الديمقراطية

دراسة: تزايد الأنظمة “الاستبدادية” في العالم

: 3/19/24, 2:51 PM
Updated: 3/19/24, 5:10 PM
لحظة اعتقال صحفي في تظاهرة بالجزائر (من أرشيف عام 2019)
لحظة اعتقال صحفي في تظاهرة بالجزائر (من أرشيف عام 2019)

الكومبس – دولية: لأكثر من عقدين، تراقب مؤسسة بيرتلسمان الألمانية أكثر من 140 دولة حول العالم لتحديد ما إذا كانت تتجه صوب الديمقراطية أم الاستبداد. وحذرت مؤخرا من تراجع الديمقراطيات في العالم مع تزايد الأنظمة الاستبدادية. فما الأسباب؟

جاءت نتائج دراسة دولية أجرتها مؤسسة “بيرتلسمان” الألمانية بشأن المسار الديمقراطي في العالم، صادمة إذ كشفت عن تدهور الديمقراطية على مدى السنوات العشرين الماضية في 137 دولة نامية وصاعدة.

فبحسب دراسة “مؤشر التحول”، التي أجرتها مؤسسة “بيرتلسمان” لعام 2024، فإن العالم يضم الآن 63 نظاما ديمقراطيا مقارنة بـ 74 نظاما استبداديا وهي النظم التي تحكم الدول التي لا تنظم انتخابات حرة أو الدول التي تفتقر إلى وجود دستور فيها.

وأشار المؤشر إلى أنه خلال العامين الماضيين فقط، اتسمت الانتخابات التي شهدتها 25 دولة بكونها أقل حرية ونزاهة مما كانت عليه في السابق وذلك في خضم تصاعد التوترات الجيوسياسية والحرب الروسية في أوكرانيا وقبلها جائحة كورونا.

وكشف المؤشر عن أنه جرى فرض المزيد من القيود على حرية التعبير والإعلام في 39 دولة.

كورونا..عرقلة قطار الديمقراطية

وفي مقابلة مع DW، قالت سابين دونر، الباحثة التي شاركت في إعداد الدراسة، إن وباء كورونا ألقى بظلاله على التطورات الديمقراطية من خلال عمليات الإغلاق والقيود المؤقتة على الحريات المدنية.

وأضافت “مثل الوباء فرصة لفرض المزيد من القيود على الحقوق وأيضا فرصة لتركيز السلطة أكثر في أيدي الحكومات، لكن الوباء لم يحدث أي أزمات جديدة”.

وتعد الدراسة السنوية التي تجريها مؤسسة برتلسمان الأكبر والأكثر شمولا من نوعها في مراقبة هذا الكم الكبير من الدول في شتى بقاع العالم فيما تستند الدراسة على خمس آلاف صفحة تشكل جملة تقارير جمتعها المؤسسة عن الدول محل الدراسة بمساعدة 300 خبير وجامعة ومركز أبحاث في حوالي 120 دولة.

وعمدت الدراسة إلى تحليل التحول السياسي نحو الديمقراطية والتحول الاقتصادي والعمل الحكومي فيما وصلت جميع الفئات الثلاث في الوقت الراهن إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.

الدول الديمقراطية..استيقاظ ببطء

ورغم ما تبشر به الدراسة من أخبار سلبية، إلا أن سابين دونر مازالت متفائلة.

وفي ذلك، قالت “أصبحت الشعوب والحكومات خلال السنتين أو الأربع سنوات الماضية، أكثر وعيا بالتحديات التي تفرضها النُظم الاستبدادية على الدول الديمقراطية بما في ذلك ألمانيا. باتت هذه الشعوب والحكومات أكثر وعيا في الوقت الراهن مقارنة بالوضع قبل عشر سنوات”.

يشار إلى أن مؤسسة برتلسمان قد وجهت دعوة إلى المستشار أولاف شولتس لعرض نتائج الدراسة الاثنين (18 مارس / آذار).

وفيما يتعلق بصعود التيار الشعبوي اليميني في ألمانيا، قال شولتس إنه سعيد بخروج مئات الآلاف من الألمان إلى الشوارع مؤخرا للاحتجاج ضد اليمين المتطرف، قائلا: “لم ينبع الأمر من أعلى أو من الأحزاب. من العدل والإنصاف أن نقلق بشأن مرونة الديمقراطية. لكن في النهاية، هذه ليست مسرحية وليس أمرا يُجري على الإنترنت، الأمر على عاتقنا إذ علينا أن نحمي الديمقراطية بأنفسنا”.

هل الدول الديمقراطية بطيئة وغير مرنة؟

ويقول مراقبون إن الحكام المستبدين يميلون إلى تبرير تصرفاتهم بالادعاء بأن النظم الديمقراطية مرهقة للغاية فضلا عن الإدعاء بأن الحكومات المنتخبة ديمقراطيا غير مرنة والزعم بأن بلدانهم غير قادرة على مواكبة التنافس العالمي، لكن الدراسة تثبت خلاف ذلك.

فقد كشفت الدراسة عن أنه فيما يتعلق بسرعة وفعالية تنفيذ الحكومات للتدابير التي كانت ترمي إلى وقف تفشي وباء كورونا، فإن أيا من الدول الـ 45 التي كانت أقل فعالية في تنفيذ تدابير الحماية لسكانها، كانت تنتمي إلى البلدان الديمقراطية.

وفي هذا الصدد، قالت سابين دونر إن استجابة الصين للوباء أثبتت أن الأنظمة الاستبدادية لا تتصرف بحكمة أكبر من الدول الديمقراطية خلال أوقات الأزمات، مضيفة “رصدنا ذلك خلال جائحة فيروس كورونا حيث أصبح من الواضح أن عمليات الإغلاق الصارمة لم تكن ناجحة ما أثار احتجاجات ضخمة. ورغم كافة أشكال القمع، فإن الأمر لا يتعلق بالاعتراف بارتكاب أفعال خاطئة، بل يتعلق أيضا بمدى صعوبة تصحيحها.”

وقالت “قد تتعرض الأنظمة الاستبدادية أيضا للضغوط عندما يكون السكان في حالة سخط”.

مفتاح الأمر؟

وأظهرت الدراسة أن المفتاح الرئيسي في مكافحة النزعات الاستبدادية يكمن في الالتزام المدني بإجراء انتخابات حرة ودعم حرية الإعلام والالتزام بالفصل بين السلطات. وقالت الدراسة إنه في حالة استمرار الدعم الشعبي لهذه المجالات، فإنه من الممكن درء أي نزعات استبدادية فيما استشهدت الدراسة بالانتخابات التي جرت مؤخرا في كينيا وزامبيا وبولندا ومولدوفا.

وقالت سابين دونر إن العديد من الدول قد نجحت في التحول إلى أنظمة ديمقراطية، مضيفة “كانت تايوان وكوريا الجنوبية على سبيل المثال تحت الحكم الاستبدادي لفترة طويلة ثم جرى تحديثهما اقتصاديا. وباتت الدولتان في الوقت الراهن ديمقراطيتين وتنعمان بالاستقرار وكتبتا فصلا رائعا من النجاح”.

كوريا الجنوبية وكوستاريكا وتشيلي وأوروغواي

وسلط مؤشر التحول لعام 2024 الذي أجرته مؤسسة “بيرتلسمان” الضوء على التطورات التي شهدتها كلا من أن كوريا الجنوبية وكوستاريكا وتشيلي وأوروغواي وتايوان.

وأضاف “استنادا إلى سيادة القانون، حققت حكومات هذه الدول تطورات إيجابية ليس فقط في مجال التعليم والرعاية الصحية وتحسين سبل معيشة مواطنيها وإنما أيضا في مجال تعزيز الديمقراطية.”

وقال الباحثون إنه يتعين على حكومات الدول الديمقراطية بذل المزيد من الجهد للحصول على توافق في الآراء من أكبر شريحة ممكنة من السكان رغم صعوبة ذلك في ظل “أننا نعاصر عالما من الاستقطاب المتزايد”.

أعده للعربية: محمد فرحان

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.