الكومبس – تجارب: محمد اكرم جابي من مدينة حلب القديمة، وُلد في العام 1995، وانهى دراسة البكالوريا فيها، والتحق بكلية الطب البشري في جامعة حلب، لمدة عامين، لكنه توقف عن الدراسة بسبب ظروف الحرب والاقتتال التي عاشتها المدينة، وسيطرة عدة أطراف عليها في وقت واحد.

تعرض للاعتقال عدة مرات من قبل مسلحي تنظيمي القاعدة وداعش، ومنعوه من الالتحاق بجامعته.

أصيب في الحرب بجروح عندما كان يساعد والده في مصنعه بحلب، وتعرضت عائلته الى مضايقات وابتزاز وسرقات، كما قتلت الجماعات المسلحة زوج شقيقته في المدينة، وتعرض هو نفسه الى الاختطاف قبل هجرته.

بعد ذلك قرر والده الهجرة من سوريا، رغم أنه كان من أشد الذين يريدون البقاء في الوطن.

ترك حلب مع عائلته في العام 2015، وعاش تجربة قاسية في قوارب الموت قبل الوصول الى اليونان، ومن ثم الى النرويج، مرورا بعدة دول أوروبية.

البدايات الأولى في النرويج

بعد وصوله الى النرويج، أضطر مع عائلته الانتظار سنة ونصف السنة قبل الحصول على الإقامة في البلاد، وفي هذه الأثناء تعرف على العديد من النرويجيين وأصبحوا أصدقاء، ونسج علاقات عديدة مع العائلات النرويجية وبدأ التحدث باللغة النرويجية قليلا، وأصبح ينخرط في المجتمع بشكل تدريجي.

في هذا الوقت كان يتابع بشكل مكثف الأخبار من على شاشة التلفزيون النرويجي، ويسمع ويشاهد الأفلام الأمريكية المدبلجة والمترجمة الى النرويجية، وبدأ بتقديم يد العون للاجئين الجدد القادمين الى النرويج.

بعد ذلك دخل الثانوية، وانتقل الى بلدية هالدن النرويجية الحدودية مع السويد.

في مدينة هالدن، وخلال شهرين، أجرى المدرسة له امتحان للغة، فاجتازه بنجاح، فتم عبوره الى الثانوية، وسجل سنة واحدة بالثانوية، ونجح فيها أيضا، لكن حلمه كان دخول كلية الطب البشري.

دخل قبل ذلك كلية الصيدلة، ودرس فيها سنة كاملة، وفي الربيع تقدم على المفاضلة للحصول على مقعد دراسي في كلية الطب، بعد أن درس مادة الكيمياء 2 ونجح فيها، وحصل على مقعد دراسي في الكلية ليواصل مسيرة تحقيق حلمه.

يقول لـ “الكومبس”: في أزمة كورونا أرسلت رسالة بريد إلكتروني لرئاسة البلدية ولمكتب العمل وللمشفى وللمستوصف بأنني اريد ان اساعد النرويج كما ساعدتني عند وصولي اليها وقد ردوا علي انهم فخورين بي جدا لكن حاليا لا يلزمهم احد لأنه لا يوجد اصابات بالكورونا في المدينة، وكنت في المنزل في هذه الفترة وكنت ادرس اون لاين ورجعت ارسلت الى ثلاثة مشافي اني اريد التطوع وفعلا اتصلوا بي من مشفى اوسلو الجامعي وعملت مقابله على الهاتف وساعدتهم مدة قصيرة وبعدها فتحت وزارة الصحة النرويجية باب التطوع الى الاطباء والممرضين لكي يذهبوا الى ايطاليا للمساعدة لان ايطاليا لديها ازمة كبيرة، وسجلت وذهبت مع 13طبيبا وممرضا من النرويج والتحقنا بالطاقم الطبي في مشفى نابولي وساعدناهم وبقي البعض وانا عدت للنرويج بسبب امتحاناتي في الصيدلة واكملتها بمعدل عالي ودخلت كلية الطب البشري في أوسلو.

الحكومة النرويجية تشكره

وقد اتصل بي مكتب الحكومة لتقديم التهنئة لي ومباركتي بالنجاح، وقالوا لي انهم فخورين بي من وزارة الخارجية والصحة النرويجية لان وزارة الصحة الايطالية تقدمت ببرقية شكر وتقدير لي الى الحكومة النرويجية التي أقيم في اراضيها ولأني ساهمت معهم في محنتهم واتصل بي العديد من الجهات الحكومية والقنوات التلفزيونية لأني حصلت على مجموع اعلى من المجموع المطلوب في النرويج.

ولذلك دخلت كلية الطب البشري وايضا كنت الاول في دفعتي في السنة الاولى بكلية الصيدلة ولكن تركتها وسألتحق بكلية الطب في جامعة أوسلو لكي أكمل حلمي وأصبح طبيبا اساعد المحتاجين خصوصا في الازمات لان مهنة الطب هي مهنة انسانية اولا واحلم ان أكمل تعليمي في النرويج وبعدها اتخصص بجراحة القلب والاوعية الدموية لان في اغلب دول العالم يحتاجون طبيب جراحة بهذا الاختصاص ولكي أساهم في منظمة اطباء بلا حدود ومساعدة بلدي سوريا وكل بلد يحتاج اهله المساعدة.

عندما بدأت اول شهر في الثانوية أساتذتي في المدرسة قالوا لي أني لن ادخل كلية الطب في النرويج لان طلابنا النرويجيين اغلبهم يذهب للخارج لأنه صعب جدا ويتطلب جهد وعمل وانا لم اتقاعس ابدا عن تحقيق حلمي ولم أرد على أحد رغم ظروفي الصعبة.

ورغم محاولة البعض من السلبيين في مدينتي وغيرها من اعاقة طريقي لم انظر إليهم واكملت للنهاية واهم شيء هو اختيار الاصدقاء الصالحين والابتعاد عن السلبيين ورفاق السوء.

كلمة أخيرة

الفضل في نجاحي أولاً وأخيراً يعود الى الله، والى والدي ووالدتي، لوقوفهما معي وتشجيعهما لي.

اتمنى من الجميع الاستفادة من اللجوء في أوروبا والتعلم واخذ الشهادات لأنها التي تنفعنا وتنفع بلادنا.

التعليم ثم التعليم ثم التعليم أفضل واقوى سلاح لمواجهة كل شيء والتحديات.

قسم التحقيقات