كريسترشون.. اخلع نظارة جيمي أوكيسون

: 9/29/23, 11:51 AM
Updated: 10/5/23, 2:03 PM
Foto: Anders Wiklun/TT
Foto: Anders Wiklun/TT

خطاب للأمة. في الاسم وحده ما يستفز غريزة الحذر السويدية. لا يستخدم السويديون “خطاب الأمة” إلا في المفاصل المهمة واللحظات الخطيرة. في كورونا، وحرب أوكرانيا، وقبلها مقتل وزيرة الخارجية آنا ليند. والآن أمام حرب عصابات غير مسبوقة.

خرج رئيس الوزراء أولف كريسترشون أخيراً بخطاب للأمة مساء الخميس. يبدو أن انتقادات المعارضة ومعها كثير من أصوات السويديين بأن الحكومة لا تُسمع صوتها القوي للناس، أسمعت آذان كريسترشون.

غير أن رئيس الوزراء بدا في الخطاب وكأنه يريد أن يبرئ ساحة حكومته من “إثم” العصابات، فهي مشكلة عمرها عقود و”تأزمت طيلة عشر سنوات كاملة”.

عادة ما تحمل “خطابات الأمة” السويدية رسائل وحدة، توضع الخلافات جانباً، ويقول رئيس الحكومة للجميع تعالوا لنواجه الأزمة معاً. لم يفعل كريسترشون ذلك. غمز إلى تحميل الحكومات السابقة المسؤولية. وسار في ركبان حليفه SD بتحميل سياسة الهجرة مسؤولية الكوارث كلها. فـ”الهجرة غير المدروسة ومجتمع الظل سبب لعنف العصابات”. “لكننا لسنا صامتين” هذا ما حمله الخطاب بين السطور، وكريسترشون يعدد إنجازات حكومته في مواجهة العصابات.

ينسى خطاب كريسترشرون أن المهاجرين، كل المهاجرين، يدفعون الثمن الأغلى، تارة بوقوع معظم الضحايا من صفوفهم، وأخرى بانعدام الأمن في مناطقهم، وثالثة بتحميلهم المسؤولية في خطاب شعبوي يستخدم “تعميم الصورة” لتعويم الكراهية.

يندفع خطاب رئيس الوزراء لتصفية الحسابات مع الاشتراكيين، مستخدماً نظارة رئيس SD جيمي أوكيسون، وكلتا عينيه على الناخبين، يريد القول لهم إن ما وعد به حزبه إبان الحملة الانتخابية من تشدد تجاه العصابات والهجرة، تحول إلى أمر واقع، متجاهلاً عمداً أن كل حديث الحكومة واقتراحاتها تجاه التشدد، لم توقف انفجار الوضع وتصاعد حرب العصابات إلى مستوى لم تشهده البلاد من قبل.

عقوبات مضاعفة للجرائم المرتبطة بالشبكات الإجرامية، تجريم تجنيد الأطفال، صلاحيات متزايدة للشرطة وحراس الأمن، مناطق للتفتيش، زيادة المراقبة بالكاميرات، بعض من “إنجازات” عددها خطاب رئيس الوزراء.

وبعيداً عن توصيف الوضع بالقول إن “السويد تمر بوقت عصيب لم تشهده من قبل ولم تشهده دولة في الاتحاد الأوروبي”، فإن الجديد الذي حمله خطاب كريسترشون هو استدعاؤه القائد العام لقوات الدفاع وقائد الشرطة الوطنية للنظر في إمكانية مساعدة الجيش للشرطة.

وكان كريسترشون قال أمام الجمهور في مالمو الأربعاء إن مهمة الجيش حماية حدود البلاد لا مواجهة العصابات. فما الذي تغير أمس؟

3 ضحايا لإطلاق نار خلال ساعات وتفجير ضخم في أوبسالا، غيرت الكثير. المزاج العام السويدي أصبح أكثر إلحاحاً بطلب إجراء عاجل، لا تحقيقات حكومية تحتاج أشهراً طويلاً لتبيض اقتراحاتها. ويبدو أن كريسترشون وجد في مطلب رئيسة الاشتراكيين الديمقراطيين مجدلينا أندرشون الاستعانة بالجيش طوق نجاة سريع، فعمد إلى الإمساك به.

تجاهل كريسترشون طلب المعارضة بتشكيل خلية أزمة تضم قادة الأحزاب البرلمانية كلهم، واختار بدل من ذلك التأكيد على أن حكومته ستطارد العصابات (وحدها ربما) وستهزمها. السجن الطويل للمجرمين إن كانوا مواطنين والترحيل للأجانب منهم حتى إن لم يدانوا بجريمة. يكرر كريسترشون كلمة “الترحيل” كثيراً في الأيام الأخيرة وكأنها العصا السحرية التي سيسكت بها زئير العصابات، فهل وضع رئيس الوزراء في حسبانه أن معظم زعماء العصابات ومحركيها الأساسيين يحملون الجنسية السويدية؟ أم أن وقع الكلمة في دلالتها على الأجانب هو المقصود فقط.

تحصي السويد قتلاها وتمسح دماءها وهي تواجه أكثر أوقاتها صعوبة، فما أحوجها لرسائل الوحدة اليوم!

مهند أبو زيتون

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.