الكومبس – تحقيقات: لو كان حدث هذا في بلد فقير، لما كان يستغرب أحد، لكن أن يتم وضع امرأة في السويد في المرحاض(التواليت)، بعد الانتهاء من عملية جراحية لها، يصعب تصديقه!
هذا ما حدث بالفعل لسيدة سورية بعد العملية الجراحية التي خضعت لها، باستئصال عنق الرحم، في مستشفى مدينة سودرتاليا (Södertälje)، جنوب ستوكهولم في 3 كانون الثاني/ يناير 2019، كما تؤكد لقطات الفيديو التي أرسلتها الى الكومبس.
نعم حدث هذا،
وقضت السيدة ليلة كاملة في المرحاض. لماذا حدث ذلك؟ وكيف؟
تقول السيدة
التي جاءت الى السويد من حلب في العام 2013 وهي أم لبنتين وصبي: ” كنت أعاني من
مشكلة في عنق الرحم، وبعد فترة انتظار لمدة شهرين، جاء دوري في اجراء العملية
الجراحية بمستشفى المدينة، وبالفعل خضعت للعملية التي استمرت 3
ساعات، تحت التخدير العام.
وعندما فقت من
تأثير المخدر، وجدت نفسي في الممر جانب المطبخ، وليس في صالة أو الجناح الذي يوضع
به الأشخاص الذين يستفيقون من العمليات الجراحية.
وعندما انتهى
تأثير المخدر نسبيّاً شعرت بصداع كبير، من الضوضاء ومرور الناس القادمين لزيارة
مرضاهم من جانب سريري، وأنا في حالة يرثى لها من الألم والصداع، فطلبت من إحدى
الممرضات، وضعي في مكان آخر هادئ أو في غرفة او صالة فيها هدوء، فقالت لي بكل
وضوح، لا يوجد لنا مكان آخر غير هذا، سنعطيك المسكنات حتى يخف الألم، لكنني بدأت
بالبكاء من شدة الألم والإهمال، وطلبت السماح لي بالخروج من المستشفى والذهاب الى
البيت لكن المستشفى رفض ذلك كليّا!!
وعندما أصريت
أنا على عدم البقاء في هذا المكان، قالت لي الممرضة سوف ننقلك الى المرحاض!!؟
صُدمت من
جوابها، ولم استوعب في البداية ما قالته لي، ولكن بالفعل حدث هذا، وقضيت ليلة
كاملة في المرحاض، في تلك الغرفة التي تتجمع فيها كما هو معلوم، أكبر نسبة بكتريا.
وفي اليوم
التالي، نقلت من جديد الى الممر، حتى جاء الطبيب لمعاينتي، ورويت له ما حدث، فقال
لي أنا لا أتدخل في الأمور الإدارية للمستشفى، فطلبت منه السماح لي بالخروج من
المستشفى، فوافق على ذلك.
وبعد أن تقدمت
بشكوى ضد المستشفى جاء الجواب بعد شهر في اتصال تلفوني، اعتذروا مني وقالوا إنهم
يعملون كل شيء من أجل تحسين الخدمة في المستشفى.
يا للسخرية! هل يحدث هذا معي لأنني أجنبية؟

انخفاض قياسي في عدد أسرّة المستشفيات السويدية
لا شك أن المستشفيات السويدية تعاني
من مشكلة الأماكن، حيث ذكرت أرقام رسميّة أن عدد الأسرّة، ويقصد به المكان الذي
يوضع به المريض، انخفض بنسبة 3,3 ٪ خلال الفترة الممتدة من عام 2015 ولغاية 2016،
فقط، وهو ما استمر في السنوات التي تلت ذلك، ويعتبر هذا المعدل أكبر انخفاض منذ
حوالي عشر سنوات.
وذكر موقع Läkartidningen أن الإحصاءات السنوية التي تصدرها هيئة الأقاليم
والمحافظات السويدية
SKL منذ نحو عشرة
أعوام، تبين أن عدد الأسرّة في مستشفيات البلاد هو في انخفاض سنوي، سواء بالنسبة
للأرقام أو بالنسبة لعدد السكان. ولكن منذ حوالي عام 2008 تقريباً لم يكن هذا
الانخفاض كبيراً مثلما هو عليه الحال خلال العام 2016 .
ووفقاً لأرقام أحدث الإحصاءات فقد
فقدت مستشفيات البلاد حوالي 645 سرير علاجي، أي ما يعادل 3,3 ٪ .
وقالت رئيسة اتحاد الأطباء السويدي Heidi Stensmyren إن هذه الأرقام مخيفة، فعلى الرغم من أن هناك إجماع واسع
إلى حد ما في السويد أن هناك عدد قليل جداً من أسرّة المستشفيات، إلا أن العدد
يواصل في الانخفاض.
وأوضحت أن الحل الأفضل يكمن في توسيع
قاعدة التوظيف في المستشفيات وتوظيف المزيد من الممرضين ومساعدي التمريض بحيث يصبح
هناك المزيد من الأيادي العاملة. ولكن يوجد حاجة أيضاً لتوظيف المزيد من العاملين
في المستوصفات ومراكز الرعاية الصحية الأولية وذلك بهدف أن تأخذ الجزء الأكبر من
المرضى وتخفيف الضغط على المستشفيات.
بدوره اعتبر مدير قسم الرعاية الصحية
في هيئة الأقاليم والمحافظات السويدية
Hans Karlsson إن هذه
النسبة 3,3 ٪ ليس مفاجئة، مبيناً أن هذا الأمر يرجع جزئياً إلى استمرار
تحويل المرضى لمراكز الرعاية الصحية، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على الموظفين.
وتعاني مجالس المحافظات السويدية منذ
سنوات عديدة من حل مشكلة نقص عدد الممرضين في مراكز الرعاية الصحية المتخصصة،
لاسيما وأن بيئة العمل السيئة تقود الكثيرين إلى إنهاء أو تقليص ساعات عملهم مما
يؤدي إلى خلق مشاكل عديدة.
ودعا Karlsson إلى ضرورة العمل بنشاط أكبر “لاسيما وأننا لم ننجح
في هذا المجال بعد، وقد يشمل هذا الأمر إدخال الخريجين الجدد وضرورة تحسين ظروف
العمل”.
وتؤدي مشكلة نقص أماكن العلاج إلى
حدوث عواقب سلبية تتمثل بسلامة المرضى ونوعية العلاج وضمان حصول المريض على
الرعاية الطبية اللازمة.

المستشفيات السويدية تعاني من أزمة في أعداد الممرضين
معروف أن المستشفيات السويدية تعاني
خلال فصل الصيف خصوصا، من نقص شديد في أعداد الممرضين، بسبب الإجازات الصيفية
الطويلة التي يأخذها الموظفون في هذا الوقت من السنة.
وأدى النقص في موظفي الرعاية الصحية
خلال هذا الموسم 2019، الى إجبار الممرضين على العمل لساعات طويلة
جداً، خلال اليوم الواحد.
وحذّرت جمعية الرعاية الصحية السويدية
من ذلك، وقالت إنه “أمر بالغ السوء ويهدد سلامة المرضى وكذلك صحة العاملين في مجال
التمريض عموما”.
وتقول سينيفيا ريبيرو من الجمعية، إن
الكثير من الممرضات يضطررن الى العمل الإضافي الذي يزيد الضغط عليهن ويهدد جودة
العمل وتقديم الرعاية الصحية.
ويقول الخبير في النوم وأستاذ علم
النفس في جامعة ستوكهولم ومعهد كارولينسكا السويدي Torbjörn Åkerstedt إن هناك علاقة بين خطر وقوع الحوادث
وطول مدة العمل. فبعد حوالي ثماني ساعات يبدأ خطر الحوادث في الازدياد ثم يزداد
بشكل ملحوظ بعد عشر ساعات.
وتلجأ بعض المقاطعات السويدية الى
مضاعفة رواتب الممرضين خلال فصل الصيف لجذبهم الى العمل في المستشفيات في محاولة
لحل جزء من الأزمة.

فيفيان مقدسي: أزمة نظام الرعاية الصحية في السويد “معقدة”
الكومبس تحدثت مع القيادية في الحزب
الاشتراكي الديمقراطي فيفيان مقدسي، التي كانت إحدى أعضاء اللجنة التي عينتها
الحكومة لإعادة النظر في مجمل نظام الرعاية الصحية في السويد، وقالت إن ما حدث
للسيدة المذكورة هو أمر غير مقبول بتاتا، ويتعين على السلطات الصحية التحقيق فيه.
وأضافت أن هذه المشكلة هي جزء من
مشكلة أكبر، تتصف بالتعقيد وتشمل نظام الرعاية الصحية في السويد، وهي قضية رأي عام
يتم مناقشتها في أعلى المستويات الحكومية، وكذلك في البرلمان.
ورداً على سؤال من الكومبس، حول ما
إذا كانت تعتقد أن قدوم أعداد كبيرة من المهاجرين الى السويد خلال السنوات القليلة
الماضية، كان له تأثير مباشر على “تدهور” تقديم الرعاية الصحية المناسبة
للمرضى، نفت مقدسي أن يكون له تأثير كبير، وعبّرت عن اعتقادها أن المشكلة أكبر من
ذلك بكثير.
وشدّدت على أن الحكومة تحاول تخصيص مبالغ كبيرة لتحسين نظام الرعاية الصحية، وهو ما فعلته في ميزانية العام المقبل 2020. (ستجري الكومبس لاحقاً لقاءات مع المسؤولين السياسيين والإداريين حول تكرار حوادث الأخطاء الطبية والقصور في نظام الرعاية الصحية).
قسم التحقيقات – الكومبس