الكومبس – دولية: اهتمت الصحافة السويدية كما الدولية بمقتل قائد مجموعة فاغنر العسكرية الروسية يفغيني بريغوجين جراء تحطم طائرته في روسيا أمس.
ونقل موقع روسي مستقل عن مصدر داخل الكرملين أن الخبر لم يفاجأ احداً هناك، قائلاً “لم يعد بريغوجين يعتبر شخصاً موثوقاً ويمكن التحكم به”.
وأضاف المصدر “كان لدي شعور بعد التمرد بأنه سيلقى نهاية سيئة. وقال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يتغاضى عن مثل هذه الأمور”.
هذا ولم تجزم جميع المصادر الروسية بمقتل قائد مجموعة فاغنر في الهجوم، وشكك بعضها بأن يكون الحادث مفتعلاً لضمان نفاده من العقاب.
وقال أحد المصادر القريبة من الكرملين أيضاً إنه لا يستبعد بان يكون بريغوجين ما يزال على قيد الحياة، مضيفاً “لديه مخبرون على جميع المستويات وذلك علينا الانتظار”.
هذا ورجح مصدر أمريكي لرويترز اليوم أن يكون صاروخ أرض جو روسي أدى إلى إسقاط الطائرة وقتل بريغوجين.
وقال إن بلاده تعتقد أن الدفاعات الجوية الروسية أسقطت الطائرة.
بينما قدم مصدر آخر لصحيفة نيويورك تايمز رواية مناقضة تحدثت عن انفجار قنبلة داخل الطائرة، لافتا إلى عدم وجود دليل على استهدافها بصاروخ.
هذا وكشفت بيانات مواقع تتبع الرحلات ان الطائرة لم تكن تعاني من أي مشاكل تقنية خلال رحلتها، وتطلب الأمر دقيقة واحدة من اضطراب طيرانها وصولاً إلى بدء هبوطها المباشر نحو الأرض.
من هو يفغيني بريغوجين
سمح النزاع في أوكرانيا لقائد فاغنر بفرض نفسه لاعبا أساسيا في روسيا. بيد أنّ الملياردير الحليق الرأس تحول من “طباخ بوتين” إلى عدو للرئيس الروسي منذ أن قاد تمرّداً فاشلاً في يونيو الماضي. فماذا نعرف عنه؟
تجاوز يفغيني بريغوجين، هذا الرجل المتهوّر الذي يصعب التنبّؤ بتحرّكاته، خط اللاعودة حين قرّر الانقلاب على سيّد الكرملين فلاديمير بوتين. وفي 24 حزيران/يونيو، وهو اليوم التالي لبدء تمرد فاغنر، أدان بوتين “خيانة” يفغيني بريغوجين التي عزاها إلى “الطموحات المفرطة والمصالح الشخصية”.
وكان بريغوجين قد أعلن أنه استولى من “دون إطلاق رصاصة واحدة” على مقر الجيش الروسي في روستوف أون دون، مركز قيادة العمليات في أوكرانيا، بعد أن اتهم الجيش الروسي بأنه قصف في اليوم السابق معسكرات مجموعته. ثم حبس العالم أنفاسه عندما زحف رجاله “المستعدون للموت” نحو موسكو، وأسقطوا طائرات للجيش الروسي.
لكن في النهاية، تراجع زعيم المرتزقة البالغ من العمر 62 عامًا عن تمرّده بعد 24 ساعة على انطلاقه، وتفاوض على الذهاب إلى منفى في بيلاروسيا مع رجاله، من دون أن يحال إلى المحاكمة أو يُسجن. ومما يدل على غموض الاتفاق أن بريغوجين عاد إلى روسيا، حتى أنه تم استقباله في الكرملين في الأيام التي تلت التمرد.
وفي حين أنه لم يظهر علناً، تعقبه المدونون ورصدوا تحركات طائراته. وفي النهاية، ظهر مساء الاثنين (21 أغسطس/ آب) في مقطع فيديو قال فيه إنه يعمل في أفريقيا من أجل تعزيز عظمة روسيا في هذه القارة حيث ينفّذ رجاله منذ سنوات ما يكلفهم به الكرملين.
ففي جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي وليبيا وسوريا… عُرفت فاغنر التي لم يعترف الكرملين بوجودها حتى نهاية عام 2022، منذ 10 سنوات على أنها شريك لأنظمة تريد التخلص من رعاتها الغربيين أو تبحث عن مقاتلين متكتمين ولا يرحمون.
الغزو الروسي لأوكرانيا: فرصة من ذهب
وبدا أنّ النزاع في أوكرانيا وفّر فرصة من ذهب لرجل الأعمال للخروج إلى دائرة الضوء بعدما عمل لسنوات في الظل، ليفرض نفسه لاعبا أساسيا في روسيا. فقام بتجنيد عشرات الآلاف من السجناء للذهاب إلى الجبهة حيث واجه الجيش الروسي صعوبات. وعلى العكس من كبار المسؤولين الروس، تواجد بريغوجين في ميدان المعركة وصوّر جثث رجاله ليطالب بمزيد من الذخيرة.
في مايو/ أيار2023، أي بعد أكثر من عام من المعارك الشرسة والدامية، حقق بريغوجين هدفه بإعلانه سيطرة فاغنر على باخموت في شرق أوكرانيا محتفيا بانتصار نادر للقوات الروسية على أرض المعركة، وإن استمرت المعارك فيما بعد.
لكن خلال هذه المعركة أيضا تفاقم التوتر مع هيئة أركان الجيش الروسي بقيادة فاليري غيراسيموف ووزير الدفاع سيرغي شويغو اللذين اتهمهما بريغوجين بحرمان فاغنر من الذخائر ونشر عدة لقطات مصورة شتم فيها القادة العسكريين الروس.
بريغوجين سيد الاستفزاز
وهذا أمر لا يمكن تصور أن يقدم عليه أي شخص آخر في روسيا التي لا تتساهل مع مثل هذه المواقف. ولم يكتف بذلك بل نشر بريغوجين، سيد الاستفزاز مقطعا مصورا يظهره في طائرة حربية وهو يقترح على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تقرير مصير باخموت خلال منازلة جوية.
ولكي يبني جيشا على قدر طموحاته، راح بريغوجين المولود كما بوتين في سانت بطرسبرغ، يجند آلاف السجناء ليقاتلوا في أوكرانيا في مقابل العفو عنهم. وهو يعرف أوساط السجون جيّداً فقد أمضى تسع سنوات في المعتقل في الحقبة السوفياتية لارتكابه جرائم.
وخرج من السجن عام 1990 عندما كان الاتحاد السوفياتي على شفير الانهيار وأسس شركة ناجحة لبيع النقانق. وارتقى السلّم بعد ذلك وصولاً إلى فتح مطعم فخم أصبح من أهم مطاعم سانت بطرسبرغ، حين كان نجم بوتين يصعد.
وبعد وصول بوتين إلى سدّة الرئاسة عام 2000 راحت مجموعة بريغوجين توفّر خدمات طعام للكرملين فحظي بلقب “طباخ بوتين” وقيل إنّه حقق المليارات بفضل عقود عامة.
ع.ش/ أ.ح (أ ف ب)
ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW