توافق تغذيه قضية الهجرة.. هل يقود اليمين وSD السويد؟

: 4/16/21, 6:01 PM
Updated: 4/23/21, 9:11 AM
Foto: Henrik Montgomery / TT
Foto: Henrik Montgomery / TT

سيناريوهات تشكيل حكومة برجوازية بالتعاون مع اليمين المتطرف

الكومبس – تقارير: يتزايد الحراك السياسي في السويد سخونة مع محاولة تشكيل تحالفات جديدة. الكتلتان التقليديتان لليمين واليسار لم تعودا قادرتين على الحسم، هذا ما أثبتته الانتخابات الماضية على الأقل.

نجح الاشتراكيون الديمقراطيون (S) بعد 2018 في الالتقاء مع الوسط (C) والليبراليين (L) في منتصف الطريق، فكان اتفاق يناير الذي أنتج حكومة عابرة للكتل. غير أن الليبراليين خسروا كثيراً من ناخبيهم في نهاية المطاف، حسب استطلاعات الرأي. الأمر الذي دفعهم إلى العودة لقاعدتهم البرجوازية التقليلدية، حيث رأوا في التقارب مع السوسيال سبباً لتدهور شعبيتهم.

على الطرف الآخر يبدو أن المحافظين (M) والمسيحيين الديمقراطيين (KD) يريدون تكرار تجربة الاشتراكيين: اتفاق ينتج حكومة، لكن هذه المرة يقودها أولف كريسترشون، وطرفها الآخر ليس أحزاباً من الكتلة الأخرى، بل الحزب الذي كان معزولاً في البرلمان، ديمقراطيو السويد (SD).

لم يعد الحديث عن التقارب مع SD مجرد حديث. حسم المحافظون والمسيحيون أمرهم. ولحقهم الليبراليون الذين ما زالت ساحتهم تشهد نقاشاً رغم تصويت إدارة الحزب لصالح العمل على تشكيل حكومة يمينية حتى لو تطلب ذلك التعاون مع SD.

القضايا التي كانت محل خلاف كبير، صارت عنواناً للتوافق، وأهمها الهجرة ومكافحة العصابات.

لكن هل يستطيع المحافظون والمسيحيون وديمقراطيو السويد تشكيل حكومة في السويد بعد الانتخابات المقبلة؟ وكيف سيكون شكلها؟ وما الدور الذي يمكن أن يلعبه حزب صغير كالليبراليين في نجاح ذلك؟

مجموعة من السيناريوهات ونقاط الالتقاء،كما يراها ثلاثة أساتذة جامعيين في العلوم السياسية ضليعون في السياسة السويدية.

1- المشاركة في الحكومة من عدمها

في آخر استطلاع للرأي أجراه مركز ديموسكوب لصالح أفتونبلادت حصل المحافظون والمسيحيون الديمقراطيون وديمقراطيو السويد مجتمعين على 47.2 بالمئة من أصوات الناخبين. ومن شأن حصول الأحزاب الثلاثة على أغلبية بعد الانتخابات المقبلة أن يجعل الأمور أسهل بكثير، لكن إذا تجاوز الليبراليون عتبة الـ4 بالمئة المطلوبة لدخول البرلمان، فإن مقاعدهم ستكون مهمة أيضاً، لأن الحزب فتح مؤخرا الباب أمام التعاون SD.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوميو يوهان هيلستروم لصحيفة أفتونبلادت، إن النقطة الحاسمة هي ما إذا كان SD سيطلب مناصب وزارية.

ويستبعد رئيس حزب المحافظين أولف كريسترشون حتى الآن تشكيل حكومة مع ديمقراطيي السويد، غير أن يوهان هيلستروم يعتقد بعدم وجود أي مشكلة في ذلك.

ويؤكد ذلك ما صرح به رئيس ديمقراطيي السويد جيمي أوكيسون من أن المناصب الوزراية لا تهمه كثيراً بل إن التأثير على السياسة هو الأمر الأكثر أهمية.

وعلى الأغلب فإن SD لا يريد الجلوس في الحكومة. وقد يستلهم تجربه “شقيقه” حزب الشعب الدنماركي حين كان أكبر من حزب Venstre ومع ذلك كان خارج الحكومة ومؤثراً عليها.

ويعتقد يوهان هيلستروم أن مصدر إلهام SD على وجه التحديد هو حزب الشعب الدنماركي، وليس حزب Fremskritt اليميني الشعبوي في النرويج، الذي شارك على العكس من ذلك في الحكومة.

وأوضح هيلستروم أن “حزب الشعب الدنماركي اكتسب نفوذاً هائلاً في بقائه خارج الحكومة وكان تأثير ذلك جيداً نسبياً في الرأي العام وفي الانتخابات، في حين حصل العكس مع الحزب النرويجي”.

ووافقه الرأي أستاذ العلوم السياسية في جامعة Mittuniversitetet نيكلاس بولين، معتبراً أنه قد يكون من الجذاب لـSD البقاء خارج الحكومة. فهذا يعطيه نفوذاً كبيراً ويخفف عنه تحمل المسؤوليات عن بعض السياسات التي لا يفضلها.

حزب Sannfinnländarna الفنلندي مثال آخر على حقيقة أن السلطة الحكومية يمكن أن تكلف الأحزاب الشعبوية القومية كثيراً. فبعد أن دخل الحكومة في العام 2015، كانت النتيجة أن الحزب انقسم إلى قسمين.

ومع ذلك فإن تجربة حزب الشعب الدنماركي ليست قصة نجاح أيضاً، حسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة ستوكهولم يان تيوريل، ففي الانتخابات الأخيرة في العام 2019، انخفضت شعبية الحزب من 21.1 بالمئة إلى 8.7 بالمئة.

وأضاف تيوريل “الدرس الذي يمكن أن يأخذه SD هو أنه في مرحلة عليه أن يجرؤ على خطوة دخول الحكومة حتى لو كانت محفوفة بالمخاطر”.

2- الاتفاق في القضايا

لا يرى نيكلاس بولين أي عقبات موضوعية رئيسة تحول دون تمكن M وKD وSD من التوصل إلى اتفاق.

وأوضح “إن ما قاله الناس قبل عدة سنوات بأن الأحزاب الثلاثة لا تستطيع أبداً التعاون في الهجرة والاندماج، أصبح يشار إليه الآن باعتباره مجالاً للتوافق. وفيما يتعلق بالقانون والنظام وسياسة الطاقة، يبدو أن الأحزاب تريد تغيير السياسة في الاتجاه نفسه. فلا توجد مشاكل كبير تحول دون الاتفاق”.

وأضاف “توجد اختلافات في وجهات النظر حول الاتحاد الأوروبي وبعض القضايا الاقتصادية. لكن هذه قضايا لا تعتبر مهمة لدرجة أن تعرقل التعاون. الهجرة والقانون والنظام هي أولويات SD، وهم سعداء الآن للحصول على تأثير سياسي في هذه المجالات”.

وقال هيلستروم “عندما يتعلق الأمر بالهجرة وقضايا الاندماج. من السهل التوصل إلى اتفاق اليوم عما كان عليه الأمر قبل بضع سنوات”.

3- عاملان رئيسان في المفاوضات

يلفت يان تيوريل إلى أمرين يعتبرهما حاسمين في المفاوضات بين الأحزاب الثلاثة، الأول أن تعرف الحدود المؤلمة للآخرين التي يجب التوقف عندها، وإلى أي مدى هم مستعدون للتنازل. وأحزاب التحالف السابقة، في رأيه، تملك خبرة كبيرة في ذلك وفي تأجيل القضايا غير المتفق عليها أو التي لا تستحق أن تطرح.

والثاني هو كيف تثق في الطرف الآخر؟ حيث كان ذلك أصعب شيء بالنسبة لأحزاب اتفاق يناير، فكان السؤال كيف يمكن للوسط والليبراليين أن يثقا بأن الاشتراكيين لن يتراجعوا عن الاتفاقات حين التنفيذ، ولذلك كان هناك جدول زمني واضح في اتفاق يناير. وهذا بالضبط ما سيواجه SD أيضاً”.

فيما قال يوهان هيلستروم إن SD يتمتع بميزة في المفاوضات، فهو أقل الخاسرين إذا فشلت محاولات تشكيل حكومة يمينية.

وأضاف “من الواضح ان الحزب لديه استراتيجية طويلة الأمد لتغيير السياسة السويدية. وأعتقد بأنه سيواصل تقديم نفسه كحزب معارض حتى لو أصبح حزباً داعماً للحكومة. لذلك فإنه ليس لديه ما يخسره في حال عدم التوصل لاتفاق”.

وتابع “لا يريد SD أن ينتهي به المطاف حيث انتهى الأمر بحزب اليسار، سجيناً على اليسار، حيث يمكنه فقط اختيار دعم حكومة حمراء خضراء أو الموافقة على سياسة بعيدة عن مبادئه”.

4- الحزب الصغير قد يكون حاسماً

ربما لن تكون المفاوضات بين SD وKD و M هي الحاسمة، حسب ما يرى نيكلاس بولين فمن المفارقات أن الحزب الأصغر، الليبراليين، قد يلعب الدور الحاسم إذا حقق نسبة الـ4 بالمئة المطلوبة لدخول البرلمان. ويضيف “قال الليبراليون إنهم يريدون دعم حكومة كريسترشون، ولا أعتقد بأن موقفهم تجاه مشاركة SD في الحكومة منقوش في الصخر، تبدو سياستهم براغماتية أكثر من أي وقت مضى، وما قالوه حتى الآن قد يكون التنازل الأول فقط، وقد يكون هناك المزيد في المستقبل. حيث سيكون لهم دور مهم في الشكل الذي تنتهي فيها المفاوضات، وهنا قد تكون مطالب SD بمناصب وزارية عاملاً حاسماً”.

في حين قال هيلستروم “إذا قبل SD أن يكون حزباً داعماً فقط، فإن الأمر سيستغرق مفاوضات طويلة للتوصل الى اتفاق. لكن إذا كان SD في الحكومة، فأجد من الصعب على الليبراليين التعاون معه، سيكون هذا حساساً جدا داخل الحزب وبالنسبة لكثير من ناخبيه”.

وأضاف “في الفترة التي سبقت انتخابات 2018، أراد الليبراليون تصوير أنفسهم على أنهم ضد الشعبوية اليمينية وخصوصاً SD. وبالأساس لدى الليبراليين سياسة ليبرالية لا تتوافق استراتيجياً مع كثير من مواقف الحزب المسيحي الديمقراطي. وأرى أن الليبراليين بعيدون عن خط الأحزاب الثلاثة”.

5- الخيار النووي

لن تكون نتائج انتخابات الليبراليين وحدها المهمة لمعرفة إمكانية وكيفية تشكيل حكومة يمينية. حيث سيلعب حجم حزبي الوسط والليبراليين دوراً مؤثراً على الموقف التفاوضي لـSD. فإذا حصلت أحزاب التحالف السابقة (المحافظين والليبراليين والمسيحيين والوسط) على كتلة انتخابية أكبر من الاشتراكيين والبيئة واليسار، فسيمكنهم تشكيل حكومة دون دعم SD ما دام الأخير لا يصوت لصالح ميزانية الاشتراكيين.

وقال تيوريل “إذا أقرت حكومة كريسترشون الميزانية بمساعدة الليبراليين والوسط فسيفقد SD القدرة على المساومة، لكن إذا حدث ذلك، فإن الحزب لديه دائماً خيار القنبلة النووية وهو التصويت ضد كل شيء، والضغط من أجل إجراء انتخابات جديدة”.

وأضاف “بالطبع، إنها ورقة يمكنهم لعبها. لكنها لعبة خطيرة يمكن أن ترتد عليهم سلبياً”.

تبقى كل السيناريوهات مفتوحة، فلا أحد يمكنه بدقة توقع نتيجة الانتخابات في السويد، حيث يراقب الرأي العام كل صغيرة وكبيرة في مواقف الأحزاب والسياسيين ويبني مواقفه عليها. لكن من الواضح أيضاً أن المعركة الانتخابية بدأت مبكراً، وأنها ستكون غير مسبوقة بعد دخول اليمين المتطرف على خط التحالفات في السياسة السويدية. وستشهد الـ16 شهراً المقبلة تعبيراً عن صراع سياسي في الظاهر لكنه يخفي تحته صراعاً عميقاً حول القيم التي يجب أن تحكم في المجتمع السويدي.

Source: www.aftonbladet.se

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.