الكومبس – تحقيق: شعور بالحسرة والألم يراود أي شخص عندما يلجأ إلى أعلى السلطات التي تمثله ولا يستطيع أن يجد العون والمساعدة، خاصة عندما يتعلق الأمر باسترجاع فلذة كبدك وأغلى ما تملك.
الحصول على الجنسية السويدية، حلم يراود الكثير من المهاجرين، للتمتع بمزايا المواطنة السويدية، حتى أن العديد من الناس، الذين يحملون هذه الجنسية، يعتقدون أن بإمكان السويد “حمايتهم” أو “الدفاع عنهم” في حال تعرضهم الى أي مكروه، وهم خارج البلاد.

وفي حالات أخرى، تعتقد العديد من النساء المهاجرات، أنهن لمجرد حملهن الجنسية السويدية، قد يكون هذا كافياً، لاسترداد أطفالهن، الذين “يتم خطفهم من قبل أزواجهن” الى خارج السويد.

المشاكل العائلة والخلافات الحادة بين نسرين بابكر السويدية من أصول سودانية، وطليقها جعل الأخير يلجأ، بحسب نسرين الى “خطف” ابنتهما قبل خمس سنوات من الآن، عندما كانت أنذك تبلغ من العمر عامين فقط، من السويد الى السودان ومنع الأم من رؤيتها.

نسرين، أو أم ريان كما تحب أن يطلق عليها، سارعت بعد جريمة الاختطاف الى استصدار حكم عاجل من القضاء السوداني لأحقيتها في حضانة ابنتها، لكنها قوبلت، كما تقول، بصعوبة تنفيذ السلطات السودانية لحكم المحكمة في استرداد الطفلة من الوالد تزامناً مع صعوبة مماثلة للسلطات السويدية في اصدار عقوبة واضحة ومباشرة على الوالد واجباره على ارجاع الطفلة الى السويد.

محامي: إعادة الطفلة للسويد عملية معقدة

يقول المحامي بطرس روماني إن الجنسية الأم بالنسبة الى الطفلة هي السودانية، بينما جنسيتها السويدية هي المكتسبة، لذلك مهمة السلطات السويدية في استرجاع الفتاة معقدة لجهة عدم وجود اتفاقيات قضائية بين البلدين.

يؤكد من جهته أنه في حال امتلاك الشخص جنسيتين، فالبلد الأقرب اليه جغرافياً هو الأحق في حمايته في حال واجهته أزمة أو صعوبة في بلد ثالث، حسب القوانين الدولية.

ويضيف: ” في حالة نسرين، عليها تركيز جهودها في معاملات التنازل عن الجنسية السودانية لابنتها لإرغام السويد على بذل ضغوط دولية لاسترجاع الطفلة اليها. والكلام عن تلكؤ السويد في حماية مواطنيها خارج السويد غير صحيح ويعتبر كارثيا بكل المعايير. لكن يوجد قوانين دولية معقدة عند امتلاكهم جنسية اضافية ولا بد من معرفة النتائج السلبية لازدواجية الجنسية والاطلاع عليها قبل الاحتفاظ بجنسية أخرى”.

“ظروف مأساوية تعيشها الطفلة المختطفة”

نسرين ومنذ حادثة الخطف، تمر بحالة نفسية صعبة وتحاول ايجاد مخرج لاسترجاع طفلتها من السودان خاصة بعد أن علمت أن عمة ابنتها تحبسها في المنزل دون السماح لها بالذهاب الى أي مكان حتى المدرسة وتلقى منها معاملة سيئة للغاية.

تقول لـ “الكومبس”:” طليقي لديه نفوذ في السودان مما يحول دون استطاعة الشرطة السودانية تنفيذ حكم المحكمة هناك. لكن ابنتي حاصلة على الجنسية السويدية، وهو الامر المحبط بالنسبة لي بعد أن فوجئت بتساهل السلطات السويدية في اجبار طليقي على اعادة ابنتي الى السويد.

تضيف بأسف: “ما جدوى حصولي على جنسية البلاد إذا لم تقف السويد الى جانبي”؟

نسرين ناشدت السلطات السويدية، ودعت رئيس الوزراء السويدي الى التدخل سريعاً لإخراج ابنتها من جحيم المعاملة اللاإنسانية التي تلقاها في السودان: ” ريان طفلة سويدية وكونها ولدت في السويد أنا اناشد الملك أيضاً بالتدخل لإنهاء معاناة وعذاب أم لم ترى ابنتها منذ خمس سنوات بسبب الظلم”.

“إشكالية الجنسية المكتسبة”

السويد تقدم خدمات اجتماعية عديدة لمواطنيها، وتمنحهم شعور الحماية في الداخل والخارج، لكن في حالة حمل الشخص لجنسيتين تصبح الامور معقدة عند حصول أمر طارئ له خارج الاراضي السويدية، كما يقول ناصر محمود من دائرة الشؤون الاجتماعية (السوسيال) في بلدية ستوكهولم.

ويضيف: “عادة ما تبذل السويد كل جهدها مع السلطات الخارجية لمساعدة مواطنيها في تلك البلاد لكن الصعوبة تكمن في حال كانت الجنسية الأم هي غير سويدية، والسويدية تكون مكتسبة، كما في حالة نسرين.

بالنسبة الى قضية خطف تلك الطفلة، السلطات السويدية ترى أن جنسيتها السودانية تحول دون اعتبارها مخطوفة في بلدها الأم حتى لو كان لدى الأم حق الحضانة في السويد.

اذا لم تكن من أصول سويدية أو حاملة للجنسية السويدية فقط، فلا تتوقع أن تبذل الخارجية السويدية جهودا مضنية مع السلطات الاجنبية”.

نسرين: “السفارة السودانية لا تساعدني”

مع محاولات نسرين الحثيثة لاسترجاع ابنتها الى السويد، لجأت الى السفارة السودانية في مدينة ستوكهولم لإيجاد طريقة أو تسوية تتمكن من خلالها تنفيذ الشرطة السودانية لحكم المحكمة هناك.

وتشرح قائلة: “توصلت الى قرار يقضي بالتنازل عن الجنسية السودانية لابنتي واحتفاظها بالسويدية فقط. لكن السفارة السودانية لا تقوم بمساعدتي في هذا الشأن وأنا متأكدة من ضلوع طليقي في هذه العرقلة”.

ديما الحلوة