السلبيون يختارون الأسهل لهم في مواجهة مشاكل الاندماج

: 1/13/23, 4:51 PM
Updated: 1/13/23, 4:51 PM

إلى ماذا تمهد الصحافة السويدية هذه الأيام؟

تتناول الصحف السويدية بشكل لافت في هذه الفترة الموضوع الذي بات معروفاً باسم “حملة التضليل ضد السوسيال”. التناول المكثف والمستمر ومن عدة زوايا لهذا الموضوع في الصحافة السويدية، لا بد أن يضعنا أمام تساؤلات حول الهدف والخطوة التالية، فهل كل ذلك مقدمة لخطوات ما قادمة، هل هذا جزء من تغييرات قانونية قد تشهدها السويد قريباً. نعم يمكن أن يتغير القانون السويدي فيما يتعلق بحملة التضليل، ولكن ليس كما يريد أقطاب هذه الحملة، وبعضهم إما ساذج أو مغرض. التغيير للأسف قد يكون تشديدات جديدة خاصة على حرية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وربما تشديدات أخرى تطال فئات من السكان بحجج أصبحت الآن ناضجة.
دعونا نراجع بعض عناوين مقالات الصحف السويدية في الفترة الأخيرة حول موضوع “الحملة” لنقترب من فهم كيف يُعبأ المواطن السويدي العادي:

الأطفال هم الأكثر تضرراً من حملة الشائعات الكاذبة ضد السوسيال

هدف أصحاب الحملة خلق الانقسام وجعل المسلمين يفكرون من منظور “نحن” و “هم”

من نتائج الحملة ضد “السوسيال”.. عائلات تغادر وموظفون تحت التهديد

صحيفة: موظفون في المدارس والصحة ينشرون المعلومات المضللة

مسؤول: حملة التضليل المتعلقة بالسوسيال هي الأكبر من نوعها ضد السويد

الحملات التضليلية ضد السويد بلغت ذروتها

“أعدموا خاطفي الأطفال” رسائل تهديد لموظفي بلدية سويدية

الرسائل مرتبطة بحملة التضليل ضد السوسيال

تقرير: عدد كبير من الموظفين يتركون عملهم في السوسيال بسبب الضغط

إذاً هذه بعض عناوين مما كتبته الصحف منذ فترة شهر أو أكثر بقليل.
بالنسبة للمواطن السويدي العادي، عندما يقرأ ويتابع مثل هذه المقالات لا بد أنه سيشعر بالخوف وأن الحملة أصبحت تستهدفه هو كمواطن سويدي وتستهدف أمنه المجتمعي، هذا على الأقل ما تعبئ الصحافة السويدية المجتمع به الآن. 
أحد المقالات التي نشرها الإعلام السويدي مؤخراً، كما قلنا كانت بعنوان “موظفون في المدارس والصحة ينشرون المعلومات المضللة” 
الخطورة ليست فقط بوصول حملة التضليل إلى قطاعات مجتمعية مهمة مثل المدارس والصحة، لا الخطورة الأكبر هي من الموظفين الذين تقصدهم الصحيفة؟ المقصود بالموظفين هنا حتما ليس إريك أو يوهنا أو كايسا بل ربما يكون المقصود أحمد وزينب وإيلي، نعم قد يكون المقصود أفراد قليلون جداً جداً ممن يتابعون ويتأثرون بمسلسلات حملة الكراهية والتضليل ضد السويد خاصة على التيكتوك، لكن هنا للأسف دائماً يحصل التعميم، ما يشكل صور نمطية عن الأجانب، ويمكن أن يتبعه اجراءات عقاب جماعية، كما يحاول حزب الـ SD الآن فرضه من خلال إلغاء الاقامات الدائمة وتصعيب الجنسية وإلغاء تدريس اللغة الأم وربما أكثر من ذلك.
الأفراد المتأثرون بالحملة وربما والمنخرطون فيها، هم موجودون بيننا، حجتهم وسلاحهم السؤال الكبير: كيف تنزعون طفلاً من حضن أهله؟ نعم انتزاع أي طفل من أهله هو إجراء قاس وقاس جداً لكنه أيضاً إجراء قانوني يمكن وقفه أو تغييره، إضافة إلى أن السوسيال يساعد الأهالي والأطفال عند الانفصال، هناك آباء حكم السوسيال لصالحهم كما حكم لأمهات، فليس من المعقول أن نهاجم مؤسسة وننشر العداء والتحريض ضدها لأنها تنفذ إجراءات قانونية مع أنها قاسية أيضاً كما قلنا. ولكن يوجد ولكن جديدة فكما اتضح إلى الآن الحملة، أو جزء كبير منها، تستغل تنفيذ هذه القرارات بصورة انتهازية وآخر همها مساعدة العوائل، همها الشهرة وربما أن تكون جزءاً من شيء أكبر منها وهي إما تدري أو لا تدري.

من أسهل الطرق للتوقف عن مواجهة أي مشكلة والتغلب عليها أو محاولة حلها، هو رمي الآخرين بالاتهامات وتحميل ذنب الفشل وأسبابه للغير، نفس الشيء عندما يتخلى البعض عن طموحهم، مقابل استسهال الاستسلام لواقع مُحبِط، رسموه هم في مخيلتهم. وذلك على منوال المثل القديم: يلي ما يعرف يرقص يقول الحصيرة مايلة.
أقطاب حملة التشهير ومن يستمعون لهم ويتأثرون بهم أشخاص سلبيون لا يريدون سلوك الطريق الصحيحة لأنها صعبة عليهم، لا يريدون العمل لمساعدة أنفسهم بالتكيف مع المجتمع الجديد ومعرفة قوانينه والتعرف على مزاجه وعقليته، لا يكتفون عادة بتحميل ذنب فشلهم للحصيرة لأنها مائلة باعتقادهم، وتخريب حياتهم الخاصة، بل يحاولون نشر السلبية في محيطهم، والخطورة الآن وجودهم الدائم لنشر سموم السلبية والتنمر على الآخرين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وكأنهم وجدوا عملاً سهلاً وممتعاً وربما يدر عليهم الشهرة والمال ويسعون لنقل عدوى السلبية للآخرين.
الموظفون الذين تقصدهم الصحيفة السويدية هم متأثرون بهؤلاء السلبيين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
نعم أن تستطيع الاندماج في دولة ومجتمع مثل السويد أمر ليس سهلاً، وعملية اندماج أي شخص مع الحفاظ على هويته الخاصة هي قصة نجاح أو فشل، ليس من المهم أن نصبح من أصحاب الشركات أو أن نحصل على وظائف مرموقة حتى نكون ناجحين، هنا أي شخص استطاع أن يتكيف مع بيئة الحياة الجديدة ويستطيع أن يعيل نفسه بالحد الأدنى هو إنسان ناجح، خاصة إذا لم يفقد الطموح للأفضل. أي عائلة استطاعت أن تربي أطفالها وتضعهم على طريق المستقبل هي عائلة أكثر من ناجحة، انظروا إلى صور وأسماء الخرجين من الجامعات في كل عام بالفترة الأخيرة، تعرفون أن الغالبية العظمى من عوائل الأجانب والناطقين بالعربية هم أكثر من رائعين فعلاً.
هناك وظائف وأعمال تعتبر في بلادنا معيبة بالنسبة للبعض، لكن هنا أصحابها يعيشون أفضل من أي أصحاب شهادات أو مراكز وظيفية، وهذا من المؤكد نلمسه ونشاهده بشكل دائم.
إذاً الاندماج يحتاج إلى بذل جهد وتضحية وأن يكون الشخص هنا قادراً على التكيّف، أحد علماء الأحياء يقول: البقاء هو ليس للأقوى ولا حتى للأذكى، البقاء دائماً لمن لديه القدرة على التكيف في البيئات والمجتمعات والظروف الجديدة. 
التكيف لا يعني أن نتخلى عن هويتنا الثقافية والدينية ولا أن نقلّد السويديين، لا هذا ليس مطلوباً هنا من أحد، على العكس عندما تقلد وتتشبه بالسويدي وتتخلى عن هويتك الخاصة ستفقد مباشرة احترام السويدي لك قبل أن تفقد احترام ابن بلدك.

بالعودة إلى موضوع حملة التضليل، نود فقط أن نشارككم جزءاً مما يدور حالياً في الصحافة والمجتمع السويدي، لأن من يصر على نكران وجود حملة تضليل ويعتبر أن هذه الحملة صادقة ويمكن أن تكسر رأس السويديين وينصاعوا لمطالبها، كأنه لا يريد أن يرى ويسمع الحقيقة، خصوصاً أن خطر هذه الحملة بدأ يصيب كل فرد منا كأجانب ومسلمين وعرب.

الدولة كما يبدو خاصة مع وجود حكومة يمينية تديرها ومع وجود حزب يميني متطرف يمسك بزمامها، لا يمكن أن تبقى واقفة تتفرج على المشهد طويلاً، لا بد أن تستغل ما يقوم به بعض المهرجين والحاقدين لكي تضيق أكثر على كل الأجانب خصوصاً على المسلمين منهم. 
قلنا وحذرنا منذ بداية انطلاق هذه الحملة أن اسلوبها الهجومي والتحريضي وإشهار عدائها للدولة والمؤسسات والصحافة، لا يبشر بنجاحها، خصوصاً أن هناك متطرفين خارج السويد ركبوا الموجة وزادوا الطين بلة.
جميل جداً أن نستخدم وسائل التواصل لعمل مجموعات تتحدث عن موضوع السوسيال والأطفال، ومن المفيد جداً تنظيم نشاطات يفهمها المجتمع السويدي وتستقطب استعطاف الناس والرأي العام، ومن الضروري جداً أن نتعلم من قصص مشابهة أثرت بالصحافة والرأي العام وساهمت بتعديل القوانين، مثل تناول قضية بالفعل حصل فيها ظلم أو تعد أو فساد أو عنصرية، والتركيز فقط عليها طوال الوقت ونشرها بالصحافة وإيصالها للمنظمات الحقوقية، وقتها يمكن أن تكون مثل هذه الحملات نموذج على رقي القائمين عليها ومن الممكن جداً أن تأتي بنتائج إيجابية على كل العوائل الذين يشعرون بالظلم، 
ولكن.. هذا الطريق صعب ويحتاج إلى تعاون وتنسيق وجهود، الطريق الأسهل أن أفتح تيكتوك وأبدأ حفلة سب وشتم ضد الدولة ومؤسساتها واستعرض عضلاتي السوقية وأتنمر على كل من يريد أن يبدي رأياً مخالفاً ولا يصفق لي ولا يدعم شهرتي…هذا هو لسان حال قادة وأقطاب هذه الحملة الغبية، حملة التضليل والكراهية، لأنه كما قلنا الإنسان السلبي يريد أن يعلق كل مشاكله وأخطاءه على الآخرين.
نحن كإعلام واجبنا دعم أي مبادرة صادقة ومنظمة يمكن أن تزيد من وعي العائلات بالتصرف مع السوسيال أو تقف مع العائلات على أمل استرجاع اطفالهم، والأمل دائما موجود. وسنقف بالمرصاد ضد أي تضليل ونسعى لنشر الحقيقة ونتصدى لأي مصدر للكراهية أو للعنصرية، سواء من هذا الطرف أوذاك.
للحديث بقية، ولكن إلى اللقاء

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.