عفواً وزيرة منع الهجرة المحترمة!

: 1/31/23, 6:06 PM
Updated: 1/31/23, 6:06 PM
عفواً وزيرة منع الهجرة المحترمة!

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – مقال رأي: لا شك أننا لاحظنا مدى التغيير الكبير الذي طرأ على القوانين السويدية فيما يخص مسالة الهجرة خلال الأعوام القليلة الماضية، وهذا عائد إلى التغيرات السياسية في تركيبة الأحزاب الحاكمة والمعارضة في السويد، والذي يعكس بدوره التغير الكبير الذي حدث في مزاج المجتمع السويدي من موضوع الهجرة واللاجئين.

هذا التغيير لم يحدث بين ليلة وضحاها وإنما بدأ بالظهور شيئا فشيئا نتيجة لتقدم حزب ديمقراطيو السويد في انتخابات عام 2018 وتراجع معظم الأحزاب التقليدية ولاسيما المحافظون والاشتراكيون الديمقراطيون. وكانت النتيجة ولادة اتفاقية يناير 2019 والتي نتج عنها تخلي السويد عن كرمها في استقبال اللاجئين واتخاذ الإجراءات القانونية الكفيلة بتغيير سياسية الأبواب المفتوحة. منذ ذلك الحين ونشهد بشكل مستمر تقلص مساحة السخاء والدعم التي كانت تميز السويد في تعاملها مع اللاجئين وقضايا الهجرة عموما سواء على الصعيد الوطني او الأوروبي او حتى الدولي. فلا يخفى على أحد ان السويد ومنذ عقود طويلة كانت دولة جاذبة للاجئين من مختلف انحاء العالم والتي تعددت أسباب لجؤهم، ولكن توحدت وجهتهم.

إن حجم التبدل في النموذج السويدي للهجرة وصل أقصاه في اتفاقية تيدو عام 2022 والتي تشكلت بموجبه الحكومة السويدية الحالية بدعم من ديمقراطيو السويد.

إن الحجم الكبير لكتلة ديمقراطيو السويد في البرلمان السويدي ووجودهم خارج الحكومة رسميا، منحهم وضعا سياسيا فريدا جدا. حيث يتبدل دورهم من الموافقة على القضايا التي لا تقع على سلم اولوياتهم الى دعمهم للقرارات في القضايا المفيدة لأجندتهم الحزبية، والى عملية اتخاذ القرار فعليا في القضايا المهمة جدا لهم ولاسيما قضية الهجرة واللاجئين، أي أن هاتين القضيتين محكومتان في ظل هذه الكابينة الحكومية الحالية من قبل حزب ديمقراطيو السويد بشكل مباشر، لذلك نسمع كل فترة عن تحقيقات تجريها الحكومة ومشاريع لقوانين يجري الاعداد لها لا تنال فقط من اللاجئين وإنما آثارها السلبية تمتد لتشمل مؤسسات الدولة والمجتمع أيضا، وربما كمثال بسيط على ذلك ما تحاول الحكومة إقراره بالحد من حقوق اللاجئين بالحصول على مترجم بتمويل من المال العام، ولنا أن نتخيل ما قد ينجم عن مثل هكذا قانون في حال تم سنه من كوارث على كل من الافراد والمؤسسات الحكومية ولاسيما في فيما يخص سلطات انفاذ القانون والمحاكم والمشافي وغيرها.

إذا كنا ندرك أن قضية الهجرة في السويد تحكم من قبل حزب معادي للهجرة فبكل تأكيد سوف نفقد دهشتنا لما تقدم او تحاول ان تقدم عليه الحكومة السويدية من باب “عرف السبب..”. ولكن ومع كل هذه الحيثيات فان اعلان وزيرة الهجرة السويدية ماريا مالمر ستينرغارد (حزب محافظين)، ان الحكومة سوف تقوم بحملة اعلامية دولية للحد من الهجرة الى السويد يفوق توقعات أكثر المتشائمين. ولكن ماذا يعني حملة دولية تقوم بها الحكومة السويدية للحد من الهجرة؟ لنا ان نتخيل عدة سيناريوهات ومسارات لمثل هذه الحملة، ولكن سوف يكون الهدف دائما هو افقاد السويد لجاذبيته كبلد مضياف للاجئين، او ربما اكساب السويد لسمعة كبلد مجحف بحق للاجئين والأجانب المقيمين فيه وذلك بجعل المقيمين في السويد عبرة وعظة لغيرهم، وهكذا حتى لا يفكر أحدا في القدوم الى السويد حتى ولو كان يعيش تحت أصعب الظروف، وهذا قد يكون الأخطر فيما يخص هذه الحملة.

بكل تأكيد سوف تستهدف الحكومة بهذه الحملة الإعلامية الدول المصدرة للمهاجرين، ولكن دعونا لا ننسى ان هناك حملة أخرى تدار منذ شهور طويلة ضد السويد وسمعة السويد في ذات الدول المصدرة للمهاجرين والتي كانت تركز على دوائر الخدمات الاجتماعية وقضايا ما تعرف بسحب الأطفال من ذويهم. بعيدا عن نظريات المؤامرة، ولكن قد يحق لنا السؤال عن الداعمين الحقيقين لتلك الحملة المؤذية للسويد والمؤسسات السويدية والمجتمع السويدي ككل. فجهات تقع في اقصى اليسار السياسي واقصى اليمين السياسي قد تلتقي على هدف واحد وهو النيل من سمعة السويد. ولربما بتعبير أدق النيل من الوسطية والاعتدال وزيادة الاستقطاب والعزلة داخل المجتمع السويدي.

أعتقد أننا حاليا نعيش في خضم عملية تحول تجري في السويد كما جرت سابقا وتجري حاليا في عدة دول أوروبية أخرى، وقد تكون هذه تحولات سياسية تفرضها تقلبات امزجة المجتمعات ومجرد ممارسة ديمقراطية للسلطة لمن هم في السلطة، ولكنا بكل تأكيد يهمنا ان يخرج المجتمع السويدي من هذه الفترة الانتقالية وقد وجد الإجابات على الكثير من التساؤلات وان يدرك بالفعل ان الصورة النمطية والاحكام المسبقة ليست هي الإجابة، فالأجانب ليسوا هم السبب السحري لكل المشاكل كما دأب كارهو الأجانب على الترويج بان المهاجرين واللاجئين هم سبب كل بلاء، وادى ذلك الى تغيرات سياسية كبيرة هنا وهناك.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.