الكومبس – خاص: قدم معرض الكتاب العربي في مالمو نهاية الأسبوع الماضي نموذجاً مختلفاً لمعارض الكتاب التي تجمع عادة بين الناشرين والقراء في إطار كلاسيكي تجاري. المعرض الذي نظمته الجمعية الثقافية العراقية في مالمو يومي الجمعة والسبت الماضيين (17 و18 مايو) استقطب قراء ومهتمين وعائلات عربية في محاولة لاستعادة شغف القراءة بالعربية. فيما حضر أدباء وكتاب ليتحدثوا عن كتبهم مع الزوار والقراء في أجواء ثقافية بعيدة عن الأسلوب النمطي.
وحضرت في المعرض الرواية والقصة والشعر والنثر وترجمات من الأدب العالمي لأحدث الإصدارات والمؤلفات العربية وقصص الأطفال.
رئيس الجمعية الثقافية العراقية في مالمو عصام ميزر قال للكومبس “إن المعرض ليس الأول من نوعه الذي تنظمه الجمعية لكنه الأوسع ونطمح أن يكون أكبر في المستقبل. وإيماناً من الجمعية بأهمية الكتاب والقراءة ومتابعة المبدعين تم الاتفاق مع أهم دور نشر موجودة للكتاب العربي في المدينة وهي: دار سامح، دار ميزر، ودار لاماسو للنشر. حيث عرضت كتباً متنوعة من نِتاجات أدبية مختلفة لأهم الكتب العربية والعالمية والسويدية المترجمة الى اللغة العربية”.
و عن حجم الإقبال قال ميزر إن “الحضور في اليوم الأول كان كبيراً وشاهدنا زواراً للمرة الأولى. وفي اليوم الثاني كان الحضور جيداً وأستطيع أن أقول إنه نوعي، والشيء الذي أفرحني هو حضور الشباب وهذا يجعلنا نشعر أن الدنيا مازالت بخير وأن للكتاب الورقي مكانة عند هذا الجيل رغم التطور التكنولوجي. ونتمنى أن يكون هناك حضور أكبر في النشاطات المقبلة”.
“نسبة قليلة من القراء بالعربية”
فيما قالت مديرة دار لاماسو للنشر منى العطار “أشعر بسعادة لوجودي هنا في هذا المعرض الذي يجمع كثير من عناوين الكتب”.
وعن عمل دور النشر في الموافقة على نشر كتاب قالت العطار “عندما يصلنا نص كتاب من أجل النشر أقرأ الكتاب كنص لمعرفة الحكاية أو القصة التي تكمن خلف الكتاب وأتبادل الأسئلة والمقترحات حول الكتاب مع المؤلف حتى نصل الى جودة عالية من حيث المادة الأدبية قبل أن يصبح كتاباً يتداوله القراء”.
وبخصوص حجم الإقبال على الكتب العربية، قالت العطار إن “نسبة القراء بين الجاليات العربية من محبي الكتب الورقية قليلة نوعاً مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا الشيء خلق فجوة كبيرة لهذا الجيل من أبناء الجاليات الموجود هنا في أوروبا لذلك قلّت نسبة الإقبال على اقتناء الكتب الورقية لكننا نراهن على قوة الكتاب الورقي فيبقى هو الأساس”.
“فوضى المعارض”
وقال سامح الخلف مدير دار سامح للنشر إن “المعرض مهم جداً لمن يهتم بالكتب العربية ومعرضنا هذا عبارة عن مساهمة في الحياة الثقافية في مالمو والسويد بشكل عام من خلال تقديم فرصة للقارئ العربي ليطلع على منشوراتنا لخلق جو ثقافي في المدينة”.
وتحدث الخلف عما أسماه “فوضى المعارض”، مشيراً أن “بعض باعة الكتب الجوالين ينظمون معارض كتب. وهذا الموضوع بحاجة إلى تنظيم وسنقوم بتنظيم هذه الأشياء قريباً عن طريق اتحاد مهني للناشرين العرب في السويد”.
بين الكتاب الورقي والإلكتروني
وقال مدير دار ميزر للنشر إبراهيم ميزر عن إن المشاركة في المعرض “جيدة وتتيح اللقاء المباشر بين القارئ والكاتب وهذا يجعل الأسئلة والحوارات والنقاشات تدور حول الكتب المعروضة بالإضافة إلى استقطاب القارئ العربي في مالمو لتعزيز ثقافة القراءة”.
الأديب والإعلامي سامي البدري جاء من فرنسا خصوصاً للمشاركة في المعرض. وقال للكومبس “إنها فرصة رائعة أن نلتقي في مالمو ونعرض إنتاجنا الأدبي لجمهور مالمو من القراء العرب.
وعن الكتب التي يشارك بها، قال البدري” أشارك من خلال عرض مجموعة من مؤلفاتي القديمة والجديدة وكل كتاب يحمل رسالة فكرية معينة مثلاً الرواية التي تتحدث عن لورنس العرب والتي أسميتها محطة قطار شرقية هي إحدى أحدث رواياتي وأعرضها هنا وتتحدث عن مرحلة تاريخية مهمة جداً”.
الأديبة العراقية الهام زكي قالت “أصبحنا أسرى للأجهزة الذكية وخصوصاً الهواتف المحمولة لكن الكتاب يبقى الأساس.ورغم ابتعاد البعض من أبناء هذا الجيل عن القراءة والكتابة الورقية فسيأتي يوم ويعرف العالم أن الورق وحده من يدوم”.
وعن المعرض قالت إنه “فرصة جيدة لنلتقي مع القراء والأدباء لنتبادل الأفكار والخبرات الأدبية وأنا هنا أعرض مجموعاتي الشعرية التي كتبتها بطابع يلامس المرأة وهذا واضح من خلال عناوين دواويني الشعرية”.
الأديب والكاتب العراقي كريم عباس حسن الذي جاء من الدنمارك لتوقيع كتابه “غابة همر باكر” وهو رواية تسلط الضوء على مراحل تاريخية في الدنمارك. وقال كريم للكومبس “إن انتشار الثقافة يكون من خلال وسائل وأهمها الكتاب، ومن خلال الكتاب نستطيع عمل مسلسل أو مسرحية أو فلم لأن الكتاب هو الأساس”.
وعن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي قال “اليوم لا يوجد شيء مخبئ في زمن وسائل التواصل الاجتماعي فنحن نحصل على كل الأخبار حول العالم من خلال هذه الوسائل، لكنها ذات حدين سلبي وإيجابي والمتلقي هو من يحدد ماذا يشاهد”. وبخصوص تأثير التكنولوجيا على الكتب الورقية قال إن “الكتاب الورقي موجود وسيبقى الى الأبد لكن التطور لابد منه خصوصاً أننا نعيش في عصر السرعة”.
الكاتب والأديب السوري منصور منصور الذي شارك في المعرض بتوقيع روايته” أحقاد رجل مرهوب الجانب” قال إن “المعرض جيد والكتاب الورقي لا يموت فهو باقٍ بينما نحتاج أيضاً إلى الكتاب الإلكتروني في هذا الزمن المتسارع، لأن الكتاب الالكتروني يعتبر حلاً لمن يريد قراء الكتاب من الأجهزة اللوحية أو الهواتف”.
الكاتب والأديب العراقي حاسب بستان الخميسي قال إن دور المعرض “إيجابي في تعزيز ثقافتنا العربية”.
وعن تأثير التطور الإلكتروني، قال الخميسي “التكنولوجيا نعمة ونقمة ورحمة لأن التكنولوجيا متعددة الأوجه، الوجه الإيجابي هو أن نستطيع زيارة العالم اليوم من خلال شاشة هواتفنا الصغيرة، والنقمة هي أن تسيطر علينا هذه الأجهزة بحيث أصبحنا لا نستطيع مفارقتها، والرحمة هي مد جسور بيننا وبين العالم من خلال سهولة التواصل مع الآخرين”.
وشارك في المعرض الإعلامي والمترجم مصطفى قاعود الذي وقّع كتابه المترجم “الغرفة الحمراء” للأديب السويدي أوغست ستريندبيري.
وشهد المعرض إقبالاً من المهتمين من سكان مالمو، حيث أعربت إحدى الزائرات عن سعادتها بوجودها في المعرض وقالت “نحن نفتقر لهذه المعارض وبحاجة الى مزيد منها لأننا بدأنا نفقد الكثير من الشغف من خلال ابتعادنا عن القراءة الورقية”.
شادي فرح
مالمو