تبدل التحالفات يعقّد الوضع في اليمن ويفاقم أزمته الإنسانية

: 9/5/22, 5:39 PM
Updated: 9/5/22, 10:47 PM
قصف ومفخخات وتبدل في التحالفات يشهدها اليمن منذ سنوات (أرشيفية)

(AP Photo/Wail al-Qubaty)  TT
قصف ومفخخات وتبدل في التحالفات يشهدها اليمن منذ سنوات (أرشيفية) (AP Photo/Wail al-Qubaty) TT

هل يعطل تقارب “الإصلاح” مع الحوثيين جهود المبعوث السويدي؟

تحليل إخباري: يعيش البلد الفقير المطل على مضيق باب المندب حرباً أهلية مستمرة منذ ثمانية أعوام بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله الحوثية المدعومة من إيران على خلفية انقلاب الأخيرة على الحكومة، والسيطرة على معظم المحافظات اليمنية بما في ذلك العاصمة اليمنية صنعاء.

وأدت الحرب اليمنية إلى أسوأ أزمة إنسانية في البلاد وفق تقديرات الأمم المتحدة. وتقول التقديرات إن الحرب أدت إلى مقتل الآلاف من اليمنيين وإن هناك 21 مليون يمني من أصل 30 مليون بحاجة إلى المساعدات الإنسانية بما فيهم خمسة ملايين أضحوا على شفا مجاعة وشيكة.

وتكافح الأمم المتحدة من أجل إقناع الأطراف اليمنية للموافقة على هدنة موسعة في مطلع أكتوبر المقبل. ومنذ ستة أشهر دخلت الجبهات العسكرية في هدنة ترعاها الأمم المتحدة بدأت في أبريل الماضي لمدة شهرين قبل أن تمدد في يونيو الماضي لشهرين آخرين، وبعده في أغسطس الماضي لشهرين تنتهي في أكتوبر المقبل.

ونص اتفاق الهدنة على تسيير رحلات من مطار صنعاء الدولي إلى مطاري القاهرة وعمان، ووقف الضربات الجوية للتحالف العربي، ووقف إطلاق النار في مختلف جبهات البلاد، إضافة إلى دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، ورفع الحصار الذي تفرضه جماعة الحوثي على مدينة تعز منذ ثمان سنوات.

غير أن فرص الذهاب إلى اتفاق أوسع للهدنة تتضاءل مع مضي الوقت في حين يتم تجديد الهدنة الهشة منذ شهر أبريل بوساطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة السويدي هانس غرودنبيري الذي يسعى إلى وقف الحرب وجلب الطرفين إلى طاولة حوار على غرار ذلك الذي استضافته السويد نهاية العام 2018، وهو الحوار الذي نتج عنه ما عرف باتفاق ستوكهولم وحينها نجح في وقف الحرب في الساحل الغربي لليمن لكن كثيراً من بنوده لم تنفذ حتى الآن.

مؤخراً، قالت البعثة الأممية لدعم اتفاق الحديدة، إنها لاحظت بقلق بالغ تواجداً عسكرياً للحوثيين في مدينة الحديدة، داعية إياهم إلى احترام بنود اتفاق ستوكهولم والامتناع عن الأعمال التي قد تسهم في التصعيد.

تقارب الإصلاح والحوثيين

ومع حالة الجمود العسكري في أنحاء البلاد يبدو أن تحالفات جديدة بدأت تتشكل بوضوح خصوصاً بين الجماعات الدينية الشيعية والسنية. يقول الصحفي اليمني صلاح بن لغبر “على نحو متزايد تشعر الجماعات الدينية المسلحة أن عليها أن تتحالف لتحافظ على وجودها، ومن تلك الجماعات حزب الإصلاح الذراع اليمنية للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، الذي دخل في عداء مباشر مع مجلس الرئاسة منذ أشهر وصلت إلى حد تمرد القوات التابعة له في شرق البلاد ورفضها قرارات رئاسية، وهو ما فرض تعاملاً حازماً من قبل المجلس الذي يقود البلاد منذ اأريل الماضي، وهو مادفع بالإخوان الى البحث عن حبائل وصل مع الحوثيين الذين بات يجمعهم خصم مشترك هو السلطة المعترف بها دولياً والتي يقودها مجلس رئاسي مكون من ثمانية أشخاص بقيادة الدكتور رشاد العليمي”.

وحزب الإصلاح ينتمي إلى الطائفة الإسلامية السنية، بينما تنتمي جماعة الحوثي إلى الطائفة الشيعية، لكن رغم ذلك يبدو أن الفريقين أدركا أن عليهما التقارب في ظل مهددات مشتركة، خصوصاً بعد فقدان الإصلاح السيطرة على مفاصل السلطة بشكل تدريجي منذ تسلم مجلس الرئاسة زمام الأمور في البلاد.

وبعيداً عن تصريحات وتغريدات الغزل التي تبادلها قادة ومحسوبون على الطرفين، تقول مصادر يمنية إن غرفة عمليات مشتركة بين الطرفين أنشأت بالفعل في محافظة مأرب لتنسيق الجهود في مواجهة المجلس الرئاسي، وكان عضو المكتب السياسي في جماعة الحوثيين حسين العزي كتب في تغريدة له على صفحته في تويتر “تلقينا رسائل ودية من الإخوة في حزب الإصلاح”. كان العزي يتحدث بهذه التصريحات بينما يدعو نشطاء من حزب الإصلاح قيادة الحزب إلى تحالفٍ سياسيٍ مع جماعة الحوثي ضد مجلس القيادة الرئاسي. غير أن د.سعيد الجمحي وهو خبير في شؤون الجماعات الدينية والتطرف قال إن قنوات التواصل بين الجانبين مفتوحة منذ العام 2019. وذكر أن تفاهمات بين الجانبين أدت إلى تسليم قيادات عسكرية تنتمي إلى حزب الإصلاح وتقود القوات الحكومية، جبهات عسكرية في محافظات صنعاء، ومأرب، والبيضاء، والجوف. وأضاف “شهدنا سقوط مساحات كبيرة ومحافظات بالكامل بقبضة الحوثيين دون أي قتال.. كل هذا كان نتاج توافق بين الجانبين”.

وتابع “قيادات برلمانية من حزب الإصلاح وقيادات أخرى من الصف الثاني عادت إلى صنعاء التي تسيطر عليها جماعة الحوثي خلال الفترة الممتدة من 2019 وحتى منتصف 2021”.

هذه التغيرات في المشهد اليمني قد تعقد بشكل أكبر مهمة الوسطاء الدوليين الرامية لإيجاد حل دائم للنزاع ووقف الحرب في هذا البلد وعلى رأسهم السويدي هانس غرودنبيري مبعوث الأمم المتحدة الى اليمن والذي تولى المهمة بعد استقالة اربعة مبعوثين آخرين قبله وهو ما يمكن أن يدلل بوضوح على مدى صعوبة المهمة والتعقيد الكبير في الأزمة اليمنية.

علي حمزة

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.