الكومبس – أوروبية: ألهبت صورة شرطي يخرج من البحر محتضنا فتاة صغيرة بمعطف رمادي، مواقع التواصل الإيطالية. الشرطي كان في موقع غرق قارب يحمل 76 مهاجرا قبالة سواحل جنوب إيطاليا، والفتاة ذات الأعوام الثمانية كانت سورية الجنسية، وكانت تمسك بالشرطي المنقذ خوفا من الرياح والأمواج وظلمة البحر.
والشرطي هو لويجي كروبي، عمره 42 عاما قضى منها 18 في الخدمة. حوالي الساعة التاسعة من مساء 3 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، تلقى الشرطي مكالمة من سيدة حول غرق قارب على بعد نحو 100 متر من ساحل مدينة كروتوني (كالابريا) جنوب إيطاليا.
توجه الشرطي إلى الموقع الذي تحدثت عنه السيدة ليجد قاربا يحمل أشخاص على وشك الغرق. يقول كروبي لصحيفة كوريير ديلا سيرا المحلية “كانت الرياح شديدة والأمواج عالية، كان من المستحيل التوجه إلى موقع القارب بزورق إنقاذ، لذا قررنا أن نشكل سلسلة بشرية في الماء للوصول إلى القارب”.
وكان لويجي الأطول من بين الحاضرين، لذا تقرر أن يكون الأول ضمن خط السلسلة البشرية. ما إن وصل حتى وجد أكثر من 70 شخصا، بينهم الكثير من الأطفال، وجميعهم يبكون. لم يكن أمام الشرطي المخضرم الكثير من الوقت ليحصي من موجود على متن القارب، “تفاجأت برجل أعطاني فتاة صغيرة مرعوبة، كاد أن يلقي بها بين ذراعي. مسكت بها وهي تمسكت بياقة قميصي بشدة. كنت أقول لها بالإنكليزية لا تقلقي وأنا أسبح باتجاه الشاطئ”.
وكانت الظروف المناخية تلك الليلة صعبة للغاية. ظلام دامس وتيارات بحرية قوية. يصف الشرطي خوفه أثناء توجهه إلى الشاطئ من أن يجرفه التيار ويفقد الفتاة من بين ذراعيه، “ظلت تقول لي شكرا. فكرت بابنتي التي تبلغ نفس العمر تقريبا، ثماني سنوات. عندما أحملها يكون ذلك من أجل اللعب والاستمتاع، وهي تضحك أثناء ذلك”.
ويضيف “كان الأمر مؤثرا للغاية، فعندما ترى هؤلاء الأطفال تدرك أنهم خاضوا رحلة مروعة وأن حياتهم الآن باتت بين يديك. أعلم أنني لن أنسى وجوههم ما حييت”.
لحظة وصول لويجي إلى الشاطئ، التقط مصور الشرطي محتضنا طفلة صغيرة بين يديه، يودعها لدى فريق من الصليب الأحمر قبل أن يعود ويختفي في ظلمة الليل والبحر عائدا إلى القارب لينقذ أشخاصا آخرين. تشهد منطقة كالابريا بانتظام وصول قوارب المهاجرين إلى سواحلها، وينطلق غالبيتها من الساحل التركي أو اليوناني. في عام 2020، وصل أكثر من 2500 شخص إلى المنطقة على متن قوارب