الكومبس – العمل: اسمي بركات الضمّاد، أعيش في السويد مع زوجتي وأطفالي منذ حوالي ثلاث سنوات في مدينة ليدشوبينغ (Lidköping). سوري الجنسية، تخرجت من قسم المكتبات والمعلومات من سوريا في عام 2008 وبعدها انتقلت للعيش في الخليج آملاً العمل في تخصصي الذي تخرجت منه.

ولكن كما يقال تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. لم أقدر في ذلك الوقت الحصول على عمل بتخصصي هذا كون هذا التخصص يعتبر لمواطني البلد الذي كنت أعيش فيه فقط، فاضطررت للعمل في مجال عمل آخر. عملت هناك حوالي خمس سنوات منذ عام 2009 ولغاية العام 2013 .

في ذلك الحين اندلعت الحرب في سوريا مما اضطرني للتفكير بالبحث عن مستقبل أفضل لعائلتي. قدمت الى السويد آملاً بمستقبل أفضل لأن تخصصي هو المكتبات والمعلومات حيث يحظى هذا الاختصاص باهتمام كبير هنا.

لم تكن البداية سهلة!

لم تكن البدايات سهلة على الإطلاق خاصة أن التحديات المتواجدة في المجتمع الجديد ليست بالتحديات السهلة ألا وهي اختلاف الثقافة واللغة والتركيبة بالشكل العام.

في بداية عام 2014 بدأت بدراسة اللغة السويدية وبالوقت ذاته عملت جاهداً الحصول على تدريب في مجال تخصصي في إحدى المكتبات العامة في المدينة التي أقطن بها. عندئذ كان باستطاعتي التحدث باللغة الإنجليزية. الجميع يتحدث الإنجليزية هنا ولكن هذا الأمر لا يعتبر بالأمر السهل عندما تريد إجراء مقابلة مع رب العمل.

عملت جاهداً على طرق جميع الأبواب وفي نهاية المطاف حصلت على عقد تدريب في إحدى المكتبات وكان هذا بالتوازي مع دراستي للغة السويدية.

إنهاء دراسة اللغة السويدية

انهيت دراسة مرحلة الـ SFI في غضون 6 أشهر حتى يتسنى لي متابعة المستويات الأخرى من اللغة. في ذلك الحين حصلت على عمل في المكتبة المتواجدة هنا في المدينة ولكن لم يكن بالعمل الثابت. ومع هذا كان ذلك مفتاح للدخول إلى عالم المكتبات المليء بالتحديات والذي أتاح لي إقامة شبكة من العلاقات من الموظفين مع المكتبات الأخرى.

عملت هناك لمدة سنة تقريباً بشكل متقطع بالتوازي مع الدراسة حتى استطعت إنهاء جميع المراحل المطلوبة في اللغة السويدية.

كأخصائي في علم المكتبات والمعلومات هنا في السويد ليس بالأمر السهل الحصول على عمل بسبب أن الوظائف الشاغرة في هذا المجال قليلة جداً. ولكني لم أقف مكتوف الأيدي واستمريت بالمحاولة حتى حصلت على ثلاث عروض بنفس الوقت في عدة مناطق مختلفة في السويد.

قلة ضئيلة من الأجانب تعمل بالمكتبات

الاندماج بالمجتمع يأتي من خلال التدريب وتعلم اللغة والإصرار على تحقيق شيء ما. جميع العاملين إذا لم نقل النسبة الكبرى التي تعمل في هذا المجال هي من السويديين وخاصة أن المكتبات منظمة من المنظمات الثقافية في البلد.

واجهت الكثير من التحديات وخاصة من قبل القلة القليلة التي لم تتقبلني في مكان معين وخاصة في المكتبة. ولكني مضيت قدماً مصراً على إظهار الصورة الحسنة والجيدة عن ثقافة مجتمعنا وبأن هناك الكثير من الحاصلين على الشهادات الذين يريدون ان يكونوا جزءاً من هذا المجتمع المتعدد الثقافات.

الآن وبعد السنتين ونصف أعمل بوظيفة ثابتة في مكتبة مدينة سكارا تخصص (أخصائي مكتبات) بمهام وظيفية معينة، وهي تطوير القسم الخاص بالروايات بلغات أخرى، قسم الميديا، ومن جانب آخر قسم الاندماج التابع للمكتبة مما يعني إقامة نشاطات للقادمين الجدد في المكتبة، من ضمن هذه النشاطات التي قمت بالبدء بها هي مشروع مقهى اللغة السويدية Fika på svenska.

من هنا يأتي الإبداع

من جانب ثقافي آخر، عند استقرار الإنسان في مكان معين يبدأ بالاندماج في المجتمع الجديد عندها يبدأ بالبحث عن الأشياء الجميلة التي يبدع بها ويرغب بإظهارها والتعريف بها إذا صح القول.

كوني عازف على آلة العود أحببت أن أبدأ من جديد بعد انقطاع دام قرابة الثلاث سنوات، بدأت بالبحث عن أشخاص لديهم نفس الاهتمامات الموسيقية ويرغبون بالبدء بتلك التجربة ألا وهي العمل على إنشاء فرقة موسيقية تعنى بالموسيقى الشرقية.

وها نحن الآن قمنا بتشكيل تلك الفرقة (فرقة أوغاريت) التي تتكون من أربعة عازفين وهي بداية جيدة لضم أعضاء جدد في المستقبل القريب.