صدم مقطع الفيديو السوريين وغيرهم. أم تتلقى شتائم طائفية فوق جثتي ولديها. لم يُترك لها وقت لتبكي أو تودع أحبابها كما يجب. عاجلها المتحدثون بما هو أشد من الرصاص ربما. ما أكثر الأمهات الثكالى في سوريا طيلة 14 عاماً! لكل منهن قصة تُروى، والسعيدة من تمكنت من دفن ابنها، آلاف لم يفعلن ذلك وما زلن يتمسكن بأمل مفقود.

أحداث الساحل السوري نهاية الأسبوع الماضي خلّفت أمهات ثكلى أيضاً. في مدن الساحل التي قتل فيها مدنيون، وفي مدن أخرى رجعت إليها جثامين أفراد الأمن العام الذين قتلوا في كمائن.

على وسائل التواصل ينقسم السوريون مجدداً، يتبادلون الأدوار ربما. بعض من كان يطالب العالم بالأمس بالحماية من جرائم النظام السابق يحاول اليوم إيجاد مبررات لقتل المدنيين، وبعض من كان يبرر المقتلة السابقة يطالب اليوم بالحماية. بين السجالات والمناكدات يضيع أحياناً التعاطف الإنساني مع أمٍّ سورية فقدت ابناً هنا وأمٍّ أخرى فقدت ابناً هناك.

على وسائل التواصل يزيد الشحن الطائفي ويدخل على الخط عربٌ مقيمون في أوروبا ينفخون في النار ويزيدون الحطب اشتعالاً فتتسع الدائرة لتشمل إلى جانب سوريا العراقَ ولبنان.

الاحتقان الطائفي لا يخدم سوى من يريد بهذه الشعوب شراً. حقيقة يعرفها الجميع ربما ويتجاهلها كثيرون في مماحكاتهم اليومية.

من قتل ابني هذه الأم وحفيدها؟ ولماذا؟ ومن يعوض مئات آلاف الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن طيلة السنوات العصيبة؟ أسئلة سيكون على الإدارة السورية الجديدة التعامل معها وهي التي شكلت لجنة تحقيق في أحداث الساحل. وبموازاة ذلك من المهم أيضاً ألا يفقد السوريون، في الداخل والخارج، التعاطف الإنساني مع المدنيين أياً يكن انتماءهم الديني أو السياسي. وأن يتذكروا أن سوريا موحدة هي لمصلحة السوريين جميعاً .