المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس
ما هو الابتزاز العاطفي وما أنواعه وطرق استخدامه وكيف نتصدى له؟
الكومبس – رأي: نشرت صحيفة أفتونبلادت مقابلة مع أحد الأشخاص المتزوجين أوصلته زوجته خلال 25 سنه من العلاقة الزوجية إلى الغرق بالقروض المالية والمديونية المالية، القصة تبدو لافتة، حيث تكون المرأة عادة هي الضحية في معظم العلاقات الزوجية.
من خلال الاطلاع على هذه القصة، وقصص مماثلة، يمكن أن نضع ما حصل مع هذا الشخص تحت ما يسمى بحالة الابتزاز العاطفي، مع أن الصورة النمطية للابتزاز العاطفي بين الزوجين قد تكون أيضاً ضمن استغلال الرجل لعواطف زوجته، كما هو متداول في قسم كبير من العلاقات، ولكن هناك حالات تكون فيها الصورة بالعكس حيث المرأة هي من يبتز الرجل عاطفيا.
ما هو الابتزاز العاطفي؟
يعرف الابتزاز العاطفي بأنه شكل من أشكال التلاعب النفسي، يستخدم فيه الشخص المشاعر والعواطف للتأثير على شخص آخر واستغلاله. يحدث الابتزاز العاطفي عندما يقوم أحد الأطراف بتهديد الآخر أو تأنيبه أو تحميله المسؤولية بطريقة تشعره بالذنب والخوف أو بالمسؤولية عن سعادته الشخصية. تشمل أساليب الابتزاز العاطفي الشائعة إشعار الطرف الآخر بالذنب، التهديدات الضمنية أو المباشرة، واستخدام الوعود الكاذبة للتلاعب بالمواقف.
مما لا شك فيه أن الإنسان يسعى في حياته إلى بناء علاقة دافئة ومستدامة ومتوازنة تعتمد على الاحترام المتبادل والقدرة على مواجهة تحديات الحياة مع شريك محب وداعم. غير أن بعض السلوكيات السلبية بدأت بالتسلل إلى هذه العلاقات، ما يهدد استقرارها وأمنها، مثل ظاهرة استغلال الزوجة لزوجها من خلال الابتزاز العاطفي.
تظهر هذه الظاهرة عندما تستخدم الزوجة التذمر المستمر وتضغط عليه بانتقاد وضعه المادي الضعيف، وتجعله يشعر بأنه مسؤول عن تلبية متطلبات العائلة مهما كلفه ذلك من جهد وتضحيات. تُطالب الزوجة بمزيد من المال والراحة، ما يدفع الرجل للعمل دون كلل أو راحة، وكأن دوره يقتصر فقط على توفير الأموال. أضف إلى ذلك محاولتها التحكم في علاقاته مع أصدقائه وعائلته، وفرض قيود على علاقته بأقربائه ووالديه، مما يعزله عن محيطه الطبيعي.
تسعى الزوجة في هذه الحالة إلى إخضاع الرجل لمزيد من الضغوط، فتخلق فيه شعوراً بعدم الكفاية وعدم الرضا، وتجعله رهينةً لرغباتها واحتياجاتها، حتى تصبح المقارنة مع رجال آخرين وسيلة لتحطيم ثقته بنفسه. قد يصل الأمر إلى إدخال الزوج في ديون وقروض تثقل حياته، ما يجعله يستسلم في نهاية المطاف للضعف.
وفي النهاية، تقدم الزوجة نفسها أمام المحيطين كضحية لهذه العلاقة الزوجية، محتسبةً وصابرةً من أجل الأطفال، بينما في الحقيقة تكون قد قضت على الرابط العاطفي تدريجياً. وحينما تكون قد استنفدت ما يمكنها الحصول عليه، تنسحب من العلاقة وتطلب الطلاق بالتراضي، ويجد الزوج نفسه في موقف الضحية، وقد خسر الكثير من جوانب حياته وشخصيته.
هل تشعر أنك تتعرض للابتزاز العاطفي من قبل شريك؟
الزواج مبني على أسس من المودة والرحمة والاحترام المتبادل بين الزوجين. ومع ذلك، يمكن أن تنشأ سلوكيات تهدد هذه القيم الأساسية، ومن أهمها الابتزاز. إن الابتزاز، بمختلف أنواعه، يعد تصرفاً مداناً وجريمة تؤثر سلباً على الأفراد والأسر، وتسبب مشكلات نفسية واجتماعية كبيرة. لذلك من الضروري زيادة الوعي بين الأزواج حول مخاطر الابتزاز وأهمية بناء العلاقة الزوجية على الثقة والتفاهم.
إذا كنت تعتقد أنك تتعرض لابتزاز في زواجك، فلا تتردد في طلب الدعم من مختصين مثل مستشار أسري أو محامي متخصص. في ما يلي نستعرض أنواع الابتزاز.
أنواع الابتزاز العاطفي
الابتزاز العاطفي غير المباشر
ليس من الضروري أن يحدث الابتزاز دائماً في جو مليء بالمشاحنات، ففي بعض الأحيان قد يتعرض أحد الزوجين للابتزاز العاطفي دون أن يدرك ذلك. يتمثل هذا النوع من الابتزاز في استغلال مشاعر الشريك والتلاعب بها لتحقيق مصالح معينة. قد يظن الشخص المستهدف أن هذه المعاملة طبيعية، ويجد نفسه يتقبلها دون إدراك أنها جزء من أسلوب السيطرة.
الابتزاز العاطفي المباشر
في هذا النوع من الابتزاز، تكون الأفعال أكثر وضوحاً وصراحة، وقد يلجأ الزوج إلى استخدام وسائل قانونية أو اجتماعية لإرغام زوجته على التنازل عن حقوقها.
أمثلة على الابتزاز المباشر: الاتهام بتهم مخلة بالشرف: في بعض الحالات، قد يتهم الزوج زوجته بتهم تهدد سمعتها أو ينقل حضانة الأطفال إليه.
أو الزوجة تتهمه بالخيانة والتقصير بحق الأسرة أو حتى تتهمه بالعنف ضدها أو ضد الأطفال. وتقوم بإبلاغ الخدمات الاجتماعية (السوسيال) والذي عادة ما يتفاعل بسرعة مع مثل هذه القضايا.
التلاعب بالصور والمحادثات الإلكترونية: يلجأ بعض الأزواج إلى تهديد الزوجة بنشر صور أو محادثات مفبركة إذا لم تتنازل عن حقوقها.
اتهام الزوجة بالإهمال: قد يتلاعب الزوج بالوضع القانوني من خلال اتهام الزوجة بالإهمال لتقييد حريتها وتحجيم حقوقها.
طرق استخدام الابتزاز العاطفي
التهديد: قد يستخدم الشريك أسلوب التهديد لإجبار الشريك الآخر على التنازل عن حقوقه. مثال على ذلك، تهديدات الزوجة بعدم تقديم الدعم المالي أو بحرمانها من بعض الامتيازات في حال رفضها الانصياع لرغباته.
استغلال نقاط الضعف: يلجأ الزوج أحياناً لاستغلال ضعف زوجته العاطفي أو حاجتها للدعم، لإجبارها على تقديم تنازلات مادية أو عاطفية، وقد يشكك في محبتها له إذا رفضت ذلك.
التحقير والإذلال: يعتمد بعض الأزواج أسلوب التحقير بإلقاء اللوم على الشريك والتقليل من قيمته أمام الأطفال والأقارب والأصدقاء، وإسناد نجاحات الشريك إلى ما قدمه الشريك الأول له، مما يؤثر على تقدير الشريك لذاته.
الترهيب: يعتمد بعض الازواج في بعض الحالات أسلوب التخويف والتهديد لإجبار الشريك على الامتثال، مثل تهديد الرجل لزوجته بالطلاق أو حرمانها من رؤية أبنائها.
أو تهديد الزوجة لزوجها بفضح أسراره في الضعف المادي أو الضعف الجنسي أمام الأهل والأصدقاء وكثيراً ما يستخدم أحد الشريكين وسيلة تجييش عواطف الأطفال ضد شريكه المقابل، بأن تشتكي الأم لأبنائها وبناتها من الظلم والإهمال والقسوة …إلخ الذي تتعرض له من أبوهم لتكسب عنصر القوة بالكثرة فيكون الأبناء والأم ضد الأب والعكس صحيح ينتقد الأب زوجته بغيابها أمام أولادها ويصف نقاط ضعفها، وكل من الطرفين يدعي التضحية من أجل الحفاظ على الأسرة.
عندما يصبح الحب مشروطاً ويُستغل للتلاعب والسيطرة، يتحول إلى نوع من الابتزاز العاطفي الذي يهدم الثقة.
كيفية التعامل مع الشريك الذي يمارس الابتزاز
التعامل مع الشريك الذي يستخدم الابتزاز كوسيلة للسيطرة قد يكون تحدياً صعباً، لكن هناك مجموعة من الاستراتيجيات التي تساعد على التعامل مع هذا الوضع بفعالية:
1. تقييم الوضع: من المهم تحليل الوضع بموضوعية ووضع خطة لإنهاء هذا السلوك غير السليم.
2. المحافظة على الثقة بالنفس: يجب أن يحافظ الشريك على ثقته بنفسه وألا يسمح للشريك الآخر بالتحكم والاستغلال وفرض الرأي وانتقاص وكسر الذات.
3. وضع حدود شخصية: من الضروري وضع حدود واضحة وصريحة لعدم التجاوز اللفظي وعدم السماح بالمقارنة أو أخذ دور الآخر في التربية وبناء القرارات الأسرية.
4. التواصل الفعّال: من المفيد أن يحاول الشريك التحدث بصراحة مع الشريك الاخر وتوضيح وجهة نظرهما للوصول إلى حلول مرضية للطرفين.
5. البحث عن دعم خارجي: الاستعانة بمستشارين متخصصين للحصول على المشورة والدعم. والابتعاد عن ردود الافعال العاطفية وإقحام المقربين الأم والأب والاخ والاخت في الخلافات الأسرية.
6. الحفاظ على السلامة النفسية والجسدية: من الضروري الحفاظ على الصحة النفسية والجسدية وتجنب الضغوط المفرطة التي قد تؤثر سلباً عليها.
في الختام، الزواج هو علاقة مبنية على التعاون والاحترام، وإذا كان أحد الطرفين يلجأ إلى الابتزاز لتحقيق أهداف شخصية، فإن هذا يعكس خللاً يتطلب تدخلاً وتعاوناً لإيجاد حلول تضمن استمرار العلاقة بشكل صحي ومستقر.
فاروق الدباغ
مستشار السلوك المعرفي