الاستعداد للحرب، والتضحية من أجل الوطن، والتجنيد غصباً.. عبارات لم تكن متداولة كثيراً في السويد، غير أنها تتحول شيئاً فشيئاً إلى جزء من يوميات الشتاء الاسكندنافي. مخاوف السويديين استيقظت منذ أن رأوا مناطق في أوكرانيا تُدك بالقنابل الروسية. الأمان الذي شعروا به طويلاً بدا وكأنه أصبح من الماضي. “السويد أصغر من أن تهددها روسيا”، يقول ناطقون بلسان بوتين ساخرين. غير أن الحكومة السويدية وقوات الدفاع يتحدثان بجدية عن إمكانية اندلاع حرب هنا في أقصى شمال المعمور من الأرض. بدأ الأمر يوم الأحد بتصريح لوزير الدفاع المدني، ثم فجّر القائد العام لقوات الدفاع القنبلة: على السويديين أن يستعدوا للحرب، تلاه حديث لرئيس الوزراء عن التضحية من أجل الوطن. كل ذلك يتزامن مع اندفاع الحكومة والبرلمان لزيادة ميزانية الدفاع السويدية، وتطبيق استراتيجية الدفاع الشامل. طبول الحرب تُقرع في البلاد بشكل واضح، دون مؤشرات فعلية على حرب وشيكة، غير أن المخاوف قائمة. تعبئة نفسية هي إذاً، لا تعبئة بشرية، السويدي المسالم الذي يكره الحرب صورةٌ يُعمل على تغييرها اليوم، ويقول العسكريون والسياسيون إن لذلك ضرورات عاجلة. قرع الطبول جذب اهتمام صحف العالم، وأثار انتقادات داخلية أيضاً. “عسكرة وعي السويديين”، توصيف ورد اليوم في مقال على صحيفة داغينز نيهيتر، في حين قال أحد الإعلاميين إن كلمة الحرب ليست لعبة، ولا ينبغي أن تُستخدم بسهولة. القائد العام ميكايل بيدين أكد أن الجيش السويدي يتكلم بصراحة وبكلمات واضحة، ولذلك تثير التصريحات ردود فعل. أما رئيس الوزراء أولف كريسترشون فرأى في الأمر مناسبة للحديث عن مفهوم المواطنة السويدية، فالمواطنة، كما يرى، ليست جواز السفر وسهولة التنقل، بل هي روابط الولاء للبلد والاستعداد للدفاع عنه، وإذا كان المرء لا يريد ذلك فعليه ألا يكون مواطناً سويدياً. كريسترشون عبّر عن تشككه من أن يكون جميع الذين اكتسبوا المواطنة في مرحلة لاحقة من حياتهم مستعدين للتضحية من أجل السويد، بل قال إن الجواز السويدي أصبح لكثيرين اليوم مجرد وسيلة للتنقل والحصول على المساعدة القنصلية في الخارج.
على أبواب انضمام السويد للناتو ينفتح النقاش على مصراعيه حول الحرب والعسكرة، وللمهاجرين فيه نصيب. وإذا كان الاستعداد للحرب يمنع وقوعها أحياناً، فإنه في أحيان أخرى يعجّل في استحضار مقدماتها.