا ميلوني بالفعل في إيطاليا. وأمس اقتربت ريكا بورا من وضع يدها على الحكومة، في حين يمسك حليفها جيمي أوكيسون بتلابيب الحكومة السويدية.

لأوروبا تجربة قديمة مرعبة حين صعدت أحزاب قومية عنصرية إلى سدة الحكم إبان أزمة الكساد الكبير، فكان أن خسرت القارة عشرات ملايين البشر في الحرب العالمية الثانية.

موجة من التطرف اليميني تجتاح دولاً في أوروبا الآن فهل تصمد القوى الداعية إلى التنوع، وهي كثيرة؟ وأي دور سيلعب المهاجرون في ذلك؟ أسئلة ستظل هاجس كثيرين ربما لعقد من الزمان.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.