الكومبس – اقتصاد: منذ بداية الثورة السورية في مارس 2011 كان سعر صرف الليرة السورية 47 ليرة مقابل الدولار الواحد، ومع تصاعد الأحداث انهارت بوتائر متسارعة، حتى وصل سعر صرفها إلى 24 ألف قبل يوم الثامن من ديسمبر الماضي، لتشهد بعد ذلك تحسنا ملحوظا في سعر صرفها، حيث وصل سعر الصرف إلى 8000 ليرة مقابل الدولار الواحد. فكيف انعكس هذا التحسن على حياة الناس ؟ وهل هو إشارة إيجابية تشير لنمو اقتصادي في بلد انهكته الحرب والعقوبات الاقتصادية ؟

يتحدث الباحثون في الاقتصاد أن فترة شهرين لا تكفي لإطلاق حكم على أن هذا التحسن سينعكس بشكل إيجابي على الوضع المعيشي للناس.
الخبير الاقتصادي الدكتور، علاء صالحاني عزى أسباب هذا التحسن في سعر الصرف للعامل النفسي نتيجة الانفتاح الحاصل وسياسات حبس السيولة في المصارف، حيث منعت بعض المصارف السحب نهائيًا، بينما سمحت أخرى بسحب محدود لا يتجاوز 500 ألف ليرة يوميًا، كسياسة احتجاز أموال التجار والصناعيين لدى منصة تمويل المستوردات، والتي تقدر بأكثر من مليار دولار بالليرة السورية، وفقا لما قاله صالحاني.
وحذر أن التحسن المفاجئ وغير المستدام يحمل مخاطر، منها:

1. الركود الاقتصادي: نقص السيولة يعطل الأنشطة التجارية والصناعية، مما يؤدي إلى تباطؤ في الأسواق وتسريح للموظفين واغلاق بعض المعامل ان استمر لفترات طويلة فبعض المنشآت التي تتمتع برأسمال عال وسيولة مرتفعة يمكنها تحمل الركود فترات طويلة وأخرى قد لا تستطيع الصمود أكثر من شهر.

2. مخاطر القروض وتعثر المصارف: اذا استمر انخفاض الدولار إلى دون 5000ليرة فسيؤدي ذلك إلى تعثر معظم الشركات المقترضة في سداد التزاماتها وبالتالي يهدد بقائها وبقاء الشركات المتعاملة معها ومما يؤدي ايضاً إلى موجة تعثر مصرفي كبيرة، ستبدأ للأسف من المصارف السورية ذات الأهمية النظامية المحلية المرتفعة D-SIBs لأن غالبيتها تمتلك محافظ تمويلية أعلى نسبياً من غيرها وبنفس الوقت تعاني من مخاطر سابقة كبيرة ولم يتم فرض أية هوامش سابقاً لحمايتها كما هو معمول به في معظم دول العالم ثم قد تمتد إلى باقي القطاعات الاقتصادية.

الدكتور علاء صالحاني

3. انعدام الثقة المصرفية: السياسات السابقة تضعف ثقة المودعين والمستثمرين في القطاع المصرفي ويوجه للتعامل النقدي وما لذلك من اثار كبيرة سيئة على جميع المستويات. كما ان الثقة التي يمكن بناؤها بسنوات تهدم بفترة صغيرة.

ويرى الصالحاني أن الوصول إلى سعر صرف بين 14,000 و16,000 مع زيادة الرواتب بشكل نوعي وتمكين السحب من المصارف، أفضل من تراجع السعر إلى ما دون 10,000 مع ركود اقتصادي حاد، فالمطلوب هو سياسات تضمن استقرار الأسواق دون التضحية بالنشاط الاقتصادي.

واختتم الصالحاني دراسته التي نشرها على صفحته الشخصية في منصة فيسبوك بالتحذير من أن استمرار هذه السياسات دون ضخ سيولة كافية، فإن التحسن الحالي في الليرة سيكون مؤقتًا، وسيتبعه تراجع كبير بمجرد عودة الطلب على الدولار وتمكن قطاع الأعمال من سحب أمواله -خصوصاً إن لم تصل مساعدات كبيرة- لذلك، تحتاج السياسة النقدية إلى تحقيق توازن حقيقي بين استقرار الليرة واستدامة النشاط الاقتصادي.
ويأمل الصالحاني أن تشهد المرحلة الجديدة بداية لانفراج اقتصادي حقيقي عبر إصلاحات مالية ونقدية تدعم الاستقرار وتعيد الثقة في الاقتصاد السوري، التي كانت معدومة في زمن النظام السابق.