أن تعيش مع الفيروس.. شهادة من خط المواجهة

: 7/31/20, 2:36 PM
Updated: 7/31/20, 2:36 PM
أن تعيش مع الفيروس.. شهادة من خط المواجهة

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقالات الرأي: منذ أن استفاق العالم على وقع داء لادواء له والأعين تتجه للطواقم الطبية المنهكة والمستنفدة. كيف لا يقلق المرء وهو يرى دولاً تصنف صحياً في مستويات متقدمة، أوروبية وغيرها، تقف عاجزة بأطقمها الصحية والعلمية عن منع زحف الوباء.

هنا في الجهة الأخرى حيث تقف الأطقم الطبية، كانت النظرة مختلفة. وسأسرد لكم مشاهدات وخواطر عدد من الزملاء في السويد وباقي دول العالم.

في العالم العربي عموماً، وقفت الأطقم الصحية استبسالاً في وجه الوباء في ظل عجز وضعف الإمكانات في العديد من هذه الدول (بغض النظر عن أسباب العجز). و كثيرون لبوا النداء.

يقول زميل لي والإرهاق باد على صوته: “كنت منذ البداية في فريق متابعة مرضى كورونا. واليوم أحجز نفسي عن عائلتي ليس لأني مريض ولكن لأني ضمن الفريق، عين تدمع وقلب يحزن ودعاء مستمر”.

والملاحظ من جميع الأطقم الصحية في العالم العربي تلقيهم دعماً اجتماعياً وتقديراً لم يسبق له مثيل، وهو ما أشعرهم بسعادة كانت حقاً من حقوقهم حتى قبل الوباء.

في أوروبا، وإيطاليا حصراً، يقول أحد الزملاء بعد مناوبة 18 ساعة: “لم أعد اعرف طعم الراحة، نقف عاجزين عن إيجاد حل أو علاج، وكلما استشرنا أخصائياً او استشارياً عما لانعرفه أجاب “لا أعرف سنجرب ما لدينا”. نقص الإمدادت كان عائقاً في إحدى الفترات، بدأت قوانا تتهاوى ولا نعرف إلى متى سنستمر”.

بالعودة إلى السويد، كان الوضع أقل وطأة مما توقعنا فقد كان الاستعداد أكبر. وقد يكون وعي الشعب وأسلوب الحياة المتباعد بالأساس جزءاً من الحؤول دون الضغط الحاصل في دول أخرى.

أكثر الصعوبات التي واجهناها نقص المعلومات عن هذا الفيروس. كنّا نتابع باستمرار ونحدّث كامل المعلومات لكنها لم تكن كافية لنا وللعالم للتعامل معه.

التخوف من نقص معدات الوقاية كان له أثر، لكن أسلوب إدارة كل مقاطعة لمواردها وكل مشفى وكل مستوصف كانت فعالة للحفاظ على الموارد الموجودة. وواجهت الممرضات الضغط الأكبر نتيجة سخط المرضى من عدم توفر إمكانية سحب العينات من الجميع في البداية.

يوميات

تلبس الواقيات واحداً تلو الآخر حتى تصل للقناع، وتخرج لمقابلة مريض يشتبه بإصابته أو مؤكدة اصابته بـكوفيد-19. تخبئ خلف القناع خوفك وقلقك من المجهول. أسرتي الصغيرة المهاجرة من بلاد بعيدة لتجد الحماية هنا، ترى هل أكون أنا من يجلب المرض والموت لها؟ ابناي (سنتان، و4 سنوات) في حضانتيهما. تخبرنا مسؤولة الحضانة أنهم وضعوا خطة لاستقبال الأطفال إذا أُعلن الحجر العام. تستطرد قائلة: “لاتقلقوا! أنتم من ذوي المهن المهمة في المجتمع لذا سيتوفر لهم مكان.. لاتقلقوا!”. بابتسامة نرد “لا مشكلة، لن نقلق”.

أنا وزوجتي التي تعمل أيضاً مع فريق كورونا، ومسؤولة الحضانة، كلنا قلقون ولا نعرف المصير.

يقول لي أحد المرضى “دكتور لا أرى وجهك لكني أميزك من صوتك، كنت زرتك من قبل وأذكر ملامحك. اليوم أنت هنا من أجلنا، اليس كذلك؟ لا أرى سوى عينيك لكني اليوم أعرف لماذا أنتم ملائكة”.

هذه المشاهدات كانت على مر أشهر سابقة. اليوم حياتنا كلها تغيرت ولن تعود كما قبل. التعايش مع الوباء قد يكون الأنسب، والأهم ان نتعلم كيف نتعايش بسرعة مع أي شيء قادم. الخوف من المجهول كان لدينا كما كان لدى الجميع لكن كان لابد لنا أن نتعايش ونؤدي المهنة.

التعايش بمعنى اتباع ما يفرض علينا هذا الوباء أو غيره لكي نحمي أنفسنا وأحباءنا.

أتمنى الصحة والسلامة للجميع. وكل عام وأنت بخير.

د.أحمد زردة

طبيب في السويد

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.