لا نعلم كيف كانت تفكر السويد عندما كانت تمنح حق اللجوء والحماية للقادمين إليها خاصة بين أعوام 2013 و2016 هل كانت يا ترى تعتقد بأن هؤلاء مجرد مجموعات بشرية تريد أن تأكل وتشرب وتحصل على سكن دافئ؟ أم أن الحكومات السويدية اليمينية منها واليسارية كانت تعتقد بأن اللاجئين هبطوا عليها من كوكب آخر، فهم منزهون عن الخطأ ومعصومون عن الوقوع في مشاكل اجتماعية؟

ما نراه الآن من اقتراحات وقرارات حكومية متلاحقة تخص الهجرة واللجوء والاندماج، فعل سياسي يشبه إلى حد كبير الانتقام من خطأ تبين أنهم ارتكبوه ويريدون تصحيحه، بكل الوسائل والطرق، حتى على حساب قيم السويد وسمعتها الإنسانية والديمقراطية.
آخر صرعات هذا الانتقام السياسي، هو مسألة “حسن السلوك” المطلوب من اللاجئ والمهاجر إظهاره حتى يستطيع الاحتفاظ بإقامته.
إعادة فرض شرط “حسن السلوك” كمعيار لمنح أو سحب تصاريح الإقامة، بعد توقيف هذا الشرط بسبب صعوبات تطبيقه وبسبب معارضة عدد من المنظمات الحقوقية له، يثبت إصرار هذه الحكومة على إرضاء حزب الـSD ، الذي كان ولفترة طويلة منبوذاً من السويديين العاديين بسبب طروحاته المناهضة للهجرة إلى حد العنصرية.
خطورة اقتراح حسن السلوك أنه يفتح الباب أمام تفسيرات فضفاضة قد تستخدم أداةً سياسية لتعزيز سياسات حزب الـSD والتيارات اليمينية المتشددة تجاه المهاجرين.
ولكن الأخطر من كل ذلك أن هذا الاقتراح وفي حال أصبح قراراً نافذاً سيعمق مفهوم التمييز بين الناس في المجتمع، اللاجئ سيبقى يشعر بأنه مراقب ومستهدف والسويدي سيرى أن حسن السلوك يخص اللاجئين، فهو ليس بحاجة لهذه الشهادة.
ما يغيب عن بال المشرعين والسياسيين الذي يقفون وراء مثل هذه القرارات أن اللاجئ أو المهاجر هو بشر مثلهم، وأن الحالة العامة هو أن يكون “حُسن السلوك” مطلوباً من الجميع، لم يأتي أحد إلى هنا ليحتال أو يمارس الإجرام أو يناقض قيم المجتمع، هذه القاعدة، أما الاستثناء فهو أن البشر يخطؤون ويخالفون ويتعرضون لظروف لا يستطيعون فيها التصرف بحكمة، هؤلاء يجب أن يعاقبوا ضمن القوانين الموجودة، مثلهم مثل أي سويدي آخر، أما أن يعاقبهم المجتمع بالطرد والتشريد وسحب الإقامة، فهذا ليس فيه أي شيء من الحكمة، هذا إذا كنا لا نزال نعوّل على تلاقي الحكمة مع النزعات العنصرية.
بقي أن نقول أنه وفي حال لم تجد هذه القرارات من يعارضها ويقف ضدها فسنشهد مزيداً من التمادي في الغباء مع غياب الحكمة .